المركزي الليبي يلجأ إلى طباعة النقود لمواجهة شح السيولة

الخطوة ترسخ القناعة بأن الإجراء هو حل سهل يعكس فشل السياسات الحكومية والنقدية في معالجة الأزمات المتراكمة بشكل جذري.
الأربعاء 2025/10/15
خطوة مثيرة للجدل

طرابلس- رجح خبراء أن يفرز اتجاه السلطات الليبية إلى طباعة النقود لمواجهة شح السيولة المتفاقمة، في محاولة لإنقاذ النظام المصرفي المتداعي بفعل الحرب، مزيجا من المواقف.

وعلى الرغم من أن الخطوة المثيرة للجدل قد تساعد في إصلاح الوضع قليلا لامتصاص غضب الليبيين من نقص الأموال في السوق، لكن شقا من الخبراء والمواطنين يرونها غير محسوبة، وستأتي بنتائج عكسية.

وأعلن مصرف ليبيا المركزي الثلاثاء أنه تعاقد على طباعة 60 مليار دينار (11 مليار دولار) لضمان توفر السيولة النقدية “بشكل متوازن ومستقر”.

◄ البلد العضو في منظمة أوبك والذي ينتج أكثر من مليون برميل يوميا، يعاني من مشكلة جعلت منه عاجزا عن تسديد رواتب موظفيه وتوفير السيولة اللازمة للمواطنين

وتشهد ليبيا منذ سنوات أزمة سيولة خانقة ألقت بظلالها على الحياة المعيشية للناس، وفاقمتها حالة الانقسام المؤسسي بين المركزي في طرابلس ونظيره في بنغازي.

وذكر المركزي في بيان أنه “تم استلام ما يقارب 25 مليار دينار (4.6 مليار دولار) وتم توزيعها على البنوك، وجار توريد ما يقارب 14 مليار دينار (2.85 مليار دولار) ستصل بالكامل قبل نهاية العام الجاري”.

وأوضح أن توريد 21 مليار دينار (3.87 مليار دولار) المتبقية من إجمالي القيمة المتعاقد عليها سيستمر خلال عام 2026. ولم يذكر البيان الجهة التي ستقوم بالطباعة.

وبحسب المركزي، فمن المقرر أن “تصل الفئات الجديدة على شكل شحنات متتالية خلال الفترة القادمة، وفقا للخطة المعتمدة من قبل مصرف ليبيا المركزي في هذا الشأن”.

وتمتلك ليبيا ثروة نفطية كبيرة لكنها تعاني من نقص في السيولة منذ سنوات، مما يعني أن السكان غالبا ما يضطرون إلى الاصطفاف أمام المصارف لسحب النقود واستلام الرواتب.

وكان المصرف المركزي قد أبرم العام الماضي اتفاقا مع شركة دولارو البريطانية لطباعة الأوراق النقدية لإصدار 30 مليار دينار (5.5 مليار دولار) للمساعدة في حل مشكلة نقص السيولة في البنوك التجارية داخل البلاد.

وقال مصدران من البنك المركزي لرويترز، لم تذكر هويتهما، إن “هذا المبلغ جزء من الستين مليارا الواردة في بيان الثلاثاء”.

◄ ليبيا تشهد منذ سنوات أزمة سيولة خانقة ألقت بظلالها على الحياة المعيشية للناس
ليبيا تشهد منذ سنوات أزمة سيولة خانقة ألقت بظلالها على الحياة المعيشية للناس

ويرى الخبراء أن اللجوء إلى طباعة النقود خلال هذه الفترة الحرجة التي تعيشها ليبيا لا يثير حفيظة المواطنين العاديين، الذين لا يفهم أغلبهم الجدوى من ذلك، بقدر ما يثير حفيظة المختصين، الذين يعتقدون أن الخطوة ستعمّق متاعب الاقتصاد.

كما أن خطوة مثل هذه ترسخ القناعة بأن هذا الإجراء يعتبر أحد الحلول السهلة التي تعكس فشل السياسات الحكومية والنقدية المتبعة في معالجة الأزمات المتراكمة بشكل جذري، على الرغم من أن الكثيرين يعتقدون عكس ذلك.

وإلى جانب هذه الخطوة، قام المركزي في الآونة الأخيرة بسحب أوراق نقدية بقيمة 47 مليار دينار تقريبا (نحو 8.67 مليار دولار) “للحفاظ على قوة الدينار الليبي وتعزيز الاستقرار النقدي والمالي للدولة”، لكنه لم يحدد إطارا زمنيا لذلك.

وتضمن هذا المبلغ حوالي 10 مليارات دينار (1.84 مليار دولار) “لم تصدر عن المصرف المركزي وغير معلومة له”، لكن سحب هذا المبلغ “ضاعف التحديات وزاد الضغوط على مصرف ليبيا المركزي والقطاع المصرفي”.

وليبيا منقسمة منذ عام 2014 بين حكومتين متنافستين في الشرق والغرب تتصارعان على السيطرة على المؤسسات الاقتصادية الرئيسية في الدولة.

11

مليار دولار تعاقد مصرف ليبيا المركزي على طباعتها، وقد استلم منها 4.6 مليار حتى الآن.

ومع ذلك تحسنت الأوضاع قليلا مع المضي في تصدير النفط واستقرار الإنتاج الذي يبلغ 1.4 مليون برميل يوميا، وقد أدى ذلك إلى مراكمة احتياطيات نقدية بنهاية الشهر الماضي بلغت قرابة 98.8 مليار دولار.

إلا أن هذه الوضعية المالية لا تعكس الواقع، إذ تُظهر مؤشرات الشكاوى المتزايدة من قبل الليبيين منذ أشهر حالة من الامتعاض وعدم الرضا المتصاعد إزاء استمرار أزمة السيولة النقدية وتراجع جودة الخدمات المصرفية.

ويأتي هذا الوضع في سياق أزمة مالية أوسع تعكس اختلالات عميقة في البنية المصرفية، وضعفا في السياسات النقدية، وسط تحديات سياسية واقتصادية تعيق جهود الإصلاح والاستقرار.

ويعاني البلد العضو في منظمة أوبك والذي ينتج أكثر من مليون برميل يوميا، من مشكلة جعلت منه عاجزا عن تسديد رواتب موظفيه وتوفير السيولة اللازمة للمواطنين.

ويعرب الليبيون بين الفينة والأخرى عن استيائهم من السياسات والإجراءات المعتمدة في البنوك، مؤكدين في تصريحات لوكالة الأنباء الليبية الرسمية أن تعقيد خدمات السحب الإلكتروني وارتفاع الرسوم يفاقمان من معاناتهم في ظل أزمة السيولة المالية الراهنة.

وتحدد البنوك سقفا شهريا للسحب عبر أجهزة الصراف الآلي بواقع ألف دينار (214 دولارا)، بالإضافة إلى ألفي دينار (428 دولارا) عبر الصكوك المصرفية، مع فرض رسوم خدمة تتم بموافقة المركزي.

ولكن إجراءات السحب عن طريق الصكوك تشهد تعثرا مستمرا نتيجة أزمة غير معلنة في توفر السيولة النقدية، خصوصا مع سحب فئتي العشرين والخمسة دنانير من التداول تدريجيا.

4