الذكاء الاصطناعي يرسخ خطوات التحول الرقمي في السعودية
الرياض - تكشف أحدث المؤشرات أن الذكاء الاصطناعي التوليدي بات يشكل أحد أبرز محفزات التحول الرقمي في السعودية، حيث بات يرسخ مكانته كمكوّن أساسي في تطوير الخدمات، وتعزيز كفاءة الأعمال، ودعم الابتكار في مختلف القطاعات.
ويأتي هذا التوجّه في إطار رؤية 2030، التي تولي أهمية كبرى للتقنيات المتقدمة لبناء اقتصاد معرفي ومستدام، ما يعزز تنافسية البلد الخليجي إقليمياً وعالمياً في مجالات الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية.
وفي ظل التحولات المتسارعة في عالم التقنية، تواصل السعودية تعزيز موقعها الريادي في مجال التحول الرقمي، مرتكزةً على التقنيات الحديثة.
ويعد الذكاء الاصطناعي التوليدي من أبرز الابتكارات التقنية الواعدة في العصر الحديث، ويأتي اليوم ليشكل ملامح مستقبل الخدمات الحكومية الرقمية باستثمارات ضخمة خصصت الحكومة للاستثمار فيه 40 مليار دولار مع توقعات بتضاعفها خلال السنوات القادمة.
وتعمل السعودية على تطوير الأساليب التكنولوجية ونقلها إلى القطاعات الاقتصادية والحكومية، وهو ما يجعلها في منافسة مع جيرانها الذين سلكوا هذا الطريق، ولاسيما دولة الإمارات التي تستثمر مليارات الدولارات في الذكاء الاصطناعي.
ووفقًا لدراسة صادرة عن هيئة الحكومة الرقمية بعنوان “الذكاء الاصطناعي التوليدي في أعمال الحكومة الرقمية،” فإن الذكاء الاصطناعي التوليدي يُتوقع أن يُحدث نقلة في تحسين الخدمات الحكومية ورفع كفاءة الأداء العام.
وتشير تقديرات الهيئة في تقريرها الذي أوردته وكالة الأنباء السعودية الرسمية إلى أن إسهام الذكاء الاصطناعي في الناتج المحلي السعودي سيصل إلى نحو 135 مليار دولار بحلول عام 2030.
وكشفت الدراسة عن تعدد التطبيقات التي استُعرضت خلالها، وشملت قطاعات حيوية كالرعاية الصحية والتعليم والنقل والطاقة والسياحة والإسكان.
ومن بين الفوائد المباشرة المتوقعة تقليل التكاليف التشغيلية من خلال أتمتة المهام المتكررة وزيادة الإنتاجية والكفاءة التشغيلية عبر تسريع الوصول إلى المعلومات وتحسين إدارة البيانات.
وإلى جانب ذلك تبسيط تجربة المستفيد بتقديم خدمات مخصصة وسلسة، وتعزيز الابتكار من خلال تحليل البيانات واقتراح حلول جديدة، وغيرها.
وأظهرت مقابلات مع 22 من القادة الحكوميين والخبراء التقنيين أن 94 في المئة منهم يؤمنون بأن الذكاء الاصطناعي التوليدي سيُسهم في تسريع التحول الرقمي. وتوقع 90 في المئة منهم أن يُسهم في توليد فرص عمل جديدة.
وأشار معدو الدراسة إلى ضرورة تنمية المهارات الرقمية وتوفير منصات حكومية مشتركة لتبادل المعرفة وبناء السياسات التقنية المناسبة.
وتطرقت الدراسة إلى تجارب دول مثل سنغافورة والمملكة المتحدة وكندا وأستراليا، التي بادرت بتطبيق الذكاء الاصطناعي التوليدي في الخدمات الحكومية، بدءًا من أتمتة الإجراءات الإدارية، وحتى تحسين الرعاية الصحية والتواصل مع المواطنين.
ودعت الخبراء في التقرير إلى وضع خطة تنفيذ وطنية متكاملة وتطوير الأطر التنظيمية وتعزيز الشفافية والموثوقية في استخدام هذه التقنية، مع التشديد على المعايير الأخلاقية وحماية الخصوصية.
وتوظيف الذكاء الاصطناعي التوليدي لم يعد ترفًا تقنيًا، بحسب الدراسة، بل ضرورة تدفع نحو حكومة أكثر فاعلية وقطاع عام أكثر كفاءة واقتصاد رقمي تنافسي.
وقال معدو الدراسة إنه “في ظل ما تشهده المملكة من قفزات تقنية، فإن الذكاء الاصطناعي التوليدي قد يكون مفتاحًا لمستقبل أكثر ابتكارًا وازدهارًا.”
ومن المتوقع أن تجني السعودية إيرادات سنوية من هذه التكنولوجيا المتقدمة بنحو 56 مليار دولار نتيجة لاستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في القطاع الحكومي، ما يجعلها الأولى في استخدام حلول هذه التقنية في منطقة الشرق الأوسط.
135
مليار دولار مساهمة التكنولوجيا المتقدمة في الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030
ورسّخ أكبر منتج للنفط في العالم مكانته كأحد أبرز الدول الرائدة عالميًا في مجال الحكومة الرقمية من خلال إستراتيجيات طموحة واستثمارات ضخمة جعلت من التحول الرقمي ركيزة أساسية في تحقيق مستهدفات أجندة التحول الطموحة.
وتبنى المسؤولون التحول الرقمي كممكن أساسي في البناء والتطوير، بهدف تحسين التجربة وزيادة التنافسية وتعزيز كفاءة العمل الحكومي.
ومن بين العلامات التي تثبت ذلك تحقيق الدولة المرتبة الرابعة عالميًا في مؤشر الخدمات الرقمية (أو.أس.آي) الصادر عن الأمم المتحدة.
كما تصدرت الدول إقليميًا للمرة الثالثة تواليا في مؤشر نضج الخدمات الحكومية الإلكترونية والنقالة، تأكيدًا على التزامها بمواصلة مسيرة التطوير والابتكار والريادة العالمية.
وبفضل مبادراتها المتقدمة في الذكاء الاصطناعي، والبنية التحتية الرقمية المتطورة، والخدمات الحكومية المبتكرة، استطاعت الدولة أن تنتقل من مرحلة التبني إلى مرحلة الريادة.
وبذلك تقدم نموذجا يحتذى به في بناء حكومة رقمية متمكنة ورائدة عالميًا، ومرتكزة على خدمة الإنسان وتعزيز جودة الحياة، إضافة إلى صياغة ملامح المستقبل الرقمي على المستويين المحلي والدولي.