"البطل" أول تجارب عمر لطفي ضمن نوافذ مهرجان سلا لسينما المرأة

 من التمثيل إلى الإخراج.. فنان مغربي يخطو بثقة نحو النجاح.
الخميس 2025/09/25
بداية مبشرة في عالم الإخراج

بعد أن نجح في دخول مجال التمثيل والتعريف باسمه كواحد من النجوم المغاربة الشباب، اتجه الفنان عمر لطفي نحو الإخراج مختارا “البطل” عنوانا لأول أفلامه الذي خصصه للكوميديا الاجتماعية ويعرضه خلال فعاليات الدورة الثامنة عشرة من مهرجان سلا الدولي لسينما المرأة.

الرباط – بدأت الدورة الثامنة عشرة للمهرجان الدولي لفيلم المرأة بسلا فعالياتها ببرمجة الأفلام المتنافسة، وكذلك نوافذ من الأفلام المغربية القصيرة والطويلة من بينها فيلم “البطل” للمخرج المغربي عمر لطفي وهو إنتاج خاص وأول تجربة إخراجية للممثل الذي أصبح مخرجا كوميديا ناجحا في شباك التذاكر.

يحكي فيلم “البطل” قصة شاب طموح يعمل رفقة والدته في مقهى متنقل، يحمل طموحا كبيرا بأن يصبح نجما سينمائيا. يبدو أن حلم هذا الشاب قريب من التحقيق، إذ تأخذ تطورات الأحداث منحى آخر لم يكن في الحسبان، فينقلب هذا الحلم إلى كابوس يجد فيه نفسه متورطا مع عصابة خطيرة.

يشارك في الفيلم كل من عزيز داداس، رفيق بوبكر، ماجدولين الإدريسي، فرح الفاسي، وفهد بنشمسي.

تبرز متتالية المشاهد الأولى قصة شاب طموح يعمل مع والدته في مقهى متنقل ويحلم بأن يصبح نجما سينمائيا، إذ يظهر جانب درامي لشخص يحاول الهروب من واقعه البسيط إلى عالم الشهرة. تنبع الكوميديا من تطورات غير متوقعة تقلب حياته رأسا على عقب، فيجد نفسه متورطا مع عصابة خطيرة. ويخلق هذا المزيج من الطموح الفردي والورطة المفاجئة مع العصابة تباينا قويا، ليفتح الباب أمام مواقف كوميدية ناتجة عن سوء الفهم والمواقف المأساوية الهزلية.

قصة شاب طموح يعمل رفقة والدته في مقهى متنقل يحمل طموحا كبيرا بأن يصبح نجما سينمائيا
قصة شاب طموح يعمل رفقة والدته في مقهى متنقل يحمل طموحا كبيرا بأن يصبح نجما سينمائيا

ويتميز أداء عزيز داداس بالتكرار في العديد من الأعمال السينمائية والتلفزيونية، إذ بات يستخدم نفس الأسلوب ونفس القالب في تجسيد شخصياته، وهذا يجعل من الصعب التمييز بين أدائه في السينما وبين ظهوره على الشاشة الصغيرة.

ويحتاج داداس إلى تجديد نهجه الفني والابتعاد عن النمطية التي أصبحت ملازمة له، في حين جاء أداء ماجدولين الإدريسي هادئا ورصينا، إذ أظهرت قدرة على تجسيد الشخصية ببساطة وثقة. وكان أداء فهد بنشمسي معقولا وملتزما بالمطلوب دون مبالغة، أما رفيق بوبكر فقد تألق بأداء ممتاز في هذا الدور الجاد، وهو نوع من الأدوار التي تليق بموهبته وتبرز قدراته التمثيلية الحقيقية عكس الكوميديا.

ويُعتبر أداء عمر لطفي كممثل مقبولا في السينما أكثر من الدراما والتلفزيون، إذ يتمتع بقدرة على تجسيد الشخصيات ببساطة دون تكلف، ويبرز هذا الأداء نضجه الفني واحترافيته، ويجعله قادرًا على التناغم مع باقي الممثلين وخلق جو من الانسجام داخل العمل. يظهر لطفي من خلال هذا الأداء مهاراته في التأقلم مع مختلف الأنماط السينمائية، ما يجعله عنصرا محوريا في تعزيز جاذبية الفيلم.

تستند الفكرة الكوميدية للسيناريو إلى تقنية إيحاء تصوير فيلم داخل فيلم، إذ يعد هذا الأسلوب معروفا ويستخدم في العديد من الأفلام العالمية مثل الفيلم الهندي “روي” للمخرج فيكرام جيت والفيلم الأميركي “رجل المخاطر” للمخرج ديفيد ليتش، فيعتمد هذا النوع من الكوميديا على تداخل العوالم بين الواقع والتمثيل، كونه يمزج بين الأحداث الحقيقية والمواقف التمثيلية، وهذا يخلق تأثيرا كوميديا من خلال التناقضات والارتباك الذي يحدث بين الشخصيات.

وتعتبر تجربة لطفي في هذا المجال معقولة وتعبّر عن بداية جيدة لمسيرته كمخرج، إذ يظهر ذلك من خلال قدرته على إدارة الممثلين وتوجيههم لتحقيق أداء متوازن يجمع بين الكوميديا والأكشن. ويعكس هذا التوازن فهمه العميق للخصائص الدرامية والكوميدية التي تتطلبها السينما التجارية.

وتحتاج بعض العناصر إلى تطوير وتحسين مثل التحكم في حركة الكاميرا في مشاهد الحركة/ الأكشن، إلا أن المخرج نجح في تقديم عمل كوميدي تجاري متماسك يترك أثرا إيجابيا في نفوس الجمهور المحب لهذا النوع من الأفلام. فإذا استمر في تطوير أسلوبه سواء من حيث التقنية أو من حيث فهم الجمهور المستهدف، مع التركيز على تعزيز الجانب الفني بجانب التجاري، يمتلك كل المقومات لتحقيق نجاحات أكبر في هذا المجال. فإذا قرر لطفي استكشاف المزيد من المشاريع التي تمزج بين الأكشن والكوميديا، مع الانفتاح على مختلف الأساليب الفنية، يمكن أن يساهم في إحداث نقلة نوعية في السينما المغربية التجارية ويكون له دور بارز في تطويرها نحو آفاق جديدة.

pop

جاءت جودة الإنتاج في هذا الفيلم بمستوى حسن مقارنة بالمعايير المعتادة في السينما المغربية، إذ استخدم بعض الأسلحة والتقنيات التي نادرًا ما تُشاهد في الإنتاج المحلي بسبب ضعف الميزانية. وهذا جهد المنتج العالمي نادر الخياط، المعروف باسم ريدوان، في أول تجربة سينمائية له، إذ استطاع توفير الموارد التي أضافت قيمة للعمل وجعلت مشاهد الأكشن الكوميدية تبدو أكثر إقناعا. ويحق لريدوان استثماره في هذه الجوانب، ليساهم في رفع سقف التحدي للسينما المغربية ويمنحها فرصة للتطور واللحاق بركب السينما العالمية من حيث جودة الإنتاج.

وأكد المخرج عمر لطفي أن الفيلم يمثل تحديا كبيرا بالنسبة له، إذ يجمع بين تقديم أداء تمثيلي من خلال بطولة مشتركة وإخراج العمل في الوقت نفسه، كونه واجه العديد من الصعوبات أثناء التصوير، مشيرًا إلى أن التعاون مع نخبة من أبرز نجوم الشاشة المغربية مثل الفنانة الكبيرة راوية، ورفيق بوبكر، وفرح الفاسي، وعزيز داداس كان اختبارا حقيقيا لقدراته الفنية.

وعبّر ريدوان عن حماسه الكبير لخوض هذه التجربة الجديدة في مجال الإنتاج السينمائي. أكد أن الفيلم سيُترجم إلى عدة لغات، منها الإسبانية والإنجليزية، بهدف الوصول إلى جمهور أوسع، وأشار إلى أن الكوميديا المغربية تحمل طابعا فريدا قد يكون من الصعب فهمه في دول أخرى، لكنه أعرب عن استعداده لبذل كل الجهود لضمان نجاح العمل على المستوى العالمي.

تستند الفكرة الكوميدية للسيناريو إلى تقنية إيحاء تصوير فيلم داخل فيلم، إذ يعد هذا الأسلوب معروفا ويستخدم في العديد من الأفلام العالمية

وعن علاقته بالممثل والمخرج عمر لطفي، أوضح ريدوان أنه يعتبره أكثر من مجرد زميل عمل، بل صديقا، إذ كان مؤمنا بموهبته الفنية قبل أن يتعاون معه في هذه التجربة الإخراجية الأولى. ونال لطفي إعجاب ريدوان من خلال الأعمال الفنية التي قدمها سابقا، وهذا دفعه إلى دعمه بكل قوة.

وتتنافس عشرة أفلام روائية طويلة ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان، تمثل إنتاجات حديثة من فرنسا، ألمانيا، الصين، التشيك، النرويج، النمسا، البرازيل، السنغال، إسبانيا والمغرب، وتتناول هذه الأعمال قضايا نسوية متنوعة. وتستمر فعاليات المهرجان حتى السابع والعشرين من سبتمبر 2025، كي يمنح الجمهور فرصة متابعة العروض والتفاعل مع صناع الأفلام.

وتترأس لجنة تحكيم الأفلام الروائية الطويلة المخرجة البرازيلية ساندرا كوجوت، وتضم في عضويتها الفرنسية فاليري ماساديان، اللبنانية تقلا شمعون، المغربية سناء العلوي والرواندية مريام يو بيرارا، لتقييم الأعمال وتحديد الفائزين وفق معايير فنية دقيقة.

ويقام المهرجان الدولي لفيلم المرأة بسلا سنويا في مدينة سلا بالمغرب، ليصبح منصة فنية بارزة تجمع المخرجات والمبدعات السينمائيات من مختلف الدول، ويسعى المهرجان إلى الترويج لسينما المرأة وإبراز دورها في صناعة السينما، مع التركيز على تقديم أعمال تعكس تجارب المرأة الاجتماعية والثقافية والإنسانية، مما يجعل منه حدثا ثقافيا يجمع بين الفن والرسالة الاجتماعية.

ويقدم المهرجان عروضا سينمائية متنوعة تشمل الأفلام الروائية الطويلة والقصيرة، بالإضافة إلى أفلام وثائقية تتناول قضايا المرأة بقوة وحساسية، ويشجع المهرجان المخرجات على التعبير عن رؤيتهن الفنية وتجاربهن الشخصية، مع دعم الإبداع السينمائي الذي يعكس الواقع الاجتماعي والإنساني للمرأة في المغرب وخارجه.

وتمنح المسابقة الرسمية مجموعة من الجوائز تشمل الجائزة الكبرى، جائزة لجنة التحكيم الخاصة، جائزة أفضل عمل أول، وجائزتي أفضل دور نسائي ورجالي، إضافة إلى جائزة الضفة الأخرى للمنتجين، وجائزتين للجمهور الشاب لأفضل فيلم مغربي طويل وقصير.

وتشارك خمسة أفلام طويلة في مسابقة الفيلم الوثائقي النسائي، من فرنسا، بلجيكا، كندا، وجنوب أفريقيا (إنتاج 2025). وتترأس لجنة تحكيم هذه الفئة المنتجة الفرنسية آني أوهايون – ديكل، وتضم المخرجة الجابونية البلجيكية ناتيفيل بونتالييه، والسيناريست الفرنسية ليتيسيا كوجلر، لمتابعة الأعمال وتقييم مدى قدرتها على طرح قضايا المرأة بعمق.

وتسعى فعاليات المهرجان إلى إبراز قضايا المرأة المعاصرة، وتشجيع الإنتاج السينمائي النسائي، وتوفير منصة للمواهب الشابة للتواصل مع الجمهور الدولي، وإتاحة الفرصة لهم لعرض أعمالهم ضمن سياق احتفالي.

9