بهاء خيون لـ"العرب": الفن العراقي يحتاج منتجين يغامرون بمشاريع فنية جريئة

الانتماء إلى عائلة فنية مسؤولية ثقيلة وأسعى لأكون نجما عراقيا عربيا.
الثلاثاء 2025/09/30
فنان أثبت أن الفن لا يورّث بل تفرضه الموهبة

في حوار مع "العرب" يأخذنا الممثل العراقي بهاء خيون إلى زوايا مهمة من شخصيته على المستوى الإنساني والفني، يعيدنا إلى أسرته الفنية، علاقته بالمسرح أبي الفنون، ثم كيف دخل عالم التمثيل في التلفزيون والسينما، وكيف هو العراق في قلبه وأبرز طموحاته، وكيف يقيم المشهد الفني في العراق وخارجه.

عرفه الجمهور عبر الفن الرابع، فخشبة المسرح هي الفضاء الأول الذي احتضنه وصقل موهبته. هو القادم من عائلة فنية، عائلة نذرت عمرها للمسرح ولتكون بعضا من صوت الفن العراقي. تأخر قليلا لدخول عالم الدراما، حيث كانت أول تجاربه في العام 2014 مع مسلسل “سفينة سومر”، ثم غاب قليلا، وبعدها توالت أدواره في الدراما وبدأت تنتعش تدريجيا كما هو حال الدراما العراقية التي تشهد اليوم انتعاشة واضحة تراهن على النوع قبل الكم.

لا يخشى بهاء خيون أن ينوّع في اشتغالاته المسرحية، بل يخوض التجارب تلو الأخرى متحديا نفسه والآخرين، لإثبات اسمه كواحد من أهم الفنانين الشباب في بلاد الرافدين، ولكن أيضا ليردّ على من شكك ويشكك في موهبته، بتعلة أنه ابن شقيق الممثل الكبير عزيز خيون وأن دخوله للفن قد يكون بإيعاز منه أو من زوجته ورفيقته في الفن عواطف نعيم، وهو يخوض التجارب أيضا ليبرهن أن الفن لا يورّث بل إن الفنان الحقيقي يفرض اسمه بنفسه.

هو أيضا لا يخاف التجديد، فبعد المسرح والدراما والسينما، هو اليوم يخوض تجربة جديدة عبر بودكسات مختلف، يقوم على السخرية، لا يأتي بالضيف لمحاورته وإنما لتقمص محادثات بين مذيع قار (هو بهاء خيون) ونجوم الصدفة من ممثلين ومؤثرين ورياضيين وغيرهم، وهي فكرة تضع يدها على الداء الذي بات يفتك بالدول العربية.

مسؤولية كبيرة

◄ بقائي في العراق وما عشته على المستوى الشخصي والمهني طورني أكثر وجعلني أتحرك في منطقة فنية تغنيني عن الهجرة

 “لا يمكن أن أنكر أن انتمائي إلى عائلة فنية خدمني ودعمني فنيا جدا، لكنه وضعني في محل مسؤولية وأحيانا ظلمني،” هكذا يقول بهاء خيون لـ”العرب”، ويوضح “ما خدمني بالفعل هو أنني تتلمذت على يد عزيز خيون الفنان الذي يمتلك خبرة كبيرة وتجربة فنية مهمة، كذلك على يد زوجته ورفيقته فنيا عواطف نعيم، وأيضا الدكتورة إقبال نعيم رحمها الله، لكن هذه الأسماء هي ككل الأسماء المنتجة والفاعلة على مستوى العالم، تحارب دائما من أناس جالسين وينتظرون الفرص أن تأتي لأحضانهم.”

ويضيف “كان يقال إنني لن أعمل إلا مع عائلتي الفنية، لأنني مدعوم منهم، لكنني خضت تجارب مع آخرين وأثبت جدارتي، ومن بينهم دكتور صميم حسب الله. آذاني بعض الكلام الذي قيل عني، وكيف ينسى البعض موهبتي ويتذكر أنني فقط ابن أخ عزيز خيون.”

ويؤكد أن “ما لا يعرفه الناس أيضا هو أن القادم من عائلة فنية يحمل على عاتقه مسؤولية أكبر من أيّ فنان غيره، مسؤولية ثقيلة جدا فهو محاسب على أيّ نجاح أو فشل، سواء كان مهنيا أو حتى على المستوى الشخصي، ويكون دائما تحت الضوء والتقييم.”

لكنه يقول أيضا “أعتبر نفسي محظوظا مقارنة بأبناء جيلي أو الأكبر مني قليلا والأصغر مني قليلا، لأنني أنتمي إلى عائلة فنية إنتاجها المسرحي مستمر، إن لم يكن بشكل نصف سنوي، هي بشكل سنوي، وأنا موجود في أغلب هذه الإنتاجات، إلى جانب أن المسرح العراقي دائم الحضور في مهرجانات عربية وعالمية وحركة الإنتاج فيه أكبر من الدراما والسينما.”

المسرح بيتي

عن سبب اشتغاله في المسرح أكثر من غيره من فنون التمثيل، يقول بهاء “حين بدأت تجربتي الاحترافية في المسرح عام 2008، أغلب الأعمال الدرامية العراقية كانت تنتج خارج العراق، تحديدا في سوريا، تقريبا حتى العام 2012، ولم تراودني فكرة الخروج والعمل بسوريا، كنت مأخوذا بالمسرح، بجو الفن الرابع، وأحب العمل فيه، فالمسرح بيتي الأول الذي جعلني أقوى وصقل موهبتي. وفي العام 2014، رُشّحت من أحد الأصدقاء لمسلسل ‘سفينة سومر’ الذي يحكي قصة من أهوار العراق في سبعينات القرن الماضي.. ورغم بساطة العمل وصغر مساحة الشخصية إلا أن الدور الذي لعبته لاقى استحسان الكثيرين، وقد تقمصت دور أستاذ عراقي انتدب لتدريس اللغة العربية في الجزائر.”

ويتابع “بعد أربعة أعوام، ومنذ انفتاح العراق على إنتاج مسلسلات درامية، صرت أشارك سنويا في أعمال متنوعة، لكن طوال هذه الفترة بالنسبة إليّ أفضّل المسرح. في بداية دخولي التمثيل التلفزيوني، كنت أشعر بالغربة.. الآن صارت لدي قدرة استيعاب أكبر للأماكن واختلاف أجوائها، ربما يعود ذلك إلى المرحلة العمرية الحالية ومستوى الوعي الذي جعلني قادرا على التكيف مع أجواء العمل الذي أشارك فيه.”

◄ "ليلة السقوط".. شخصية جهادي أدخلتني الدراما العربية

و”ليلة السقوط” الذي عرض عام 2023، كان أول عمل درامي عربي يشارك فيه بهاء خيون، ويقول عنه “هذا العمل العربي، وضعني أمام ممثلين كبار مثل النجمين طارق لطفي وأحمد صيام اللذين يمتلكان خبرة طويلة في التعامل مع الكاميرا، ولديهما ملكة التعامل مع الفضاء الدرامي الذي يبدو لديهما كأنه بيت يتحرك فيه الممثل بأريحية، سعدت بتلك المشاركة وحظيت بإشادة منهما بمستوى الموهبة.”

ويوضح “لقد اشتغلت في أنماط المسرح المختلفة، من مسرح الطفل إلى مسرح الكبار، وعلى مسارح مختلفة وجماهير متنوعة، وهذا منحني خبرة لم أتوقع امتلاكها، عززها اختلاف الأسئلة التي يطرحها علينا الجمهور متنوع الثقافات بعد العروض، كل هذه عوامل تجعل الممثل قادرا أكثر على الفهم وتأخذه نحو مساحات أكثر وضوحا.”

ويقول “المسرح لم يغادرني ولم أغادره، حاليا أعمل على تجربة جديدة مع دكتور صميم حسب الله. المسرح يمنح الممثل أدوات، مساند كما أسميها، يستند عليها الممثل، حيث يتعامل فيه مع الجمهور بشكل مباشر في مساحة زمنية ومكانية لا تحتمل الخطأ، لذلك يحتاج من الممثل أن يكون واعيا ومدركا لطرق تلافي الخطأ وتصحيحه بسرعة، لذلك أرى أن الممثل المسرحي الذي يجرب عوالم فنية أخرى يبدو قويا وقادرا، لأنه كان في منطقة أقوى.”

ويضيف “المسرح هو المنطقة الأقوى، صحيح أن السينما والتلفزيون مساحات اشتغال فني قوية أيضا، لكن المسرح فضاء مختلف. في بداية اشتغالي في السينما والتلفزيون مثلا، شعرت بمشكلة كبيرة، في حين أن المسرح به استرسال على مستوى المشاعر، أنت تدخل عرضا مسرحيا، طالما ظل قائما فمشاعرك متواصلة ومتصلة بالشخصية التي تلعبها، لكن في التلفزيون هناك تكرار للمشاهد بسبب أخطاء في الزاوية أو أيّ خطأ تقني أو بشري، بعضها تكون مشاهد مشحونة عاطفيا جدا، تتطلب من الممثل تكيفا حتى يتقمص الحالة مرات ومرات.. لا أستطيع أن أقدم المشاعر ذاتها في كل مرة، المشاهدون قد لا يدركون صعوبة الأمر فهم يرون المشهد بشكله الجميل والنهائي، لكن بالنسبة إليّ ربما تضيع حركة خاطئة للكاميرا مشاعر أكثر صدقا من التي عرضت في شكلها النهائي.”

ويتابع “في مسلسل ‘غيد’، مثلا، لعبت دور رجل متدين يرى الأمور من زاوية واحدة، شخص غير مرن في التعامل مع التفكير الديني، رجل يصر على موقفه حتى أنه أرغم زوجته التي تعاني مرضا مزمنا في القلب على إجراء عملية وإنجاب طفل رغم علمه المسبق بأن ذلك قد يتسبب في وفاتها، أنجبت له زوجته طفلا وتوفيت، فشعر الرجل بالندم، وطلب منّي تصوير مشهد حزين ومؤثر خلال مشهد جنازتها. كان المشهد مؤلما وصعبا جدا، فأنا رجل لا يحزن بطريقة معلنة وشديدة الانفعال أمام الناس، استحضرت ذاكرتي الانفعالية واستحضرت رحيل أقرب الناس إليّ، فبكيت حتى قبل أن يبدأ المخرج تصوير المشهد، وكان المشهد واقعيا وحقيقيا وصادقا جدا.”

ويقول إن “هذا المشهد ترك أثره في حالتي النفسية لأيام، سبقه مشهد إعلان وفاة الزوجة بالمسلسل، سبب لي ألما كبيرا إلى درجة أن المخرج أوقف التصوير. ومن المساوئ التي يعيشها الممثل أنه يكون مضطرا أن يعيش أشياء وأن يستحضر أشياء عاشها، أشياء يكبتها ربما، لكن هذا السوء هو أيضا له جانب إيجابي، فهو يحرر الممثل من شحنة العواطف المخزنة في ذاكرته.”

◄ ما لا يعرفه الناس أيضا هو أن القادم من عائلة فنية يحمل على عاتقه مسؤولية أكبر من أيّ فنان غيره، مسؤولية ثقيلة جدا فهو محاسب على أيّ نجاح أو فشل

ويضيف “في السينما، كانت لي تجربة ضمن إطار كلية الفنون الجميلة، ضمن فيلم يتكلم عن الحرب ضد داعش، ولدي تجربة حديثة مع مخرجين إيرانيين يشرف عليهم المخرج الإيراني مجيد مجيد.”

تحدي اللهجة

في حين يعتبر التمثيل بلهجات عربية متنوعة تحديا كبيرا للممثلين الحالمين بنجومية عربية، يقول بهاء خيون إن “التمثيل بلهجة غير اللهجة العراقية ليس مشكلة بالنسبة إليّ، من الممكن أن أتعلم لهجة بسرعة، أظن أنني لو ركزت في أيّ لهجة عربية لفترة فمن الممكن أن أتعلم الحديث بها.”

ويشرح “مثلا اللهجة المصرية كلنا سمعناها ووصلتنا منذ عقود بفضل المسلسلات والأفلام والبرامج التلفزيونية، لذا أعتقد أن أيّ ممثل غير مصري لو ركز فيها قليلا لتكلمها بسهولة. أما اللهجة التونسية مثلا فتحتاج ربما تدريبا مكثفا، في حين أن اللهجة الخليجية قريبة جدا من اللهجة العراقية. وبخصوص اللهجات العراقية المختلفة، جربت العمل باللهجة الجنوبية ‘البيضاء’ وليست اللهجة الجنوبية بعمقها، فالعمق صعب، وأنا أعتقد أن هذا الأمر موجود في كل الدول، وكلما تقدمنا بالزمن كلما فقدنا مصطلحات واكتسبنا مصطلحات جديدة في كل اللهجات باختلاف أنواعها.”

سألناه هل مررت بفترة فكرت فيها بالهجرة خارج العراق جراء الوضع الاقتصادي والسياسي؟ فقال “كانت أمامي فرصة مهمة في 2008، شاركت في مهرجان مسرحي بألمانيا، حين وصلت أوروبا صدمت بالحياة الهادئة والمستقرة ونمط الحياة هناك، مقارنة بما كنا نعيشه من اضطرابات أمنية، لكنني لم أجرؤ على الاستقرار هناك، تفاصيل حياتي بكل ما فيها في بغداد أحلى وأجمل، شعرت أن خطوة المغادرة لم تحن بعد، ومازالت أمامي فرصة، وبأن من رزقني فرصة السفر وأنا في بداياتي، قادر على أن يمنحني فرصا أخرى وربما تكون أكبر وأهم.”

وتابع “شاركت أيضا بعرض في مهرجان أفينيون الفرنسي الشهير، كان عرضا على الهامش، ولم تغرني فرنسا أيضا بالبقاء.. مع الوقت اكتشف أنني أمتلك قدرة كبيرة على التأقلم والعيش في أيّ مكان طالما توفّرت لي فيه وسائل الحياة الطبيعية. أحيانا أقول لو قبلت فرص البقاء في أوروبا لكان أفضل، لكنني أعود إلى فكرة أؤمن بها جدا، نحن أناس نختار طرقنا في الحياة لكن للقدر كلمته في أحيان كثيرة، فهي توجهنا للأفضل الذي يهيئه الله لنا.”

ويقول “بقائي في العراق والأحداث التي عشتها خلال السنوات الماضية على المستوى الشخصي والمهني طورني أكثر وجعلني أتحرك في منطقة فنية تغنيني عن فكرة الهجرة.”

وبسؤاله عن مدى قدرة الفنان العراقي اليوم أن ينافس على المستوى العربي؟ يؤكد خيون أن ذلك ممكن “بدليل لو عدنا إلى ثمانينات القرن الماضي، فالعراق كان له حضور عربي مهم على مستوى السينما والتلفزيون وحتى على مستوى دوبلاج أفلام الكرتون، حينها كان الدوبلاج يتم في الكويت أو بيروت، ثم في التسعينات برز نجوم عراقيون في مسلسلات مثل مسلسل ‘عمر’ وأبرزهم جواد الشكرجي وعلاء حسين رشيد.. ولو تكلمنا عن المسلسل الخليجي ‘دفعة بيروت’ الذي عرض 2020 كان حضور الممثل العراقي الشاب ذو الفقار خضر بارزا في هذا العمل.”

◄ أنا موجود في أغلب هذه الإنتاجات، إلى جانب أن المسرح العراقي دائم الحضور في مهرجانات عربية وعالمية وحركة الإنتاج فيه أكبر من الدراما والسينما

ويضيف “لو تكلمنا عن عزيز خيون، كانت بصمته كبيرة ومختلفة في مسلسل ‘غرابيب سود’ الذي تكلم عن تنظيم داعش. واليوم لدينا قدرات ومواهب مهمة وكبيرة، لو وفرت لهم الفرص العربية ستكون لهم نجومية وإشعاع مهم جدا، على مستوى الممثلين وأيضا الكوادر الفنية.”

ويشرح “لم أنقطع منذ 5 أعوام عن العمل في التلفزيون والمسرح جنبا إلى جنب، لذلك أعرف تقريبا كل الخبايا ومن يمكن أن يطور نفسه ومن لديه القدرة على أن يتكيف مع المساحات الفنية الجديدة، حتى لو تكلمت عن نفسي، أطمح للمشاركة في تجربة عربية، لكن تجربة تنتج خارج العراق، فالإنتاج داخل العراق حتى وإن كان متحركا ونشطا لكنه لا يلبي طموح الفنان العراقي على مستوى الأجر، إنه مقيد دون تقييد، مثلا القناة العراقية أنتجت عددا من الأعمال مؤخرا وكان بإمكانها اختصارها بأن تنتج عددا أقل بالتمويل ذاته المخصص لعدد أكبر، حينها يخرج العمل أضخم ومن صياغة ورشة كتابة مهمة ويحظى فيه الممثل بالتقييم المادي الذي يستحقه، حينها كان المشروع الدرامي سيكون أكبر ويمكن تسويقه عربيا.”

ويؤكد أنه “لو بقينا نفكر في أعمال تنتج وتعرض في الفضائيات العراقية فلن نصل إلى الجمهور العربي.”

أرفض هذا الدور تحديدا

في تقييمه لمسيرته حتى الآن يقول بهاء لـ”العرب”: “بدأت أكتسب نجومية في العراق، وبالاستمرار في العمل قد أصبح نجما مهما داخل العراق، لكنني أطمح أيضا أن أكون نجما عراقيا عربيا، نجوميتي داخل بلدي مهمة جدا لكن ما الذي يمنعنا في أن نفكر في الإشعاع العربي؟ إلى جانب ذلك العراق يمتلك مواضيع مهمة يمكن أن تكون ترند لسنوات طويلة. لدينا بطولات نسائية وبطولات لشباب ضد الأنظمة الجهادية يمكن تصويرها دراميا، ولدينا قصص إنسانية مهمة يمكن أن تحقق رواجا لدى الجمهور العربي.”

ويرى أنه “إلى الآن لا تمتلك الدراما العراقية منتجعا مغامرا، يمتلك رؤية فنية، ينتج الفكرة دون أن يخاف، لدينا منتجون يتفقون مع شركات فنية تصور لهم الأعمال وهم يعرضونها على قنواتهم التلفزيونية، هكذا تسير الأمور. ولا ننكر وجود جهود من البعض لإنتاج مشاريع فنية جدية.”

وكما ذكرنا سابقا فبهاء خيون ممثل ينوع في اختيار أدواره، ولا يأبه بمساحة الدور طالما كان خادما لمسيرته الفنية، وفي سؤالنا له عن أكثر دور يحلم بتقديمه والدور الذي لن يقدمه لو عرض عليه، يجيب “أحلم بتقديم شخصية شعبية لكن مرت بظروف تخلق منها بطلا وجوديا مكافحا، بطلا على مستوى التحديات، أما الدور الذي من الصعب أن أقبل بتجسيده، ربما يكون تقمص دور شخصية تاريخية يحوم حولها جدل وخلاف كبير.”

سألناه “ماذا لو طرح عليك أن تكون بطل مسلسل معاوية الذي عرض رمضان الماضي؟ بكل ما دار حوله من لغط ومن اتهامات بأنه انحاز إلى رواية على حساب أخرى، هل كنت تقبل البطولة مع كل إغراءاتها الفنية والمادية؟ فكان رده “لم أشاهد العمل حتى الآن، لكن لو تقدم شخصية معاوية بحقيقتها التاريخية سأشتغل، لكن لو يقدم للمسلمين برواية منقوصة فإنني لن أقبل بذلك، هذا ينطبق على كل الشخصيات التاريخية، لو تقدم بموضوعية وبتأريخ صحيح لها.”

وفي تقييمه لمدى اشتغال الفنانين في زمننا على تثقيف أنفسهم بالقراءة والاطلاع، يقول “أعتقد أن فئة قليلة من الفنانين في العراق وخارجه، هي التي تقرأ وتطور مستواها الثقافي، والسبب واحد، هو الغرق في عالم السوشيال ميديا، حتى الإنسان الطبيعي يمسك هاتفه لساعات فيفقد قدرته على إمساك كتاب لقراءته. شخصيا، بعد أن بلغت الأربعين، عمر الحكمة والنضج، أرى أن هناك كتبا عليّ قراءتها، بعضها قرأته في سنوات سابقة لكن فهمي لها سيكون اليوم أكبر، ارتفع وعيي بالأشياء، باستيعابها، أمتلك قدرة أكبر على احتواء نفسي والناس المحيطين بي على اختلافهم واختلاف وجودهم بحياتي، وكذلك احتواء الأحداث والأفكار.”

◄ لا يمكن أن أنكر أن انتمائي لعائلة فنية خدمني ودعمني فنيا جدا، لكنه وضعني في محل مسؤولية وأحيانا ظلمني

 

9