ولاء "سي.بي.أس" لترامب مقابل تيسير شراء شركتها الأم
واشنطن - أعطت الهيئة الناظمة للاتصالات في الولايات المتحدة الضوء الأخضر لصفقة شراء شركة الإنتاج “سكاي دانس” مجموعة “باراماونت غلوبال”، في مقابل شرط غير اعتيادي يقضي بأن تغيّر محطة “سي.بي.أس” التابعة للأخيرة خطّها التحريري. وأتى هذا الاتفاق بعدما حسمت “باراماونت” في مطلع يوليو نزاعا قضائيا مع دونالد ترامب وأعلنت إلغاء برنامج “ذي لايت شوو” الذي يوجّه مقدّمه ستيفن كولبرت انتقادا لاذعا للرئيس الأميركي.
واحتاجت السلطات الأميركية إلى سنة للبت في مشروع “سكاي دانس” التي طرحت مبلغ 8.4 مليار دولار للاستحواذ على المجموعة التي انبثقت من أستوديوهات الإنتاج الشهيرة “باراماونت”. ولم تذكر الهيئة الناظمة للاتصالات في الولايات المتحدة “أف.سي.سي” في بيانها سوى جوانب لا علاقة لها كثيرا بصون المنافسة وأنشطة المجموعتين، وهما عادة من أهمّ العناصر التي تستند إليها الهيئة الناظمة في قراراتها.
ودفعت الوكالة “سكاي دانس” خصوصا إلى التعهّد بأن تتّخذ في “سي.بي.أس” تدابير “من شأنها أن تصحح الانحياز الذي قوّض ثقة الجمهور في وسائل الإعلام الوطنية”. وكثيرا ما ينتقد دونالد ترامب “سي.بي.أس”، متّهما إيّاها خصوصا بأنها “خارج السيطرة”. وفي منتصف أبريل، اتّهم برنامج “60 مينتس” بالتشهير به وأعرب عن تأييده لاتّخاذ مدير “أف.سي.سي” عقوبات في حقّ المحطة بسبب “سلوكها غير القانوني”.
وفي أكتوبر، ادّعى على “سي.بي.أس” أمام القضاء متّهما برنامج “60 مينتس” بأنه غيّر على نحو مخادع مقابلة مع منافسته الديمقراطية للانتخابات الرئاسية كامالا هاريس. وفي مطلع يوليو، قبلت “باراماونت” دفع 16 مليون دولار لحل القضية، بعدما طالبها دونالد ترامب بعطل وضرر بقيمة 20 مليار دولار. وارتفعت عدّة أصوات للتنديد بقرار “باراماونت” التي اتّهمت بمراعاة ترامب ماليا، للحصول على الضوء الأخضر من “أف.سي.سي”.
◙ ترامب كثيرا ما ينتقد "سي.بي.أس" متّهما إيّاها بكونها “خارج السيطرة” وفي منتصف أبريل اتّهم برنامج “60 مينتس” بالتشهير به
ووصف ستيفن كولبرت مقدّم “ذي لايت شوو” الذي يعدّ من أبرز البرامج المسائية، هذه الصفقة بـ”الرشوة الكبيرة”. وقال الفكاهي الستيني “لا أدري إذا كان بإمكاني أن أثق مجدّدا في هذه المؤسسة”. وبعد بضعة أيّام، أعلنت محطة “سي.بي.أس” وقف البرنامج الشهير بعد انتهاء موسم 2025 – 2026، متطرّقة إلى “قرار مالي بحت”.
ويعدّ هذا الاتفاق، “بالإضافة إلى الفساد الذي يشوبه” مناورة من حكومة ترامب “لجعل التغطية الصحفية لسي.بي.أس أكثر محاباة لليمين المعروف بـ”ماغا” نسبة إلى شعار الرئيس المختصر “لنجعل أميركا عظيمة مجدّدا”، على ما قال السيناتور الديمقراطي إد ماركي عن ماساتشوستس، مشيرا “هذا هو الشكل الذي تتخذه الرقابة في الولايات المتحدة”.
وحصلت الهيئة الناظمة للاتصالات أيضا من “سكاي دانس” على ضمانات بإلغاء برامج الترويج للتنوّع والدمج في سياق مجموعة “باراماونت”. ويسعى الرئيس الأميركي إلى اجتثاث هذه المبادرات من كلّ المؤسسات والهيئات العامة والمراكز التعليمية، باعتبار أنها تنطوي على تمييز في حقّ البيض.
ومن شأن استحواذ “سكاي دانس” على “باراماونت” أن يساعد الأخيرة في تحسين وضعها المالي في ظلّ تقلّص الإيرادات وتضاؤل الربحية. وتسعى المجموعة، على غرار منافسيها، إلى تطوير خدماتها في مجال البث التدفقي مع منصة “باراماونت+” التي ما زالت محدودة النطاق ومعدومة الأرباح بعد أربع سنوات على إطلاقها.
وينبغي الآن على “سكاي دانس” أن تثبت أن ثمة مشاريع يمكن تحقيقها مع “باراماونت” التي تستند إلى نموذج عمل مختلف عنها كثيرا. ولا تملك “سكاي دانس” التي ساهمت في إنتاج أعمال كبيرة، من قبيل “ميشن إنمباسبل” و”توب غان” قنوات بثّ خاصة بها. وأنشئت الشركة سنة 2010 بمبادرة من ديفيد إليسون ابن مؤسس شركة التكنولوجيا المعلوماتية “أوراكل” لاري إليسون.