مذبحة عائلية في بنغازي والأمن يقطع الطريق أمام محاولة استغلالها سياسيا
حاولت أطراف سياسية وإعلامية وجيوش إلكترونية، استغلال جريمة فظيعة جدت أطوارها بمنطقة الهواري في مدينة بنغازي الليبية للتشكيك في طبيعة الأمن والاستقرار بالمناطق المحررة من قبضة الميليشيات والجماعات الإرهابية.
وعبّر رئيس الحكومة الليبية المنبثقة عن مجلس النواب الدكتور أسامة حماد عن بالغ حزنه وأسفه لحادثة مقتل المواطن حسن خيرالله المبروك وسبعة من أبنائه، مقدما تعازيه ومواساته لذوي الضحايا داعيا الجهات الأمنية والقضائية المختصة إلى التحرك العاجل لكشف ملابسات هذه الواقعة المؤلمة وبيان أسبابها ودوافعها وإعلان نتائج التحقيقات للرأي العام.
وأكد رئيس الحكومة على ضرورة تطبيق أحكام القانون بكل حزم لضمان تحقيق العدالة ومنع تكرار مثل هذه الحوادث التي تهزّ المجتمع الليبي، مشددًا على أن أمن المواطنين وحماية أرواحهم أولوية مطلقة في عمل الحكومة.
محمد بعيو: لن يستطيع تحالف تيار دار إفتاء الدم وشراذم الهاربين من قائدهم إلى منافيهم تحويل جريمةٍ إلى غنيمة
وقال مدير أمن بنغازي اللواء صلاح هويدي إن نتائج التحقيقات الأولية أثبتت أن المواطن حسن خير الله شويرف الزوي أقدم على قتل أبنائه السبعة، أحدهم بالتعذيب والستة الآخرين رمياً بالرصاص، قبل أن يطلق النار على نفسه منتحرا، مشيرا إلى أن الأجهزة الأمنية عثرت على سيارة بجانب الطريق في منطقة الهواري بمدينة بنغازي، وبداخلها جثث الأب وستة أطفال، بالإضافة إلى جثة طفل سابع داخل حقيبة الأمتعة الخلفية.
وأضاف أن التحقيقات أظهرت أن جميع الأطفال أصيبوا برصاصات في الرأس، كلٌّ منهم برصاصة واحدة، باستثناء الطفل الموجود في الحقيبة الذي تبيّن أنه تعرّض للتعذيب قبل وفاته وبدت على جسده آثار ذلك، وأوضح أن زوجة الراحل أدلت بأقوالها أمام جهات التحقيق، حيث أكدت أن السلاح المستخدم يخص زوجها، لافتا إلى أنه كان يتولى رعاية الأطفال خلال الفترة الماضية بعد خلاف أسري أبعد زوجته إلى بيت أهلها.
وطالبت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، بفتح تحقيق عاجل وشامل في واقعة العثور على المواطن حسن الزوي وأبنائه مقتولين داخل سيارتهم بمنطقة الطلحية في بنغازي، وذلك عقب تداول مقطع فيديو للحادثة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي بيان لها، دعت المؤسسة مكتب المحامي العام ببنغازي ووزارة الداخلية إلى كشف ملابسات الجريمة وتقديم الجناة للعدالة، مشيرة إلى التصاعد الملحوظ في جرائم القتل والعنف الاجتماعي مؤخراً في ليبيا، مستشهدة بحوادث مماثلة وقعت في مدينتي العجيلات ومصراتة خلال الشهر الماضي.
ويرى مراقبون أن تيار الإسلام السياسي وحلفاءه ومن يسعون إلى العودة بالبلاد إلى الوراء، استغلوا الحادثة في الترويج للإشاعات والعمل على مغالطة الرأي العام بنشر أخبار زائفة وصور مفبركة، والتشكيك في حالة الاستقرار التي تنعم بها المناطق المحررة من قبل الجيش الوطني والتي تشهد حركة متواصلة للتنمية وإعادة الإعمار بإشراف مباشر من القيادة العامة للقوات المسلحة.
ويشير المراقبون الى أن كل المعطيات تؤكد أن الحادثة تتعلق بجريمة جنائية ارتكبها شخص غير متوازن نفسيا، وليست لها أية خلفية سياسية أو اجتماعية كما يحاول البعض الإيهام بذلك، ويضيفون أن الأمن نجح بالفعل في قطع الطريق أمام محاولة استغلال الحادثة سياسيا واجتماعيا، وذلك من خلال التعجيل بفتح التحقيق ومتابعات التفاصيل ونشر النتائج الأولية.
الشيخ السنوسي الحليق الزوي: القبيلة تتابع تفاصيل التحقيقات في الجريمة المأساوية عن كثب بالتنسيق مع الجهات الرسمية
وفي السياق، كشف رئيس المجلس الأعلى لقبائل الزوية، الشيخ السنوسي الحليق الزوي، إن شهودا وأقارب الجاني أفادوا بأن حالته النفسية كانت “سيئة جداً” في الفترة الأخيرة، وأنه عاش في عزلة تامة داخل منزله بعد أن فارق زوجاته، كما وردت تقارير عن لجوئه إلى علاج مرتبط بالسحر والشعوذة وانخراطه في طقوس غريبة.
وتابع الحليق، إن القبيلة تتابع تفاصيل التحقيقات في الجريمة المأساوية عن كثب بالتنسيق مع الجهات الرسمية، مشيداً بالجهود الأمنية المبذولة لكشف ملابسات الحادث، وقال إن نتائج المرحلة الأولى من التحقيق تشير بوضوح إلى أن رب الأسرة هو من ارتكب الجريمة بحق أبنائه قبل أن ينتحر، مرجحا أن تكون الجريمة بدأت بقتل الابن الأكبر، الذي كان يتعرض – وفق المعطيات – لعنف متكرر، قبل أن يقدم الأب على قتل باقي أطفاله تباعاً.
ودعا الشيخ السنوسي، الجميع إلى ضبط النفس وتفادي نشر الشائعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة في ظل حالة الحزن والصدمة التي تعيشها المدينة، مردفا: “نطالب الجميع بتحري الدقة والمصداقية وعدم الانجرار وراء الصفحات التي تثير الفتن وتستغل هذه الفاجعة لأغراض مغرضة،” وأكد أن القبيلة ستتخذ إجراءات قانونية ضد مروجي الأخبار الزائفة أو من يحاولون استغلال الحادثة لتأجيج الرأي العام، مشددا على أن قبائل الزوية بريئة من كل من يحاول استغلال هذه الحادثة للإساءة أو زرع الفتنة بين أبناء المدينة أو المكونات الاجتماعية في بنغازي.
واعتبر رئيس المؤسسة الليبية للإعلام في بنغازي محمد بعيو أن «مذبحة الأطفال السبعة كارثة إنسانية يجب الوقوف عندها ودراستها وتأسيس إستراتيجية وطنية للتعافي المجتمعي من داء القسوة والوحشية،» مضيفًا: «علينا أن نعترف أننا مجتمع مريض.»
وشدد بعيو على ضرورة بلورة خطة وطنية شاملة لمعالجة الأسباب الاجتماعية والنفسية المؤدية إلى هذه الجرائم وتعزيز شبكات الحماية والوقاية والدعم الأسري، وفي تعليقه على «الحملة الممنهجة التي تحاول استثمار هذه الكارثة البشعة باستهداف خصوم سياسيين» أكد أنه «لن يستطيع تحالف تيار دار إفتاء الدم وشراذم الهاربين من قائدهم إلى منافيهم تحويل جريمةٍ إلى غنيمة» مشددا على أنهم «سيبقون غارمين ويبقى الوطن باستقراره أكبر الرابحين.»