طفرة استثمارية مرتقبة تستهدف قطاع مكونات السيارات في مصر

شركة سان جوبان مصر تخطط لتدشين مصنع جديد للزجاج المسطح في العين السخنة بالنصف الثاني من عام 2026.
الخميس 2025/10/09
عمال في مصنع شركة هاي غلاس

تلوح في أفق إنتاج مكونات السيارات في مصر طفرة استثمارية مرتقبة تستهدف هذا القطاع الحيوي، مدفوعة بحوافز وتوجهات إستراتيجية لجعل البلد مركزا إقليميا لهذه الصناعة وسط جهود حكومية لتعميق التصنيع المحلي وتعزيز سلاسل التوريد رغم التحديات.

القاهرة - تعتزم شركات عالمية ومحلية ضخ استثمارات بالملايين من الدولارات في صناعة زجاج السيارات في السوق المصرية لتلبية الطلب المتزايد على المكونات المحلية في صناعة المركبات بالبلاد.

وتأتي هذه الأموال بالتزامن مع تحفيزات حكومية لتوطين إنتاج المكونات، تتضمن زيادة المكون المحلي إلى 25 في المئة على الأقل، مع منح حوافز إضافية عند تجاوز 35 في المئة.

وكان وزير الصناعة والنقل كامل الوزير قد أعلن قبل فترة أن الحكومة تدرس التوسع في مصانع زجاج السيارات، واتخاذ إجراءات صارمة ضد الممارسات التجارية الضارة.

وأقرت المجموعة الوزارية للتنمية الصناعية في أغسطس الماضي دراسة حول التشوهات الجمركية التي تضر بالصناعات المحلية، لاسيما في ظل وجود رسوم أعلى على المنتج النهائي مقارنة بالخامات.

وتخطط شركة سان جوبان مصر لتدشين مصنع جديد للزجاج المسطح في العين السخنة بالنصف الثاني من عام 2026، باستثمارات تتراوح بين 160 و170 مليون يورو.

كامل الوزير: الحكومة تدرس منذ فترة التوسع في بناء مصانع جديدة
كامل الوزير: الحكومة تدرس منذ فترة التوسع في بناء مصانع جديدة

وأفاد أنطوان أندراوس رئيس القطاع التجاري بالشركة لبلومبيرغ الشرق الأربعاء بأن هدف المشروع مضاعفة الطاقة الإنتاجية من 900 طن يوميا إلى 1800 طن، لتلبية احتياجات قسمي السيارات والإنشاءات.

ولفت إلى أن التوسعات ستعزز قدرة البلد على الاكتفاء الذاتي من المادة الخام الأساسية لصناعة زجاج السيارات، في سوق وصفها بأنها “واعدة وجاذبة للاستثمار”.

وبالتوازي مع ذلك تنفّذ مجموعة دلمار الصناعية خطة لإنشاء مصنع في مدينة السادات، باستثمارات تزيد عن 30 مليون دولار. وسينفذ المشروع على مرحلتين، الأولى تتضمن خطوطا لإنتاج زجاج سيارات الركاب والحافلات والشاحنات الصغيرة، أما المرحلة الثانية فسيتم إنتاج زجاج المركبات الثقيلة.

وصرح محمود هارون، رئيس المجموعة، بأن قدرة تغطية المشروع تبلغ نحو 750 ألف سيارة سنويا، وتخصيص ما بين 30 و40 في المئة من الإنتاج لقطاع قطع الغيار.

وشهد السوق استثمارات إضافية، منها تدشين مجموعة العربي مصنعا للزجاج الهندسي بمدينة قويسنا باستثمارات 25 مليون دولار بالشراكة مع تويواتشي اليابانية، بجانب خطط شركتي أمان وسيفتي غلاس لإدخال تقنيات متقدمة ودراسة إنشاء مصانع جديدة.

ويعتقد المصنعون أن مستقبل القطاع يتوقف على الحماية والدعم الحكومي، بما يشمل خفض تكاليف الطاقة، وتيسير الحصول على الأراضي الصناعية، ودعم الصادرات، لكي تتحول مصر إلى مركز إقليمي لصناعة السيارات ومكوناتها.

ولدى شركة سيجور غلاس خطة توسع بقيمة 1.61 مليون دولار، تتضمن إضافة خطّين جديدين للإنتاج، بحسب الشريك والمدير التنفيذي طارق عبدالمقتدر الذي أشار إلى أن جودة الخامات المصرية، خصوصا رمال السيليكا، تمنح المنتج المحلي ميزة تنافسية.

الحكومة قدمت تحفيزات لتوطين القطاع لزيادة المكون المحلي إلى 25 في المئة، مع حوافز إضافية عند تجاوز الإنتاج 35 في المئة

وكشفت هبة نصر، الرئيسة التنفيذية لشركة هاي غلاس التابعة لمجموعة الدكتور جريش، عن إقامة مجمع مصانع في مدينة العاشر من رمضان باستثمار 16.1 مليون دولار على مساحة 25 ألف متر مربع.

وحددت تشغيل المصنع في الربع الثاني من العام المقبل، وقالت إن “الطاقة الإنتاجية الحالية تغطي السوق المحلية، لكن زيادة الطاقة الإنتاجية لشركات تجميع السيارات ستزيد الطلب”.

ولكنها حذرت من أن الواردات الرخيصة من الصين وشرق آسيا تمثل تحديا بسبب “المنافسة غير العادلة”، مطالبة السلطات باتخاذ إجراءات أكثر صرامة لحماية الصناعة الوطنية.

ويبلغ إنتاج صناعة زجاج السيارات حاليا نحو 50 ألف قطعة زجاج شهريا، فيما يجلب المستوردون 20 إلى 25 ألف قطعة.

وتستعد خمس شركات تنشط بالبلاد، وهي جي.بي أوتو ونيسان وجاك والمنصور والقصراوي لضخ 630 مليون دولار خلال 2026، لزيادة الإنتاج إلى 260 ألف سيارة مقابل 95 ألفا حاليا، ما يعزز الطلب على المكونات ومنها الزجاج.

لكن القطاع يواجه مجموعة من الضغوط الكبيرة، إذ يقول عبدالعزيز عيسى رئيس شركة العز غلاس، إن السوق تشهد إغراقا بالزجاج الصيني بأسعار تقل بنحو 40 في المئة عن المنتج المحلي، ما يضع المصانع في مواجهة خسائر إذا حاولت المنافسة بالسعر ذاته.

محمود هارون: قدرة تغطية مشروع دلمار تبلغ 750 ألف سيارة سنويا
محمود هارون: قدرة تغطية مشروع دلمار تبلغ 750 ألف سيارة سنويا

وأوضح في تصريح لبلومبيرغ الشرق أن ارتفاع تكاليف الطاقة والضرائب والتشغيل في مصر يقوّض الجدوى الإنتاجية.

ويعتقد محمد محسب، رئيس الشركة المصرية للصناعات الزجاجية (إيجي غلاس)، أن الفارق السعري بين المنتج المحلي والمستورد يمثل أبرز العقبات، مؤكدا أن الزجاج المستورد يباع في مصر بخفض يتراوح بين 15 و20 في المئة عن تكلفة الإنتاج المحلي.

وقال إن “أسعار الخامات ارتفعت بأكثر من 200 في المئة في السنوات الثلاث الأخيرة، كما أن المصانع تتكبد أعباء كبيرة في الكهرباء والضرائب والأجور وفوائد التمويل، التي تبلغ 25 في المئة، بينما أرباحها لا تتخطى 5 في المئة في أحسن الأحوال”.

وتنفق الدولة المليارات من الدولارات سنويا على استيراد السيارات، ما يشكل عبئا متزايدا على احتياطاتها من النقد الأجنبي. ومن خلال تعزيز التصنيع المحلي، تسعى الحكومة إلى تقليص هذه الفاتورة وتحقيق أكبر قدر من الاكتفاء الذاتي.

ومع ذلك يقول محمود نجم، رئيس مجلس إدارة مجموعة تارجت لزجاج السيارات، إن القطاع يعاني أعباء متصاعدة في ظل غياب التسهيلات.

وشدد على أن ارتفاع أجور العمال من نحو ستة آلاف جنيه (194 دولارا) إلى ما بين 9 آلاف و11 ألفا (290 و355 دولارا) يشكل ضغوطا إضافية.

وحذّر من أن الوضع قد يؤدي إلى تعثر بعض المصانع إذا لم تحصل على الدعم المناسب في صورة إعفاءات ضريبية أو تخفيف أعباء الكهرباء والتأمينات.

كما لفت محمد عيد، مدير مبيعات مجموعة جي.أم.جي، إلى أن المصنعين المحليين باتوا عاجزين عن المنافسة أمام المنتجات الصينية، مضيفا “يكفي مستورد واحد أن يجلب حاوية كاملة لإغراق السوق”.

أما رشا كامل، مديرة التسويق في الشركة نفسها، فأكدت أنهم اضطرّوا إلى تجميد خطة استثمارية بقيمة 4.84 مليون دولار، رغم توفر التكنولوجيا لإنتاج زجاج متطور، محذرة من أن “الإغراق قد يؤدي إلى توقف خطوط إنتاج وإغلاق مصانع كاملة”.

1

 

4