إشادة أميركية بمكانة المغرب كمركز إقليمي إستراتيجي للأعمال والصناعة
الرباط - سلط تقرير أميركي حول مناخ الاستثمار نشر هذا الأسبوع الضوء على المؤهلات الرئيسية وفرص الاستثمار التي تجعل المغرب “مركزا إقليميا إستراتيجيا للأعمال والصناعة.”
وركز تقرير وزارة الخارجية الأميركية على العديد من المحاور، أبرزها الاستثمار والسياسات الصناعية والقطاع المالي والمنظومة القانونية، واستعرض مختلف الفرص التي تزخر بها البلاد، خاصة في القطاعات الواعدة ذات القيمة المضافة العالية.
وقال معدو التقرير بعنوان سنة 2025 “يشجع المغرب ويسهل بشكل كبير الاستثمارات الأجنبية بفضل سياسات ماكرو-اقتصادية متينة ومرنة، وتحرير المبادلات التجارية، وحوافز الاستثمار والإصلاحات الهيكلية.”
ويتزامن صدور التقرير مع إعلان واشنطن أنها تشجع الاستثمارات الأميركية في الأقاليم الجنوبية، في سياق تأكيد اعترافها بسيادة المغرب على الصحراء، ولكونه من أبرز شركاء الولايات المتحدة اقتصادياً واستثمارياً في منطقة شمال أفريقيا.
ويشير التقرير إلى أن القطاعات الرئيسية بالبلاد تشمل بالخصوص الطاقات المتجددة وصناعات السيارات والطيران والنسيج والصناعة الغذائية.
كما استعرض المبادرات والمشاريع الكبرى التي يشهدها المغرب في مجال البنى التحتية وتنظيم الفعاليات الدولية الكبرى، مثل كأس العالم لكرة القدم 2030.
وتعمل مثل هذه التقارير الخاصة بمناخ الاستثمار على تحفيز الشركات الأميركية لتوجيه اهتمامها نحو البلدان التي تحظى بالاستقرار والضمانات القانونية والسياسية، من خلال معطيات محيّنة حول وضعية مناخ الاستثمار في مختلف البلدان ومنها المغرب.
وفي إطار استعداد البلد الدائم لفتح الأبواب للاستثمار الأميركي، لاحظ التقرير أن المغرب، الذي يوجد في تقاطع طرق بين أوروبا وأفريقيا جنوب الصحراء والشرق الأوسط، يتموقع كمركز مهم عبر استغلال موقعه الإستراتيجي واستقراره السياسي وبنيته التحتية.
والمغرب البلد الأفريقي الوحيد الذي أبرم اتفاقية للتجارة الحرة مع الولايات المتحدة، والتي تدعم أهدافه في التموقع كمنصة محورية إقليمية في المجالات المالية والتجارية.
ويقدم البلد العديد من الفرص للشركات الأميركية لتوطين الخدمات وإعادة تصدير السلع إلى أسواق أفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط.
ويرصد التقرير أيضا التعاون الوطيد بين حكومتي البلدين، الهادف إلى النهوض بالتجارة والاستثمارات، مسجلا، في هذا الصدد، أن المغرب ينفذ إستراتيجيات لتحفيز التوظيف وجذب الاستثمار الأجنبي وتعزيز الأداء والنهوض بالإنتاجية.
وتظهر المعطيات أن الولايات المتحدة أصبحت خلال السنوات الأخيرة أحد أبرز الشركاء الاستثماريين للمغرب، حيث تتصدر تدفقاتها الاستثمارات الأجنبية المباشرة في 2022 بأكثر من 761 مليون دولار، ما يعادل 30 في المئة من إجمالي الاستثمارات.
كما عرف حجم الاستثمارات ارتفاعا تدريجيا في 2024 و2025، ليصل إلى نحو 1.64 مليار دولار، وهو رقم يعزز مكانة المغرب كمركز جذب إقليمي لرؤوس الأموال.
وأرجع إدريس الفينة رئيس مركز المستقبل للتحليلات الإستراتيجية هذا التنويه الأميركي إلى كون المغرب يتميز مقارنة بالاقتصادات الأفريقية الأخرى بأنه يقدم تنوعًا أوسع في القطاعات وسياسة استباقية في ما يتعلق بالحوافز الضريبية.
وقال في تصريح لـ”العرب”، “تلعب جودة البنية التحتية، مثل ميناء طنجة المتوسط، واستقرار البلاد النسبي دورًا رئيسيًا في تعزيز جاذبيته للمستثمر الأميركي وغيره.”
وتوقع الفينة أن يستفيد المغرب من تدفق متزايد للمشاريع الخضراء، مدعومًا بالالتزامات الدولية في مجال المناخ والدور المتزايد للمغرب في سلاسل القيمة العالمية.
وأشار إلى أن تنفيذ سياسات رقمية جديدة لتسهيل الاستثمارات، تتماشى مع المعايير الدولية، قد يعزز هذه الديناميكية بشكل أكبر.
وفي تقرير سابق أكدت سفارة واشنطن بالرباط، أن المغرب “يعد بوابة حاسمة لازدهار أفريقيا بفضل استقراره الاقتصادي وبنيته التحتية واتفاقيات التبادل الحر التي أبرمها، وعلاقاته الدبلوماسية.”
وقالت “بذلك يتموضع (المغرب) كمنصة اقتصادية بالمنطقة، ما يوفر للشركات والمستثمرين معبر وصول مناسب إلى أسواق القارة المتنوعة والديناميكية.”
المعطيات تظهر أن الولايات المتحدة أصبحت خلال السنوات الأخيرة أحد أبرز الشركاء الاستثماريين للمغرب
وأكدت بريتاني روبنسون منسقة مبادرة “ازدهار أفريقيا” أن هذا البرنامج “يدرك الإمكانيات الواسعة للشركات الناشئة في المغرب.”
وأوضحت أن البرنامج يسعى إلى جلب صناديق رأس المال الاستثماري الأميركية، ونظرائها من شركات رأس المال الاستثماري الأفريقية، لمقابلة مجموعة مختارة من رواد الأعمال الأكثر موهبة في أفريقيا.
وقالت “من خلال ذلك تعقد الحكومة الأميركية شراكات مع الشركات والمستثمرين لتشجيع الصفقات و فرص السوق وتعزيز مناخ الأعمال والاستثمار.”
وفضلا عن مشاريع البنيات التحتية، سلط تقرير الخارجية الضوء على جهود الحكومة المغربية في القطاع الرقمي والتجارة.
وأشار إلى إطلاقها الإستراتيجية الرقمية 2030 في نوفمبر الماضي والرامية إلى تعزيز تموقع البلد كرائد في المجال الرقمي وتحفيز النمو الاقتصادي.
وتطمح هذه الإستراتيجية إلى توليد 240 ألف وظيفة وتدريب 100 ألف من الشباب سنويا في القطاع الرقمي.
وعلق الفينة على ذلك بالقول إن “المغرب نموذج لأفريقيا في دمج الاستثمارات الأجنبية ومنها الأميركية، ضمن إستراتيجية تنموية مستدامة ومتنوعة.”
ومع ذلك، للحفاظ على هذا المسار التصاعدي، “سيتعين عليه مواجهة عدة تحديات،” وفق الخبير، لاسيما في ما يتعلق بالتنافسية الإقليمية وتمويل المشاريع.
وأضاف “من خلال توجيه إستراتيجيته نحو الطاقات الخضراء والتزامه بالتنمية المستدامة، يؤكد المغرب دوره كركيزة اقتصادية وفاعل لا غنى عنه للمستثمرين الدوليين في أفريقيا.”