معرض مكتبة الإسكندرية للكتاب يدحض مقولة أن الشباب لا يقرأ
نظمت مكتبة الإسكندرية الدورة العشرين من معرضها الدولي للكتاب والذي أقيم في الفترة الممتدة من 7 إلى 21 يوليو 2025، وذلك بالتعاون مع الهيئة المصرية العامة للكتاب واتحاد الناشرين المصريين والعرب. وترك هذا الحدث انطباعات كثيرة لدى زواره الذين يشتركون في رغبتهم في توسع المعرض بشكل أكبر والبناء على إيجابياته.
وسط حضور كثيف تجاوز 800 مشارك من صنّاع الثقافة والفكر والنشر، جاء معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب هذا العام كحدث يتجاوز كونه مجرد تظاهرة ثقافية، ليصبح مساحة مفتوحة للحوار بين أجيال وتخصصات متعددة. ومع تنوّع الأصوات الحاضرة، برزت الحاجة إلى التقاط نبض المعرض من داخله، عبر شهادات حيّة تسجل الانطباعات والتجارب والقراءات المختلفة لهذا الحدث المتجدّد.
في هذا المقال، نعرض خلاصات من شهادات عدد من المشاركين ممن شكّلوا جزءًا من هذا المشهد، ومن بينهم أسماء بارزة مثل محمد سلماوي، الكاتب والمفكر المعروف، ود. عمرو منير ود. محمد عفيفي، وهما من الأصوات الأكاديمية الأكثر حضورًا في الحقل التاريخي، إلى جانب الناشرين أحمد رشاد وأحمد القرملاوي، اللذين يمثلان رصدًا من قلب صناعة الكتاب، والصحافي الثقافي طارق الطاهر الذي يجمع بين التوثيق والرؤية. وتأتي بقية الشهادات لتستكمل هذه اللوحة المتعددة، حيث يشارك باحثون في السياسات الثقافية والدراسات التراثية، وكتّاب في أدب الطفل، وصحافيون، ونقّاد، وفنانون، ومختص في الإعلام الرقمي، في مزيج يعكس تنوّع الحضور واتساع زوايا الرؤية.
تطوير متواصل
يقول الكاتب المسرحي والروائي والمفكر المصري محمد سلماوي “قمت بزيارة إلى مكتبة الإسكندرية لحضور معرض الكتاب المقام بها، حيث وقّعت روايتي الجديدة ‘زهرة النار’ بجناح الدار المصرية اللبنانية، وشاركت في الندوة الرئيسية التي خصّصت لتكريم المثقف المغربي الراحل محمد بن عيسى، وأدارها الدكتور أحمد زايد بكفاءة وعمق. ما استوقفني حقًا هو ذلك الحراك الثقافي الذي تعجّ به أروقة المكتبة، من ندوات وعروض وورش وأمسيات، إلى أنشطة الأطفال التي لا تقل قيمة.

أما الزوار، فكانوا من كل الفئات، خاصة الشباب. التقيت طفلًا في الثانية عشرة، ووالدًا بسيطًا لم يعرف القراءة، لكنه يشتري الكتب لابنته العاشقة لها. هذه النماذج تُكذّب الصورة السطحية التي تروّج لتراجع القراءة.
ومن أبرز فعاليات المعرض، مسابقة القراءة الكبرى، التي شارك فيها ألفا شاب، وفاز بها مئة، حازوا جوائز مجزية، واستُضيفوا في الإسكندرية ليشاركوا ويتحاوروا مع المفكرين. إنها تجربة تُعيد الثقة في أجيال تقرأ وتتطلع، فقط إذا أُتيحت لها الفرصة”.
من ناحيته يبين الشاعر والمؤلف المسرحي فوزي خضر أن معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب هذا العام كان إضافة ملموسة إلى دوراته السابقة. يتضح ذلك لكل من زار معرض الدورات السابقة، حيث لن يخفى حجم الجهد الذي بذله القائمون على المعرض في سبيل تطوير مساحة العرض من ناحية، وتطوير الأنشطة الثقافية المصاحبة للمعرض.
ويضيف “نلمس بوضوح هذا التنوع الذي يشمل النواحي المختلفة للثقافة العربية، ولعل نظرة واحدة إلى برنامج الندوات المصاحب للمعرض تكفي للتأكيد على هذا التنوع الذي جمع كبار المفكرين والصفحات المتنوعة للثقافة، إضافة إلى مشاركة الشباب من المبدعين. كما كان إعلان جائزة القراءة وتوزيع الجوائز حافزا لجمهور القراء المستهدف في الأعوام القادمة”.
يقول د. عمرو منير، أستاذ التاريخ الإسلامي وتاريخ العصور الوسطى، “انتهى معرض الإسكندرية للكتاب لكن أثره الثقافي لا يزال حاضرًا في الذاكرة وما جرى في تلك الأيام القليلة لم يكن مجرد فعالية عابرة بل لحظة وعي حي وممارسة حقيقية للثقافة بكل ما تحمله من تنوع ودفء ولقاء. كان المعرض مساحة لاستعادة المعنى وسط الضجيج وجعل من المدينة منارة تتوهج بالكتب والكلمات والحوار”.
ويشدد على أن فريق العمل نجح، بقيادة د. محمد سليمان، القائم بأعمال نائب مدير المكتبة، وبمشاركة الكاتب محمد غنيمة مدير البرامج الثقافية، في تحويل هذه الفلسفة إلى واقع حي نابض، من خلال رؤية ثقافية منفتحة تستدعي المبدعين من الإسكندرية وسائر المحافظات، وتفتح المجال أمام المبادرات المستقلة، وتحتضن ندوات غير تقليدية تحوّلت أحيانًا إلى ورش ودوائر قراءة حرة.
ويضيف “في قلب هذا المشهد كان حضور الدكتور أحمد زايد مدير مكتبة الإسكندرية له أثر واضح، فقد أدار هذه السيمفونية الثقافية بحس أكاديمي ورؤية اجتماعية عميقة جمع فيها بين رعاية المؤسسة وحيوية الحركة الثقافية المستقلة، بين احترام التقاليد الثقافية وتشجيع التجريب والرؤى الجديدة. وجوده كان بمثابة رافعة معنوية وفكرية ضمنت للمعرض توازنه ومكانته وهيبته”.
ويعتبر د. محمد عفيفي، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة القاهرة، أن الإسكندرية العاصمة الثانية لمصر، وهي تاريخ طويل للثقافة والتبادل الحضاري، كما أنها نافذة مصر على البحر المتوسط. حتى إنه من شدة عشقه لها حين كتب كتابا عن شبرا، مكان ميلاده أسماه “شبرا، إسكندرية الصغيرة في القاهرة” وسبب التسمية هو توافق الظروف التاريخية والحضارية بين الإسكندرية وشبرا.
ويتابع “تُعَدُّ مكتبة الإسكندرية معلما رئيسا لاستدعاء تاريخ الإسكندرية في العالم القديم، ونحن فخورون بها لذلك دائما ما نذكرها مع كل الأصدقاء حول العالم لما لها من صدى كبير على الثقافة في العالم. وقد شاركت هذه المرة في المعرض ولاحظت تطورا كبيرا من حيث نسبة حضور الشباب على وجه الخصوص، كما كان ملحوظا زيادة عدد الناشرين المشاركين بهذه الدورة. وهناك إجماع على أن هذه الدورة هي دورة غير عادية من حيث التنظيم وكم المشاركات من المثقفين من الإسكندرية والقاهرة والأقاليم، لذا يستحق القائمون على هذه الدورة الشكر والثناء الكبير”.
يقول أحمد رشاد، الناشر والرئيس التنفيذي للدار المصرية اللبنانية، “نحرص في الدار المصرية اللبنانية على المشاركة الدائمة في معرض مكتبة الإسكندرية، لما يتميز به من تنظيم دقيق وبرنامج ثقافي متميز. هذا العام بدا لافتا لنا كناشرين أمران: الأول هو الإقبال الكبير والمتنوع من الجمهور، خاصة الشباب، مقارنة بالسنوات الماضية، والثاني هو ثراء البرنامج الثقافي وتنوعه الحقيقي”.
ويضيف “شاركنا بعدد من الفعاليات، منها حفلات توقيع لعدد من كتابنا البارزين مثل محمد سلماوي، إبراهيم عيسى، ونهى داوود، كما كانت لي مشاركة في ندوة مهمة عن الترجمة والملكية الفكرية”.
ويواصل رشاد “لاحظت هذا العام تغيّرًا في توجهات القراء؛ كتب الطفل عادت لتحتل مساحة بارزة، وأدب الجريمة يلقى رواجًا متزايدًا من فئات عمرية أكبر، بينما تراجع الإقبال على كتب التنمية الذاتية المترجمة، التي كانت متصدرة في الأعوام الأخيرة”.

رغم التحديات التي فرضتها ظروف تسعير الكتب، يؤكد رشاد أنهم حرصوا على تقديم خصومات كبيرة ليظل الكتاب في متناول القارئ. ويتمنى أن يشهد المعرض في الأعوام المقبلة توسعًا يتيح مشاركة أوسع للناشرين المصريين، كما يتطلع إلى تبني مشروع ترجمة مشترك بين المكتبة والناشرين، وإطلاق برنامج لحقوق الترجمة ضمن فعاليات المعرض.
أجواء ثقافية ثرية
من ناحيته يقول المدير التنفيذي لدار ديوان للنشر أحمد القرملاوي إن “معرض مكتبة الإسكندرية للكتاب 2025، هو أهم معرض كتاب مصري مع معرض القاهرة، وبشيء من الجهد يمكن أن يصبح معرضًا دوليًا آخر تقدمه مصر للقارئ والناشر المصري والعربي، يقبل عليه الناشرون العرب والأجانب من كل مكان، لأهمية عروس المتوسط وموقعها وتاريخها اللذين لا نظير لهما. ولعل أهم مميزات المعرض هو تنوع وكثافة جدول فعالياته الثقافية، ما اجتذب بعض القراء للحضور أكثر من مرة، بجانب تواجد كبار الناشرين المصريين“.
ويضيف “قد يكون من الأفضل أن يعاد النظر في ساعات المعرض الطويلة (12 ساعة) والامتناع عن تنظيم حفلات التوقيع داخل الأجنحة، ما يساهم في اجتذاب الجمهور لأماكن بيع الكتب والتعرف على الإصدارات الجديدة التي تقدمها دور النشر”.
وفي رأي الكاتب الصحفي ورئيس تحرير مجلة الثقافة الجديدة طارق الطاهر، فقد استطاع المعرض هذا العام، أن يقدم بحرفية، بانوراما كاشفة عن “الثقافة المصرية” على وجه الخصوص، والثقافة العربية بشكل عام، بمعنى أنه كثف من أنشطته، الكاشفة عن الاحتياجات الفكرية والفنية والثقافية، للمترددين على المعرض، بوضعه برامج هامة، منها احتفاليته الخاصة بمسابقة القراءة التي أطلقها منذ فترة، وأسفرت عن فوز نخبة من أبناء هذا الوطن، الذين يعشقون المعرفة، التي تعد هدفا من أهم أهداف مكتبة الإسكندرية، كما كان المعرض موفقا في اختياراته للشخصيات التي استضافها، والموضوعات التي ناقشها، وكذلك مساهمته في الاحتفال بخمسين عاما على رحيل سيدة الغناء العربي أم كلثوم، من خلال استضافة المكتبة لأرواح المدينة، الذي يقدمه الكاتب محمود التميمي، الذي استطاع أن يقدم بانوراما كاشفة لمسيرة أم كلثوم.
إجمالا المعرض، حسب الطاهر، قدم وجبة ثقافية متكاملة، تمكن من خلالها من جذب الجمهور المتعطش للثقافة والفنون الرفيعة.
يقول الشاعر والناقد د. محمد مخيمر “شاركتُ في معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب، وكانت تجربة ثقافية متميزة بكل المقاييس. حضرتُ عددًا كبيرًا من الفعاليات والندوات التي اتسمت بالتنوع، سواء من حيث الموضوعات أو المشاركين، مما أضفى على المعرض روحًا من الجِدة والانفتاح. تميزت الدورة هذا العام بحضور لافت لدور النشر التي قدّمت مجموعة غنية ومتنوعة من الكتب في الأدب والفكر والعلوم. كما لمسنا مجهودًا منظمًا من القائمين على المعرض، وخصوصًا المتطوعين من الشباب الذين لعبوا دورًا مهمًا في التنظيم والتيسير. وكان المعرض فرصة رائعة للقاء المبدعين، في أجواء ثقافية ثرية جعلت من الحدث موسمًا استثنائيًا للقراءة والتواصل”.
بدورها تقول كبير الباحثين في مكتبة الإسكندرية الكاتبة د. رضوى زكي “كانت مشاركتي هذا العام في معرض الإسكندرية الدولي للكتاب من خلال ندوة ثقافية ناقشت أحد الكتب التاريخية، وشهدت تفاعلًا كبيرًا من الحضور، ما أكد لي أن الحوار المعرفي لا يزال حيًّا ومؤثرًا”.
وتضيف “لفتني هذا العام تنوع البرنامج الثقافي وغناه، الذي تجاوز فكرة المعرض بوصفه ساحة لعرض الكتب، ليصبح مساحة حقيقية للقاء المثقفين والمبدعين من الإسكندرية والقاهرة ومحافظات أخرى، إلى جانب شخصيات عربية ودولية بارزة.
كما أسعدني الحضور اللافت للأنشطة الجماهيرية، خاصة الموجهة للأطفال والعائلات في ساحة البلازا، والعروض المتنوعة التي جمعت بين الفن والترفيه والمعرفة. ولا يمكن إغفال البرنامج العلمي في القبة السماوية، الذي قدّم للأطفال تجارب علمية تفاعلية ممتعة”.
في دورته العشرين، أكد المعرض، وفق زكي، مكانته كمناسبة شاملة تحتفي بالكتاب والثقافة والمعرفة. وكل التقدير لفريق مكتبة الإسكندرية على جهودهم في إخراج هذا الحدث بما يليق به.

وأشار أحمد عصمت، استشاري تكنولوجيا الإعلام والتحول الرقمي، إلى أن أكثر ما لفته في معرض هذا العام هو الإقبال الكبير من الأطفال وزيادة الجرعة المقدمة لهم، كما أشاد بتواجد جمهور من الشباب الصغار من طلاب المرحلة الإعدادية والثانوية، الذين كان تواجدهم في الفعاليات ومشاركتهم بالأسئلة والمناقشة محل ترحيب وثناء من المشاركين في البرنامج الثقافي. وأكد أن هذه الفئة العمرية تستحق اهتمامًا أكبر في الدورات المقبلة، من خلال تقديم فعاليات متنوعة تجذبهم كجمهور مهم وجديد لهذا البرنامج.
وعلى مستوى دور النشر، شهد المعرض مشاركة عدد كبير من الناشرين منهم ناشرون يشاركون لأول مرة، مع التأكيد على أهمية خفض أسعار الكتب أكثر لتكون في متناول كل المستويات. ولم ينس عصمت المتطوعين من الشباب المشاركين بتنظيم معرض الكتاب، وأن مجهودهم غير ملحوظ بشكل عام ولكنه يستحق الإشادة، كما توجه بالشكر للقيادات بالمكتبة والقائمين على المعرض لما بذلوه من جهد لتخرج هذه الدورة بهذا المستوى.
يقول محمد سيد ريان، الكاتب والباحث في السياسات الثقافية، “سعدت بالمشاركة بتقديم ندوة ‘السياسات الثقافية في مصر’ بصحبة أستاذنا الدكتور عماد أبوغازي، والحقيقة أن عنوان وموضوع الندوة لأول مرة يطرح تحت المسمى الأصلي له بدلا من المسميات المعتادة مثل ‘الإدارة الثقافية’ أو ‘تطوير المؤسسات الثقافية’ أو ‘تجديد الخطاب الثقافي’ وهي بادرة طيبة من مكتبة الإسكندرية بحماس متوقع من مؤسسة ثقافية تسعى دوما للتجديد والتطور وفق متطلبات العصر.
وقد شهدت الندوة مناقشات ثرية من الحضور من الأجيال المختلفة أثبتت مدى الوعي بأهمية وجود سياسة ثقافية واضحة للدولة المصرية؛ شكرا للمجهود الكبير المبذول من الدكتور أحمد زايد والدكتور محمد سليمان ومسؤول البرنامج الثقافي محمد غنيمة على التنسيق الجيد لقيام هذا الحدث الثقافي المهم للمدينة والمكتبة”.
أما الكاتبة الصحفية ومساعد رئيس تحرير جريدة “الأسبوع” جيهان حسين، والتي أدارت أحد لقاءات المعرض، فتقول “أحب أن أعبر عن سعادتي لإدارة جلسة قراءة ديوان ‘رقص ومغنى’، للشاعر الكبير فؤاد حداد، ضمن لقاءات ‘المقرأ خانة’ واستضفت خلال الندوة قرابة 15 شخصا بين شاعر وقاص ومحب للقراءات والشعر، من بينهم أصغر مشاركة اختتمت لتوها شهادة الثانوية العامة، اسمها حبيبة، وهي ابنة الشاعر والناقد الدكتور محمد مخيمر، وعدد من الحكواتية والأدباء”.
وتضيف “أتمنى استمرار جلسات ‘المقرأ خانة’، باعتبارها سلسلة ثقافية مهمة وحلقة وصل بين الأجيال الجديدة وتراثنا العربي بين شعر ورواية، وقد كنت حريصة على تنوع القصائد الملقاة داخل الندوة التي حضرها لفيف كبير من محبي الشعر بالإسكندرية، والتي نطق خلالها الشاعر بألسنة الناس، معبرا عن هموم الوطن وأحوال المهمشين والفلاحين والأميين، بدون تصنع أو تكلف، من داخل الحارة والمقاهي الشعبية، باعتباره فنانا شعبيا صوفيا ثائرا على الأحزان”.
وتؤكد مدير تحرير مجلة أكتوبر سلوى محمود على سعادتها بالمشاركة في الدورة العشرين لمعرض كتاب مكتبة الإسكندرية، “هذا الحدث الثقافي المميز الذي يزداد ثراءً وتأثيرا عاما بعد عام، والحقيقة أن المعرض هذا العام كان رائعا على كل المستويات سواء دور النشر التي شاركت أو النشاط الثقافي للمعرض، كما أُعجبت كثيرًا بالبرنامج الثقافي الغني والمتنوع للمعرض، الذي جمع نخبة من المفكرين والمبدعين وشرفت بإدارة ندوة حول ‘الحرب النفسية’ التي شهدت تفاعلا مميزا ونقاشات عميقة”.
وتتابع “من أبرز الفعاليات التي شدت انتباهي كانت فعالية ‘عايز منحة’، التي نظمتها الصديقة العزيزة د. منى لملوم، حيث أتاحت فرصة حقيقية للشباب للتعرف على منح التعليم والدراسة بالخارج. المشاركة في المعرض كانت تجربة ملهمة أعتز بها وأتطلع إلى المشاركة بها دائما وكان واضحا للعيان حجم المجهود غير العادي الذى بذل من فريق العمل الرائع بالمكتبة وعلى رأسهم د أحمد زايد ود،. محمد سليمان الجندي المجهول في المكتبة والأستاذ محمد غنيمة وكل الفريق، فكل الشكر لهم”.
بدوره يقول الكاتب والفنان أحمد بسيوني “اختتمت فعاليات معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب لنقف بإجلال أمام هذا الحدث الثقافي المضيء الذي جمع بين عقول عطشى للمعرفة وقلوب تؤمن بقوة الكلمة.. لقد كان المعرض أكثر من مجرد منصة لعرض الكتب بل كان فضاء رحبا للحوار والتبادل الثقافي لتعزيز الوعي والانفتاح على مختلف أطياف الفكر والإبداع”.

ويضيف “ما كان لهذا النجاح أن يتحقق لولا الجهود الاستثنائية التي بذلها القائمون على تنظيم المعرض. فبفضل رؤيتهم وإصرارهم وعملهم الدؤوب خرج المعرض بهذه الصورة الراقية التي تليق بهذا الصرح الثقافي الكبير؛ مكتبة الإسكندرية ورمزيتها الخالدة كمهد للنور والعلم منذ قرون. كل الشكر والتقدير للقائمين على هذا العرس الثقافي الكبير ولجميع من ساهم في هذا الإنجاز من مؤسسات وناشرين ومشاركين وزوار، الذين صنعوا معا لوحة ثقافية نابضة بالحياة، نأمل أن تبقى آثارها ممتدة في العقول والقلوب حتى نلتقي في دورات قادمة تحمل المزيد من الإبداع والمعرفة”.
أما عبده الزراع، وهو كاتب أطفال وباحث في ثقافة الطفل، فأشاد بتميز هذه الدورة من دورات معرض كتاب مكتبة الإسكندرية لأكثر من سبب، أولها: التنظيم المحكم والدقيق في الفعاليات والندوات لتكون بالتوازي وفي وقت واحد، حتى شغلت قاعات المكتبة كلها الفعاليات المختلفة والمتباينة، وهذا في رأيه، أعطى فرصة أكبر لرواد المعرض لاختيار ما يناسبهم من الفعاليات والندوات لحضورها، وسهّلت هذا الاختيار اللوحات الإعلانية الإلكترونية التي وضعت في بهو المكتبة لإرشاد الرواد بأسماء وصور المشاركين ومواعيدها.
ثانيا: كثرة دور النشر المشاركة في المعرض عن السنوات السابقة، مما أتاح للرواد اقتناء الكتب التي تناسبهم وتناسب أطفالهم. ثالثا: الإقبال غير المسبوق من أهالي الإسكندرية على فعاليات المعرض والحضور المشرف لها، وأيضا لشراء الكتب التي يحتاجون إليها.. كان المشهد رائعا ويدعو إلى البهجة حينما تجد الأسر تصطحب أطفالها لحضور الفعاليات والورش التي تناسبهم وتفيدهم. رابعا: تنوع الفعاليات والندوات لتشمل الندوات الفكرية، والثقافية، والفنية، وورش الأطفال، وندوات لمناقشة الروايات والقصص وكتب الأطفال.. للأمانة كان هناك زخم إبداعي وفني رائع وراق ولا ينكره سوى جاحد.
ويضيف “من ثم أشكر كل من ساهم في إقامة هذا العرس الثقافي الذي يضيف لعمق الثقافة المصرية.. شكرا للدكتور أحمد زايد مدير المكتبة، ودكتور محمد سليمان، ودكتور مدحت عيسى، واللجنة الثقافية وصديقي المبدع الكبير منير عتيبة، والصديق محمد غنيمة.. ودائما في نجاح وازدهار”.
تقول إيمان الشيمي، الكاتبة وأخصائي مكتبة الطفل، إن “في ظل ضيق وغضب مكتوم بسبب ما يحدث من تشويه حضاري لمدينة الإسكندرية الكوزموبوليتانية، جاء معرض الكتاب عزاء ونسمة صيف مرت مرور الكرام على العقل والقلب والروح، حيث كان تنوع البرنامج الثقافي سببا في أن يجد كل متلق غايته، كما كان البرنامج ثريا بما تضمنه من أنشطة ثقافية للأطفال اتسمت بالبهجة وبساطة الفكرة والطرح، مشاهد أولياء الأمور مع أطفالهم بين أروقة معرض الكتاب سواء في أجنحة دور النشر، أو في الندوات الثقافية. مشاهد تبعث على التفاؤل وتجعلنا ندرك مدى أهمية معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب الذي أرى أنه حقق هذا العام إنجازا متميزا في جذب الأطفال والناشئة للمشاركة والتفاعل. وهذا أكثر ما لفت نظري هذا العام لطبيعة عملي مع الأطفال في المسرح أو في ورش الكتابة”.
ويرى الكاتب والمترجم مصطفى زكي أن معرض الإسكندرية للكتاب جاء هذا العام في توقيت مثالي عقب انتهاء الامتحانات، فكان بمثابة احتفال ثقافي مفتوح استقطب جمهورا واسعا من مختلف الأعمار. تميّز بحسن التنظيم، وتنوّع كبير في الفعاليات ودور النشر، ما أتاح للزائرين اكتشاف عناوين جديدة والتفاعل مع مشهد ثقافي حي. الندوات جاءت ثرية ومتعددة، من قراءات شعرية ولقاءات أدبية، إلى ورش كتابة وندوات تاريخية وجلسات للكوميكس، مع استضافات أثرت الحوار وأتاحت تفاعلا مباشرا مع المبدعين.
ويقول “إلى جانب ثراء الفعاليات، بدا لافتا حضور العائلة في المشهد الثقافي، حيث لم يكن المعرض وجهة للمهتمين بالكتب فقط، بل مساحة حقيقية لتقاطع الأجيال. الأطفال شاركوا في ورش الرسم والحكي، والشباب وجدوا في ندوات الكتابة الإبداعية ما يلبي شغفهم، بينما أتيحت للكبار مساحات للنقاش حول قضايا فكرية مع نخبة من المثقفين. هذا التنوع خلق مناخا حيويا أعاد للكتاب وهجه وسط زخم شاشات المحمول، وجعل من المعرض مناسبة اجتماعية بقدر ما هي ثقافية، تؤكد أن الكتاب ما زال قادرا على أن يجمع الناس حوله ويمنحهم ما يثري عقولهم ويبهج أرواحهم”.