ضغوط اليمين الإسرائيلي تهدد بإجهاض خطة ترامب لإنهاء حرب غزة

حكومة بنيامين نتنياهو تقترب من نهايتها لكن ذلك لا يعني انهيارها على الفور.
الاثنين 2025/10/06
نتنياهو تحت ضغط الحلفاء

القدس – تهدد ضغوط اليمين الإسرائيلي المتطرف، بالتزامن مع مشاورات القاهرة، بتقويض جهود الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء الحرب الدائرة في قطاع غزة منذ عامين.

ويتعرض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لانتقادات لاذعة من أعضاء في ائتلافه الحكومي من غلاة القوميين، وربما تجبر معارضتهم لخطة الرئيس الأميركي بشأن غزة نتنياهو على إجراء انتخابات مبكرة.

ووافق نتنياهو على خطة ترامب المكونة من 20 نقطة لإنهاء الحرب، والتي تدعو إلى نزع السلاح من قطاع غزة وتستبعد أيّ دور مستقبلي لحركة حماس في الحكم، رغم أنها تسمح ببقاء أعضائها إذا نبذوا العنف وسلموا أسلحتهم.

وتبنت حماس أيضا موقفا إيجابيا، إذ قبلت جزئيا خطة ترامب، قائلة إنها مستعدة للتفاوض على إطلاق سراح الرهائن وإنها ستكون جزءا من “إطار وطني فلسطيني جامع” في ما يتعلق بمناقشة مستقبل القطاع المدمر.

إيتمار بن غفير: لا يمكننا الموافقة على سيناريو يجري فيه إحياء المنظمة الإرهابية
إيتمار بن غفير: لا يمكننا الموافقة على سيناريو يجري فيه إحياء المنظمة الإرهابية

لكن فكرة أن حماس يمكن أن تظل موجودة، ناهيك عن أن تكون في وضع يسمح لها بمواصلة مناقشة خطة غزة بعد إطلاق سراح الرهائن، أثارت غضب شركاء نتنياهو في الائتلاف اليميني.

وقال وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير “لا يمكننا الموافقة تحت أيّ ظرف من الظروف على سيناريو يجري فيه إحياء المنظمة الإرهابية التي تسببت في أفدح كارثة تحل على دولة إسرائيل.”

وأضاف بن غفير في منشور على إكس “لن نكون شركاء في ذلك بأيّ حال من الأحوال” مهددا بالاستقالة من الحكومة.

وإذا استقر في قناعة وزراء اليمين المتطرف أن نتنياهو قدّم تنازلات أكثر من اللازم لإنهاء الحرب، فإن ائتلافه الحاكم، الذي يمثل أكثر الحكومات اليمينية تطرفا في تاريخ إسرائيل، يمكن أن ينهار قبل عام كامل من الانتخابات المقبلة المقررة في أكتوبر 2026.

لكن الإصرار أيضا على استمرار الحرب في قطاع غزة من شأنه أن يستعدي عائلات الرهائن الذين لا يزالون محتجزين في القطاع، ويمكن أن يزيد من نفور الإسرائيليين الذين سئموا الحرب وكذلك حلفاء إسرائيل في العالم.

ويمكن لاستمرار الصراع أيضا أن يقضي على الآمال الإسرائيلية في انضمام المزيد من الدول العربية والإسلامية مثل السعودية أو إندونيسيا إلى اتفاقيات إبراهيم، وهي مجموعة من الاتفاقيات المدعومة من الولايات المتحدة التي طبّعت العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية.

ويولي ترامب أولوية لتوسيع نطاق اتفاقيات إبراهيم في ظل سعي إدارته لتحقيق مصالحها الخاصة في الشرق الأوسط، إلا أن الرياض أوضحت أنها لن تطبّع العلاقات مع إسرائيل إلا بعد انتهاء حرب غزة وإتاحة مسار نحو إقامة دولة فلسطينية.

وكانت السعودية رعت مع فرنسا مؤخرا مؤتمرا لحل الدولتين في نيويورك، أعلن خلاله عدد من الدول الحليفة للولايات المتحدة اعترافه بدولة فلسطينية.

كما تقود الرياض حاليا تحالفا لدعم السلطة الفلسطينية ماليا، على أمل أن تتولى الأخيرة الإشراف مستقبلا على الضفة الغربية وقطاع غزة معا.

ودعا ترامب إسرائيل إلى وقف قصف القطاع لضمان نجاح المحادثات المتعلقة بخطة غزة، التي بدأت بمفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل وحماس في شرم الشيخ بمصر الاثنين لإطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين.

ويرى نتنياهو أن الإفراج عن الرهائن مقابل معتقلين فلسطينيين هو بداية الخطة. ومن بين 48 رهينة لا يزالون في غزة، يُعتقد أن 20 منهم فقط على قيد الحياة. وستركز المرحلة التالية على نزع سلاح حماس وجعل قطاع غزة خاليا من الأسلحة.

فكرة أن حماس يمكن أن تظل موجودة، ناهيك عن أن تكون في وضع يسمح لها بمواصلة مناقشة خطة غزة بعد إطلاق سراح الرهائن، أثارت غضب شركاء نتنياهو في الائتلاف اليميني

لكن وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش وصف وقف الهجمات في غزة يوم السبت بأنه “خطأ فادح.” وأضاف أن هذا سيؤدي مع مرور الوقت إلى الانتقاص من قوة موقف إسرائيل في سعيها لتحقيق أهدافها المتمثلة في تحرير الرهائن والقضاء على حماس ونزع السلاح من قطاع غزة.

ويضغط بن غفير وسموتريتش، اللذان يشغل حزباهما 13 مقعدا من أصل 120 في الكنيست، منذ فترة طويلة على نتنياهو من أجل السعي لتحقيق أهداف شاملة لكنها بعيدة المنال على ما يبدو في قطاع غزة. وإذا انسحب كلاهما من الحكومة، فمن المرجح أن يؤدي ذلك إلى إجراء انتخابات.

وقالت المتحدثة باسم الحكومة الإسرائيلية شوش بيدروشان للصحافيين الأحد إن الجيش أوقف ما وصفتها بأنها عمليات قصف معينة لكنه لم يوقف إطلاق النار. وأضافت أن الجيش سيواصل عملياته “لأغراض دفاعية.” ورغم دعوة ترامب لوقف القصف، فإن الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة أسفرت مطلع الأسبوع عن مقتل العشرات من الفلسطينيين.

ووصف نتنياهو الخطة بأنها جهد مشترك يساعد في تحقيق أهداف الحكومة، والتي تشمل استسلام حماس وبسط إسرائيل السيطرة الأمنية على قطاع غزة ومحيطه.

وتفتقر خطة ترامب إلى بعض التفاصيل مثل الإطار الزمني لنزع سلاح حماس. ومن المرجح أن تثير إشارة مبهمة إلى دولة فلسطينية غضب حلفاء نتنياهو من اليمين المتطرف.

وقال ميتشل باراك، وهو خبير إسرائيلي في استطلاعات الرأي عمل مع نتنياهو في تسعينات القرن الماضي، إنه يعتقد أن الحكومة تقترب من نهايتها لكنه أوضح أنه لا يتوقع انهيارها على الفور نظرا إلى دعم المعارضة لخطة ترامب، بينما لا يملك سموتريتش وبن غفير سوى خيارات محدودة بخلاف البقاء في صف نتنياهو.

وعرض زعيم المعارضة يائير لابيد دعم الحكومة لمنع انهيارها من أجل المضي قدما في خطة ترامب. وقال لابيد الأحد إن نتنياهو ربما يوافق على تحديد موعد للانتخابات مقترحا تقديم “ضمانات” ممن وصفهم بأنهم “شركاء متطرفون وغير مسؤولين” لرئيس الوزراء.

3