يونس خورسي لـ"العرب": نُرسخ الوعي البيئي عبر السينما من أجل ثقافة مسؤولة

المهرجان الدولي للسينما والبيئة يسعى ليكون منصة للإبداع والتنمية.
الخميس 2025/10/09
مهرجان يتحدى الصعوبات

يؤكد مدير المهرجان الدولي للسينما والبيئة بسيدي وساي يونس خورسي في تصريحات لـ"العرب" أن الدورة السابعة من المهرجان التي تنعقد وسط صعوبات مادية كبيرة، تنفتح على البعد الدولي وتشجع الإبداع الشبابي بهدف تعزيز حضور البيئة في الشأن الثقافي وتعزيز ثقافة المسؤولية تجاه الأرض والدولة في صفوف المغاربة.

يشكّل الاهتمام بالأفلام والمهرجانات البيئية خطوة أساسية في ترسيخ الوعي الجماعي بقضايا المناخ، إذ يبرز دور السينما كوسيلة للتربية البيئية وتوجيه السلوك نحو حماية الموارد الطبيعية. ويأتي هذا التوجه منسجماً مع الجهود الوطنية التي يبذلها المغرب في مجال الطاقة النظيفة والتنمية المستدامة، إذ تحرص المهرجانات السينمائية على إدماج موضوع البيئة ضمن برامجها لتكريس ثقافة بيئية مسؤولة تربط بين الفن والوعي البيئي.

وفي هذا السياق كان لصحيفة “العرب” حوار مع مدير المهرجان الدولي للسينما والبيئة بإقليم شتوكة آيت باها، يونس خورسي الذي أكد أن المهرجان يمثل تظاهرة ثقافية وفنية رائدة تهدف إلى نشر الوعي البيئي وترسيخ قيم التنمية المستدامة من خلال توظيف الفن السابع كوسيلة للتعبير والتأثير.

وأشار إلى أن المهرجان يتميز بطابعه المتنقل بين مختلف جماعات الإقليم، إذ احتضنت جماعة ماسة الدورة الأولى، وجماعة بلفاع الدورة الثانية، فيما تُقام هذه الدورة بجماعة سيدي وساي نظرًا إلى موقعها المتميز داخل المنتزه الوطني سوس ماسة، الذي يُعتبر إرثًا بيئيًا غنيًا بتنوعه الطبيعي والحيواني والنباتي. ومن خلال العروض السينمائية، والورشات التكوينية، والندوات العلمية، يسعى المهرجان إلى جعل السينما فضاءً للتفكير في القضايا البيئية الراهنة، وتحفيز المجتمع المحلي، وخاصة فئة الشباب، على الانخراط الفعّال في حماية البيئة والمحافظة على هذا الموروث الطبيعي الثمين.

يونس خورسي الذي أكد أن المهرجان يمثل تظاهرة ثقافية وفنية رائدة تهدف إلى نشر الوعي البيئي وترسيخ قيم التنمية المستدامة
يونس خورسي: المهرجان يمثل تظاهرة ثقافية وفنية رائدة تهدف إلى نشر الوعي البيئي وترسيخ قيم التنمية المستدامة

وأوضح خورسي أن دورة هذه السنة تتميز بانفتاحها الواسع على البعد الدولي، من خلال عقد شراكات ثقافية مع مهرجانات عالمية مرموقة، من بينها المهرجان الدولي للفيلم بغرناطة في إسبانيا، ومهرجان غولدن فيني فيلم الدولي في جمهورية بلغاريا، إضافة إلى تنظيم مسابقة دولية للأفلام القصيرة السينمائية تحت إشراف لجنة تحكيم دولية يترأسها المخرج المغربي إدريس شويكة.

كما تعرف هذه الدورة تنظيم مسابقة ثانية لشباب إقليم شتوكة، وهي مبادرة فنية محلية تهدف إلى تشجيع الإبداع الشبابي وإبراز المواهب الصاعدة في المجال السينمائي. وبذلك تُشكل هذه الدورة محطة متميزة في مسار المهرجان باعتبارها جسرًا للتلاقي بين الفن والبيئة، وبين المحلي والدولي، خدمةً لقيم المواطنة البيئية والتنمية الثقافية المستدامة.

كما أشار إلى أن الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية تم اختيارها من قبل لجنة متخصصة، بعد الاطلاع على عدد كبير من الأعمال التي استقبلتها إدارة المهرجان في هذه الدورة السابعة. وقد وقع الاختيار على أحد عشر فيلماً متميزاً للانضمام إلى المسابقة الرسمية للمهرجان، مع مراعاة الجودة الفنية وثيمة البيئة التي تتناولها هذه الأعمال. وهذه الأفلام تمثل عدة دول، ما يعبر عن البعد الدولي والتنوع الثقافي والإبداعي للمهرجان.

وأبرز خورسي أن اختيار إسبانيا ضيفة شرف في هذه الدورة من المهرجان الدولي للسينما والبيئة جاء نظرًا إلى ما تتمتع به من بعد ثقافي وتاريخي عميق، إضافة إلى روابط الصداقة الممتدة مع المغرب. ويشير إلى أنه في إطار هذه الدورة سيتم توقيع اتفاقية شراكة بين مهرجان غرناطة الدولي للفيلم والمهرجان الدولي للسينما والبيئة لتعزيز التعاون الثقافي والفني، كما تتميز إسبانيا بإنتاج عدد كبير من الأعمال السينمائية التي تتناول القضايا البيئية، وهذا يضيف بعدًا مهمًا للبرنامج الفني للمهرجان.

وشدد على أن المهرجان يمنح شباب المنطقة فرصة لتطوير مهاراتهم السينمائية، ولقاء النجوم، والاستفادة من تجارب الخبراء، كما يساهم في التنشيط الاقتصادي المحلي وتعزيز السياحة ورفع الإشعاع الثقافي، وجذب المنتجين والمخرجين لتصوير أعمالهم، ليجعل المنطقة منصة للإبداع والتنمية.

وأوضح أن المهرجان الدولي للسينما والبيئة يرفع الوعي البيئي عبر عرض أفلام توعوية، وتنظيم نقاشات مع صناع الأفلام وخبراء البيئة، وتقديم نماذج لحلول مستدامة، وتشجيع مشاركة الشباب في إنتاج محتوى بيئي، ليجعل من السينما وسيلة فعالة لنشر الثقافة البيئية والتأثير في المجتمع.

اختيار إسبانيا ضيفة شرف في هذه الدورة جاء نظرًا إلى ما تتمتع به من بعد ثقافي وتاريخي عميق

وتطرق مدير المهرجان إلى أهم الصعوبات التي تواجه إدارة المهرجان التي قال إنها تتمثل في قلة الجهات الداعمة، رغم أن الإدارة تعمل بشكل دائم ومستمر، موضحا أن المهرجان لم يتلقَّ أيّ دعم من جهة سوس ماسة، التي عادةً ما تساهم في دعم المهرجانات، كما لم يحصل على دعم من المجلس الإقليمي لاشتوكة أيت باها، والذي لم يخصص أيّ ميزانية للقطاع الثقافي في الإقليم. إضافة إلى ذلك، يعاني المهرجان من ضعف البنيات التحتية الثقافية والفنية في مناطق سيدي وساي ماسة ودائرة بلفاع ماسة، وهذا يشكل عائقًا أمام تطوير الأنشطة والفعاليات الثقافية.

وأشار مدير المهرجان إلى أن الأنشطة الموجهة للجمهور العادي شملت عروض الأفلام المغربية في فقرة بانوراما، التي تتضمن عروضًا لأفلام مغربية متنوعة، مع تخصيص أحد الصباحات للأطفال لتعرض فيه أفلام مناسبة للصغار، بالإضافة إلى قافلة “سينما الدوار” التي تجوب مختلف دواوير المنطقة لإتاحة تجربة سينمائية للجميع.

وأكد أن من دواعي الفخر أن يشهد كل عام تزايد الإقبال والاهتمام بالمهرجان الدولي للسينما والبيئة، الذي أصبح منصة حقيقية للإبداع الفني والثقافي في المنطقة. وشدد خورسي على أن هذا المهرجان هو تجربة متكاملة تفتح آفاقا واسعة للشباب والمبدعين، وتمنحهم فرصة للتعلم واللقاء والانطلاق نحو العالمية. ويرى أن مستقبل هذا المهرجان سيكون أكثر إشراقا ونجاحا بفضل التزام فرق العمل، وشغف الجمهور، والدعم المؤسساتي، إذ تضيف كل دورة صفحة جديدة من الإنجازات، وتساهم في تعزيز الوعي البيئي، وتطوير الصناعة السينمائية، وخلق فرص اقتصادية وثقافية للشباب والمجتمع المحلي.

ويؤمن خورسي بأن رؤية مستقبل المهرجان المشرق لا تتحقق إلا بالإيمان بالإبداع والعمل المستمر، ومع كل تحدٍ، يرى فرصة للنمو والتطور، داعياً الجميع لجعل هذا المهرجان منارة للإبداع ورسالة واضحة بأن الفن والبيئة يمكن أن يسيرا جنباً إلى جنب لبناء مجتمع واعٍ ومثقف.

وتابع حديثه مع “العرب” بالتأكيد على أن الطريق نحو النجاح مفتوح أمام الجميع، وأن كل جهد يُبذل في خدمة المهرجان هو خطوة نحو تحقيق حلم كبير يهم كل شباب المنطقة ويضع المهرجان على خارطة المهرجانات العالمية. ودعا جميع عشاق السينما إلى الانضمام إلى هذه الدورة المميزة، إذ سيكتشف الجمهور روائع سينمائية تحمل رسائل بيئية هامة، ويستمتع بعروض أفلام مبتكرة تجمع بين الفن والوعي البيئي، مؤكداً أن المشاركة في هذه التجربة الثقافية والفنية الاستثنائية تتيح فرصة لقاء صناع السينما، ومتابعة الإنتاج السينمائي، والمشاركة في فعاليات مثرية تجمع بين الإبداع والمعرفة.

9