وزير الخارجية التونسي: بلادنا ليست دولة عبور لضحايا الاتجار بالبشر
تونس- جدّد وزير الشؤون الخارجيّة والهجرة والتونسيين بالخارج محمد علي النفطي تأكيد موقف تونس المبدئي والثابت الرافض بأن “تكون دولة عبور أو أرض إقامة للمهاجرين غير النظاميين، ضحايا شبكات الاتجار بالبشر.”
وشدد النفطي في كلمته أمام الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة، على أن الهجرة ينبغي أن تبقى خيارا لا ضرورة، وإذا كانت منظمة فإنها تصبح رافعة للتنمية والتقارب الثقافي بين الشعوب.
ودعا الوزير إلى تعزيز مبدأ التضامن الدولي في مجال الهجرة، مشدّدا على الحاجة الماسّة لاعتماد مقاربة شاملة لمعالجة الأسباب العميقة للهجرة غير النظامية وتفكيك شبكات تهريب المهاجرين الضحايا مع العمل على إيجاد حلول أكثر شمولاً وفعالية لضمان التوازن بين مكافحة الهجرة غير النظامية وتعزيز قنوات الهجرة الشرعية وتمويل مشاريع تنموية لفائدة المهاجرين العائدين إلى بلدانهم.
ويعرّف القانون التونسي جريمة الاتجار بالبشر على أنها “استقطاب أو تجنيد أشخاص أو نقلهم أو تحويل وجهتهم أو ترحيلهم أو إيواؤهم أو استقبالهم باستعمال القوة أو السلاح أو التهديد بهما أو غير ذلك من أشكال الإكراه، وذلك بقصد الاستغلال أياً كانت صوره.”
ويعاقب القانون بـ”السجن 15 سنة وغرامة مالية تتراوح بين 50 ألف دينار (17 ألف دولار) و100 ألف دينار (33 ألف دولار) كل من يتاجر بالبشر.”
ويعتبر القانون رقم 61 لسنة 2016 ضمانة لكل من يتعرض لأيّ نوع من أنواع الاستغلال أو الإكراه، لكن الظاهرة تستفحل في المجتمع التونسي، الذي يشهد تحولات مجتمعية وديموغرافية لافتة، خصوصا مع توافد الآلاف من المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، ما جعلهم أحيانا عرضة للاستغلال في البلد المتخبط في الأزمات الاقتصادية والاجتماعية.
وقدم أغلب المهاجرين غير النظاميين إلى تونس من دول أفريقية أخرى هربا من الأزمات السياسية والاقتصادية في بلدانهم، بهدف العبور إلى أوروبا عبر البحر، حيث تعتبر تونس محطة عبور نحو السواحل الإيطالية؛ أولى نقاط الوصول إلى القارة الأوروبية.
وأفاد المحلل السياسي والخبير الأمني خليفة الشيباني أن “هذا هو الموقف الأول لتونس التي قالت إنها لن تكون حارسا لجنوب المتوسط ولن تكون مركزا لإيواء المهاجرين أو عبورهم لكن هناك العديد ممن حاول تأويل ذلك، لأنه يشمل إستراتيجيات شبكات الاتجار بالبشر.”
وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن “هؤلاء هم ضحايا تلك الشبكات، والملف فيه بعد إنساني وقانوني، وهناك العديد ممن يصطادون في الماء العكر بمناكفات سياسية.”
ولفت الشيباني إلى أن “عمليات اجتياز الحدود تقلصت بنسبة 80 في المئة بين السنة الماضية وهذه السنة، كما أن عمليات العودة الطوعية للمهاجرين نحو بلدانهم قلصت من عددهم في تونس.”
وأكد الرئيس التونسي قيس سعيد في أبريل الماضي، لدى زيارته إلى محافظة المنستير (شرق) لإحياء الذكرى 25 لوفاة الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، أنّ “العمل مستمر لتمكين المهاجرين غير النظاميين من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء الموجودين في تونس، وتحديدًا بمحافظة صفاقس في منطقتي العامرة وجبنيانة من العودة إلى دولهم.”
80
في المئة نسبة تقلص اجتياز الحدود بين السنة الماضية وهذه السنة
وتابع سعيّد أنه “تم العمل على أن يتم إجلاء المهاجرين غير النظاميين بطريقة لم تحصل في أيّ دولة على الإطلاق، إذ تدخلت قوات الحماية المدنية والهلال الأحمر التونسي والكشافة والأهالي، والعمل جار على الإجلاء بناء على اختياراتنا لأننا نرفض أن تكون تونس دولة عبور ولا دولة مقر.”
وأضاف قيس سعيّد أنه “تم التعامل مع هؤلاء الضحايا الذين جيء بهم من قبل عدد من الشبكات الإجرامية، والذي كلّف وجودهم المجموعة الوطنية الكثير، بطريقة إنسانية،” لافتًا إلى أنّه “لن يقبل بأن يكون المهاجرون في هذا الوضع كما لن نقبل بأن تدفع تونس ثمن نظام اقتصادي عالمي هو الذي أدى بهم إلى هذا البؤس والإملاق والوضع غير الإنساني.”
وتواترت البيانات في تونس، خلال الفترة الماضية، عن رحلات عودة لمهاجرين غير نظاميين طوعا إلى بلدانهم، وسط خطة لبرمجة رحلة طوعية كل أسبوع، وفق ما أفاد به عماد مماشة المتحدث باسم الإدارة العامة للأمن الوطني في تصريحات نقلها راديو “موزاييك” الخاص.
وفي 4 أبريل الماضي بدأت السلطات التونسية عملية إخلاء مخيمات تضم الآلاف من المهاجرين غير النظاميين بمحافظة صفاقس جنوبي البلاد. وقال متحدث الإدارة العامة للحرس الوطني التابع لوزارة الداخلية حسام الدين الجبابلي آنذاك إن عملية الإخلاء بمنطقتي العامرة وجبنيانة في صفاقس انطلقت قبل أسبوع بإزالة أكبر مخيم، والذي يضم حوالي 4 آلاف شخص من دول أفريقيا جنوب الصحراء.
وأكدت المنظمة الدولية للهجرة بتونس، في بيان نشرته في أبريل الماضي، أنها “تعمل بشكل وثيق مع الحكومة التونسية لإيجاد حلول للاستجابة لاحتياجات المهاجرين خلال مراحل عملية برنامج العودة الطوعية وإعادة الإدماج.” وأوضحت المنظمة أنها “عززت قدرتها على تقديم الدعم في مجال العودة الطوعية وإعادة الإدماج لجميع المهاجرين الراغبين في الاستفادة من هذا الدعم.”
وبداية العام الجاري، قال رئيس لجنة الهجرة غير النظامية بتونس خالد جراد في تصريحات إعلامية، إن التقديرات تشير إلى وجود نحو 20 ألف مهاجر غير نظامي بمنطقتي العامرة وجبنيانة في صفاقس، فيما لا تتوفر إحصائيات رسمية دقيقة عن أعدادهم في بقية مناطق البلاد.