من مكتبة الإسكندرية.. جائزة "إي أند" لأدب الطفل العربي تواصل بناء الجسور بين الأجيال

الأردن ومصر والإمارات تهيمن على القائمة القصيرة للجائزة.
الثلاثاء 2025/10/14
هذه الدورة شهدت أكبر مشاركة في تاريخ الجائزة

ساهمت الجائزة الدولية لأدب الطفل العربي في تطوير هذا الأدب الذي يعد من أهم مفاتيح المستقبل، وتمكنت على امتداد دوراتها في إحداث نقلة نوعية في مستوى الكتابات الموجهة لمختلف الفئات العمرية المبكرة والناشئة، وهو ما تواصله في دورتها الجديدة.

شهدت مكتبة الإسكندرية الأحد، الثاني عشر من أكتوبر، إعلان القائمة القصيرة للدورة السابعة عشرة من الجائزة الدولية لأدب الطفل العربي، المقدمة من “إي أند” والمنظمة من قبل المجلس الإماراتي لكتب اليافعين. وقد ضمّت القائمة خمسةً وعشرين كتابًا توزعت على خمس فئات عمرية، خمسة كتب لكل فئة، في مشهد يعكس ثراء المشهد الإبداعي العربي وتنوعه.

تقدمت دور النشر الأردنية في القائمة بعشرة كتب، تلتها المصرية بسبعة، ثم الإماراتية بأربعة، فاللبنانية بثلاثة، وأخيرًا دار بحرينية واحدة بكتاب واحد. وتأتي هذه النتائج لتؤكد الحضور العربي الواسع في مجالات أدب الطفل واليافعين، وتكشف عن تزايد الاهتمام بهذا النوع الأدبي الذي يعيد تشكيل وعي الأجيال الجديدة.

محتوى متنوع

الجائزة تؤكد الحضور العربي الواسع في مجالات أدب الطفل واليافعين، وتكشف عن تزايد الاهتمام بهذا النوع الأدبي
الجائزة تؤكد الحضور العربي الواسع في مجالات أدب الطفل واليافعين، وتكشف عن تزايد الاهتمام بهذا النوع الأدبي

الجائزة التي عُرفت سابقًا باسم “جائزة اتصالات لأدب الطفل” منذ تأسيسها عام 2009، نجحت على مدار أعوامها في ترسيخ مكانتها كمرجعية ثقافية متخصصة في دعم ونشر كتاب الطفل العربي. ويعود هذا النجاح إلى الرؤية الثقافية للشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة مجلس إدارة هيئة الشارقة للكتاب، المؤسسة والرئيسة الفخرية للمجلس الإماراتي لكتب اليافعين، التي آمنت مبكرًا بأن أدب الطفل هو استثمار في المستقبل.

وشهدت هذه الدورة مشاركة قياسية بلغت407 أعمال من 22 دولة عربية، تقدّم بها 280  مؤلفًا و263  رسامًا و116 ناشرًا. أرقام تؤكد عمق الثقة التي تحظى بها الجائزة عربياً، وتدل على أن صناعة كتاب الطفل تشهد تطورًا نوعيًا يجمع بين رؤية الناشرين وطموحات الكتّاب والرسامين من جهة، وتوقعات القرّاء الصغار من جهة أخرى.

وجاءت فئة الطفولة المبكرة (من صفر إلى خمس سنوات) حافلة بكتب حملت عناوين دافئة ومليئة بالعاطفة، مثل “أبي يحب أمي” تأليف أمل ناصر ورسوم بولينا مورغان، الصادر عن مجموعة كلمات للنشر (الإمارات)، و”عندما أشعر بالملل” تأليف نور الهدى محمد ورسوم نورة الخليفة، و”وغدًا يوم آخر” تأليف داليا المنهل ميرزا ورسوم مايا مجدلاني، و”كيف أنام؟” تأليف أمل ناصر ورسوم سالي سمير، وجميعها من إصدارات دار كليلة ودمنة (الأردن)، إلى جانب “ماذا يوجد في قلبي؟” تأليف يمام خرتش ورسوم شيرين الصيرفي، والصادر عن دار الياسمين (الأردن).

أما فئة الكتاب المصوّر (من خمس إلى تسع سنوات)، فضمّت أعمالًا تناولت الخيال بعمق بصري لافت، منها “أين يختفي الفهد؟” تأليف أمل ناصر ورسوم نهى جمال (دار تنمية – مصر)، و”بوابة القدس الخفية” تأليف ابتسام بركات ورسوم شارلوت شاما، و”بيوت” تأليف نور الهدى محمد ورسوم سارة أوغولوتي، وهما من منشورات دار السلوى ناشرون (الأردن)، إلى جانب “ذكرى البيع” تأليف سارة عبدالله ورسوم نور حيدر (مجموعة كلمات – الإمارات)، و”وجهة نظر” تأليف عبير عادل أحمد ورسوم ظريف حيدر (دار الياسمين – الأردن).

وفي فئة كتاب الفصول (من تسع إلى اثنتي عشرة سنة) تنوعت الموضوعات بين الخيال والدراما والرسائل الإنسانية، وجاءت العناوين المختارة لتعكس نضج التجربة العربية في هذا المجال.

تضمنت الفئة “آخر بيضة في العالم” تأليف أمل ناصر ورسوم ندين عيسى (دار الياسمين – الأردن)، و”العالم من وجهة نظر دودة” تأليف د. محمد كجك ورسوم ندين عيسى (دار قُمرة – لبنان)، و”رسالة إلى” تأليف سلسبيل عربي ورسوم هادي فوزي (دار المستقبل للتعليم الإلكتروني والمطبوع – مصر)، و”غطسة” تأليف نور الهدى محمد ورسوم زينة المسيري (دار رحيق الكتب – مصر)، و”كاظم ودرية: خطبة أذن الفأر” تأليف نسمة شريف ورسوم سارة مرعي (دار العالية – الإمارات).

الجائزة نجحت في ترسيخ مكانتها كمرجعية ثقافية متخصصة في دعم ونشر كتاب الطفل العربي

وتجلت في فئة كتاب اليافعين (من 13 إلى 18 عامًا) أعمالٌ تتناول الهويات والأسئلة الكبرى بلغة أدبية عميقة. تضمنت القائمة “أبناء الظل” تأليف هالة عباس (عصير الكتب – مصر)، و”أبناء القمر” تأليف د. محمد كجك (دار قُمرة – لبنان)، و”أوراق حبيبة” تأليف هجرة الصاوي ورسوم ميادة مسعد، و”جابو 101″ تأليف رانيا بده ورسوم محمد الحمو (كلاهما من دار نهضة مصر للنشر)، و”السر” تأليف ميس داغر ورسوم فادي عطورة (دار أصالة – لبنان).

أما فئة الكتب غير الخيالية فقد قدّمت محتوى معرفيًا يستند إلى البحث والتجربة الواقعية، وجاءت ضمنها كتب “أنا” تأليف قيس صالح الحنطي ورسوم إسراء حيدري (دار السلوى ناشرون – الأردن)، و”الرحالة المصري” تأليف هبة عبد الجواز (عصير الكتب – مصر)، و”وعندما عانقت السماء” تأليف موزة آل مكتوم ورسوم رامي طنوس (مجموعة كلمات – الإمارات)، و”كواكب في الفضاء” تأليف مسرة طوقان ورسوم شيرين قطينة (دار كليلة ودمنة – الأردن)، و”لماذا تطير البالونات؟” تأليف آسيا أحمد اللاوي ورسوم شيرين أدهم مصطفى (مؤسسة النور التربوية – البحرين).

تصدرت دار كليلة ودمنة (الأردن) القائمة القصيرة بأربعة كتب، تلتها دار السلوى ناشرون (الأردن) بثلاثة، ثم دار الياسمين (الأردن) بثلاثة أخرى، ومجموعة كلمات (الإمارات) بثلاثة، في حين جاءت دار قُمرة (لبنان)، ودار نهضة مصر للنشر، ودار عصير الكتب (مصر) بكتابين لكل منها، إلى جانب عدد من الدور الأخرى التي شاركت بكتاب واحد مثل العالية، وتنمية، ورحيق الكتب، وأصالة، والمستقبل للتعليم، ومؤسسة النور البحرينية.

مفاتيح التغيير الثقافي

pp

في كلمته خلال المؤتمر الصحفي، أعرب الدكتور أحمد زايد، مدير مكتبة الإسكندرية، عن فخره باحتضان هذا الحدث قائلاً إن إعلان القائمة القصيرة من داخل المكتبة يضيف صفحة جديدة إلى سجلها العريق، ويعزز حضورها كجسر بين المعرفة والإبداع، مشددًا على أن أدب الطفل يمثل أحد أهم روافد الوعي الجمعي ومفتاحًا لبناء أجيال مثقفة.

أما محمد العميمي، المدير العام بالوكالة – الإمارات الشمالية في “إي أند الإمارات”، فأكد أن انعقاد المؤتمر في مكتبة الإسكندرية يبرهن على تجاوز الجائزة لحدودها المحلية، لتصبح جسرًا ثقافيًا عربيًا يربط الأجيال والبلدان.

 وقال إن رعاية “إي أند” لهذه الجائزة ليست مجرد مبادرة ثقافية، بل التزام مستمر بدعم المشاريع التي تستثمر في الإنسان والمعرفة، مشيرًا إلى أن “الثقافة والاتصال وجهان لعملة واحدة، وكما تربط شبكاتنا الناس ببعضهم، فإن الكتاب يربط القلوب والعقول.”

أدب الطفل العربي لم يعد مجرد مساحة ترفيهية للخيال بل أصبح ميدانًا حيًا للتعبير والفكر والتربية الجمالية

من جانبها، أكدت مروة العقروبي، رئيسة المجلس الإماراتي لكتب اليافعين، أن هذه الدورة شهدت أكبر مشاركة في تاريخ الجائزة، موضحة أن استقبال 407 أعمال من 22 دولة هو انعكاس مباشر للثقة المتزايدة بالجائزة، وللاتساع الملحوظ في دائرة الاهتمام بأدب الطفل العربي.

ويُعد الإعلان عن القائمة القصيرة محطة مهمة في مسيرة الجائزة، إذ تمهّد هذه المرحلة لإعلان أسماء الفائزين وتكريمهم ضمن فعاليات افتتاح معرض الشارقة الدولي للكتاب في الخامس من نوفمبر المقبل.

 وتبلغ القيمة الإجمالية للجائزة مليونًا ومئتي ألف درهم إماراتي، موزعة على الفئات الخمس، لتبقى الجائزة واحدة من أرفع الجوائز العربية المتخصصة في أدب الطفل واليافعين، ومؤشرًا على حيوية المشهد الثقافي العربي وقدرته على تجديد نفسه عبر أجياله الجديدة.

ويبدو أن هذه الدورة تؤكد مجددًا أن أدب الطفل العربي لم يعد مجرد مساحة ترفيهية للخيال، بل أصبح ميدانًا حيًا للتعبير والفكر والتربية الجمالية. فالأعمال المشاركة تكشف عن وعي متنامٍ لدى الكتّاب بأهمية الصورة واللغة كأدوات للتأثير في وعي الطفل، وعن إدراك أعمق بأن الأدب الموجَّه للصغار هو أحد أهم مفاتيح التغيير الثقافي في العالم العربي. إن ما شهدته مكتبة الإسكندرية لم يكن مجرد إعلان قائمة قصيرة، بل احتفاء متجدد بالطفولة كقيمة، وبالكتابة كجسرٍ يربط الحلم بالمعرفة.

8