بارزاني يحوّل الحصار إلى قوة داعمة لقائمة الحزب الديمقراطي الكردستاني
في سنوات الحصار المالي التي فرضتها بغداد على إقليم كردستان، وتحديدًا عبر قطع رواتب الموظفين واستهداف حقول النفط، أثبتت حكومة رئيس الوزراء مسرور بارزاني قدرتها على الصمود والإدارة الفاعلة. فقد تحوّلت الضغوط المالية والسياسية إلى حافز لإطلاق مشاريع إستراتيجية كبيرة، تهدف إلى تأمين الخدمات الأساسية، وتحريك الاقتصاد المحلي، وتحقيق التنمية المستدامة رغم محدودية الموارد.
منذ عام 2019، أطلقت الحكومة أكثر من 1200 مشروع خدمي وتنموي موزعة بين محافظات الإقليم، شملت شبكات طرق حديثة، محطات كهرباء تعمل بالغاز المحلي، مشاريع مياه وصرف صحي، ومبادرات في التعليم والصحة والخدمات الرقمية. في محافظة دهوك وحدها، أُقرّت أكثر من 959 مشروعًا خلال عام 2024، بتكلفة إجمالية تجاوزت 1 تريليون و81 مليار دينار عراقي. كما ساهمت هذه المشاريع في تحسين الحياة اليومية للمواطنين، مثل طريق “غوماسبان–سماقولي” الذي ربط المناطق ببعضها وساهم في تقليل الاختناقات المرورية وتعزيز حركة التجارة الداخلية.
وفي القطاع الزراعي، رفعت خطة “الاكتفاء الذاتي 2023–2025” إنتاج القمح والخضروات بنسبة 60% مقارنة بعام 2020، إلى جانب إنشاء أكثر من 40 مصنعًا صغيرًا للمنتجات الغذائية لتوفير فرص عمل جديدة وتقليل الاعتماد على الاستيراد. كما تم افتتاح مستشفى أربيل الدولي للتخصصات الدقيقة، إلى جانب إطلاق مشروع الحكومة الرقمية الذي مكّن المواطنين من إنجاز معاملاتهم إلكترونيًا، في تجربة إدارية متقدمة على مستوى العراق.
في قطاع الطاقة، حافظ الإقليم على إنتاج نحو 300,000 برميل يوميًا من الحقول النفطية، رغم محاولات بغداد تقليص التصدير، وأُبرمت اتفاقات مع شركات دولية لتطوير مشاريع الغاز بتكلفة متوقعة تزيد على 40 مليار دولار على المدى الطويل. كما تم الاتفاق مع بغداد على تسليم 230,000 برميل يوميًا مقابل دفع 16 دولارًا عن كل برميل، ما ساهم في تدعيم الإيرادات المحلية ودعم الرواتب المتأخرة جزئيًا.
في مواجهة الحصار المالي حوّل مسرور بارزاني الأزمة إلى فرصة مطلقًا أكثر من 1200 مشروع خدمي وتنموي عززت البنية التحتية ورفعت الإنتاج الزراعي ووفرت فرص عمل وخدمات رقمية متقدمة
الإنجازات التي حققتها حكومة مسرور بارزاني اليوم لا يمكن فصلها عن السياق التاريخي لنضال الشعب الكردي، وعن مسيرة الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي تأسس عام 1946 بقيادة الملا مصطفى بارزاني، والذي خاض سلسلة من الثورات والمقاومات دفاعًا عن حقوق الكرد في العراق. منذ ثورة 1946 في بارزان، مرورًا بثورة 1974–1975 ضد سياسات المركزية، أثبت الحزب أن التحديات والصعوبات لا تُواجه بالشعارات وحدها، بل بالتصميم على حماية الهوية والحقوق الوطنية.
وفي العقود الأخيرة، كان الرئيس مسعود بارزاني قائدًا استراتيجيًا أسهم في بناء مؤسسات الإقليم وحماية مكتسبات الشعب الكردي، لا سيما بعد اتفاقية 2005 الدستورية التي منحت الإقليم حيزًا واسعًا من الحكم الذاتي. وخلال حكمه، تأسست بنية إدارية واقتصادية متينة، ووضعت أسس الشفافية والمساءلة، لتصبح أربيل نموذجًا للإدارة الكفوءة في الشرق الأوسط.
اليوم، مع تولي مسرور بارزاني رئاسة الحكومة، يظهر جليًا استمرار هذه الرؤية: إدارة رشيدة تعمل ضمن إطار ديمقراطي، تحمي حقوق المواطنين، وتدافع عن استقلالية الإقليم في إطار العراق الموحّد. كل مشروع تنموي، وكل خطوة في تطوير البنية التحتية أو الخدمات العامة، هو امتداد مباشر لتلك التجربة النضالية التي بدأها الملا مصطفى بارزاني واستكملها الرئيس مسعود بارزاني، ويؤكد على قدرة الحزب الديمقراطي الكردستاني على الجمع بين النضال السياسي والبناء المدني.
حملة الحزب الديمقراطي الكردستاني الحالية، عبر قائمة 275، تعتمد على هذا التراث النضالي والإداري: رسالة تقول إن القدرة على مواجهة الحصار المالي وتحويل الأزمات إلى فرص ليست مجرد تجربة حديثة، بل هي استمرار لمسيرة طويلة من الدفاع عن الحقوق الكردية وتحويلها إلى إنجازات ملموسة على الأرض. بهذا، يصبح التصويت للقائمة ليس فقط خيارًا انتخابيًا، بل دعمًا لمسار تاريخي من المقاومة والبناء، ومن استمرارية تجربة أثبتت نجاحها عبر الأجيال.
لقد حاولت بعض القوى تحويل الأزمة المالية إلى وسيلة لتركيع الإقليم، لكن النتيجة جاءت معاكسة تمامًا: فخرج الإقليم أكثر تنظيمًا، وأكثر اعتمادًا على ذاته، وأكثر التزامًا بمبدأ الشراكة الوطنية. واليوم، حين يتحدث المواطن الكردي عن إنجازات حكومته، فإنه يتحدث عن واقع ملموس لا عن وعود انتخابية — كهرباء مستقرة، خدمات رقمية، مشاريع عمرانية، وفرص عمل جديدة.
إن تجربة مسرور بارزاني تمثل درسًا في القيادة الهادئة التي تبني من داخل العاصفة. لقد جعل من التحدي طريقًا إلى الثقة، ومن الحصار المالي دافعًا لبناء نموذج إداري مستقل وفعّال. ولذلك، فإن قائمة 275 ليست مجرد رقم انتخابي، بل عنوان لمرحلة سياسية جديدة، تؤمن بأن التنمية هي الرد الأقوى على كل محاولات الضغط، وأن الاستقرار لا يُمنح، بل يُبنى بالعمل والإنجاز والإصرار.