كبار التجار في دبي يواجهون حقيقة تباطؤ الطلب على الذهب

زخم مبيعات الذهب يواجه تحديات وتعديلات في القواعد التنظيمية داخل الهند.
الأربعاء 2025/09/10
الضبابية ستنقشع.. لا تقلقوا

يشهد سوق الذهب في دبي، أحد أبرز مراكز تجارة الذهب في العالم، تحولا لافتا مع تباطؤ واضح في وتيرة الطلب، فكبار التجار، الذين اعتادوا على نشاط تجاري مزدهر مدفوع بالسياحة والاستثمار، يجدون أنفسهم أمام واقع جديد يتطلب التأقلم وإعادة التقييم.

دبي - يستفيد مجموعة من روّاد الأعمال الهنود من الروابط الثقافية والتاريخية العميقة التي تجمع بلدهم بالخليج العربي، لإعادة تشكيل سوق تجزئة الذهب في دبي، محوّلين قطاعا كان متشرذما إلى إمبراطوريات من صالات العرض الفاخرة وسلاسل التوريد المتكاملة.

ومن سوق الذهب الشعبية إلى المراكز التجارية الراقية، تُهيمن علامات مثل ملبار للذهب والألماس وجويالوكاس ومجوهرات كاليان، وجميعها مملوكة لهنود واسعي الثراء، على مشهد المجوهرات الموجّهة للطبقة المتوسطة.

وساعد ذلك مؤسسيها على بناء ثروات تجاوزت نحو 9.5 مليار دولار، وفقا لمؤشر بلومبيرغ للمليارديرات، الذي يقيّم ثرواتهم للمرة الأولى.

ولطالما شكّلت دبي وجهةً مفضّلة لشراء الذهب، كما يجني أباطرة القطاع اليوم ثمار قفزة في أعداد الوافدين من جنوب آسيا، وتدفّق السياح، والارتباط الثقافي بالمعدن النفيس، ما أتاح لهم بناء شبكات بيع بالتجزئة تمتد عبر العشرات من المتاجر.

راميش كاليانارامان: شراء الناس أصبح يتكرر ثلاث وأربع مرات سنويا
راميش كاليانارامان: شراء الناس أصبح يتكرر ثلاث وأربع مرات سنويا

وبحسب بيانات حكومية، استقبلت دولة الإمارات 7.2 مليون هندي في عام 2023، وهو العدد الأعلى على مستوى الشرق الأوسط. ويقيم فيها أكثر من 3.5 مليون آخرين، وفقا لوزارة الشؤون الخارجية الهندية، في امتداد لعقود من الروابط بين البلدين.

لكن زخم المبيعات يواجه تحديات نتيجة تعديلات في القواعد التنظيمية داخل الهند، التي خفضت العام الماضي الرسوم الجمركية على واردات الذهب، ما قلّص الفارق السعري بين الشراء في السوق المحلية والخارج، وخفّض الطلب من المشترين الهنود في الإمارات.

وتراجع الطلب على المجوهرات بالبلد الخليجي بنسبة 16 في المئة من حيث الوزن خلال الربع الثاني من هذا العام، بمقارنة سنوية.

وكان ذلك بتأثير ارتفاع أسعار الذهب إلى مستويات قياسية وتراجع شراء السياح للمعدن الأصفر، لاسيما الهنود، ما انعكس سلبا على المبيعات. وربط مجلس الذهب العالمي هذا التراجع بالتعديلات الأخيرة على الرسوم في الهند.

وقال راميش كاليانارامان، المدير التنفيذي في مجوهرات كاليان، المملوكة لعائلته الثرية، لوكالة بلومبيرغ “معظم زبائننا من الهنود، يليهم أبناء جاليات أخرى من جنوب آسيا، إلى جانب البعض من العرب”.

والسياسات المالية في الهند على مدار سنوات متقلبة في ما يخصّ الذهب، لكن التوجّه الحالي مرشّح للاستمرار لفترة طويلة، بحسب أنينديا بانيرجي، رئيس أبحاث السلع والعملات في كوتاك سيكيوريتيز.

ورصدت دولة الإمارات أعلى معدل طلب على الذهب للفرد عالميا خلال العام الماضي، بواقع 4.4 غرام، وفقا لمجلس الذهب العالمي.

ويفضّل العديد من السياح والوافدين الهنود اقتناء المعدن النفيس كوسيلة للتحوّط الاستثماري، فيما يستخدمه آخرون على شكل سبائك وعملات معدنية كأداة للادخار، فضلا عن شرائه كمجوهرات لمناسبات الزفاف والمهرجانات الدينية.

وقال كاليانارامان “سابقا، كان الناس يشترون المجوهرات مرّة واحدة في السنة، أما الآن فأصبح الشراء يتكرّر ثلاث أو أربع مرات سنويا، لأنهم باتوا يختارون القطع بحسب المناسبة التي سيرتدونها فيها”.

ودخلت مجوهرات كاليان سوق الخليج عام 2013، وتدير حاليا 36 متجرا في المنطقة. وقد سجّلت إيرادات بقيمة 369 مليون دولار من الشرق الأوسط خلال السنة المالية المنتهية في مارس، بزيادة 22 في المئة على أساس سنوي، وفق بيانات الشركة.

وأشار كاليانارامان إلى أن الشركة قد تدرس توسيع عملياتها التصنيعية في دبي، كخيار لمواجهة الرسوم الأميركية.

وتأسست جويالوكاس كمحل مجوهرات صغير في ولاية كيرالا الهندية، قبل أن تتحوّل إلى علامة تجزئة كبرى، وكانت افتتحت أول صالة عرض لها في الإمارات عام 1988، ثم توسّعت لاحقا إلى قطر وسلطنة عُمان.

وتدير الشركة اليوم 50 متجرا في منطقة الشرق الأوسط، منها 28 متجرا في الإمارات وحدها، بحسب الإحصائيات المتوفرة.

وقال رئيس مجلس الإدارة جوي ألوكاس “عندما وصلت إلى دبي عام 1986، رأيت آفاقا رحبة، في حين رأى الآخرون قيودا”.

16

في المئة تراجع الطلب من حيث الوزن خلال الربع الثاني من العام الحالي، بمقارنة سنوية

أما ملبار التي أسّسها رائد الأعمال الهندي أم.بي أحمد، الذي بدأ مسيرته في تجارة التوابل فلديها 67 فرعا في الإمارات، و17 متجرا في السعودية، إلى جانب 39 فرعا في عُمان وقطر والبحرين والكويت. وافتتحت الشركة أول متجر لها في الشرق الأوسط عام 2008.

وبدأت بعض الصفقات تشقّ طريقها في هذا القطاع، إذ وافقت شركة تايتان، وهي وحدة الساعات والمجوهرات التابعة لمجموعة تاتا، خلال الصيف على الاستحواذ على حصة مسيطرة في أنشطة مجوهرات داماس إنترناشيونال بمنطقة الخليج.

وتدير تايتان سلسلة متاجر تانيشك المنتشرة في الإمارات وقطر وسلطنة عُمان.

ورغم أن خفض الرسوم في الهند قلّص الفارق السعري بين السوق المحلية وسوق الإمارات، إلا أن ذلك لم يُحدث تأثيرا جوهريا على أعمال ملبار.

وأوضح متحدّث باسم الشركة أن الكثير من الهنود لا يزالون ينظرون إلى الإمارات كوجهة موثوقة لشراء الذهب عالي الجودة، بخلاف وجهات أخرى.

كما تتمتع الشركات الثلاث، ملبار وجويالوكاس وكاليان، بحضور قوي في السوق الهندية، مما يمكّنها من التحوّط من أي تباطؤ في الأسواق الخارجية.

ويرى خبراء ومحللون أن السوق لا تزال بها فرص للنمو، فقد أطلقت ملبار مؤخرا علامة مجوهراتي لسوق التجزئة مصممة خصيصا لتلبية أذواق الزبائن العرب.

وقال أندرو نايلور، رئيس شؤون الشرق الأوسط والسياسات العامة في مجلس الذهب العالمي، “على تجّار المجوهرات الاستمرار في الابتكار من حيث التصميم، لضمان جذب شرائح أوسع من السكان، وتلبية تنوّع الجنسيات التي تقيم أو تزور الإمارات والمنطقة”.

11