هرمون الكورتيزول موضع وعود كاذبة على الإنترنت

الرسائل المُتداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تشير إلى أنّ الكورتيزول يُؤثّر على الصحة، بعيدة عن الواقع.
الأحد 2025/10/19
فحص الكورتيزول ينبغي أن يجريه متخصص

باريس - يروّج أشخاص يدّعون التخصص لنصائح ومنتجات يقولون إنّها قادرة على تنظيم مستويات الكورتيزول في الجسم والتخفيف تاليا من آثاره، وذلك على خلفية تصاعد الجدل عبر منصات التواصل الاجتماعي بشأن دوره في التسبب بمشاكل صحية متعددة.

ويؤدي الكورتيزول المعروف بهرمون التوتر، وهو هرمون تُنتجه الغدد الكظرية، دورا في تنظيم التوتر والتمثيل الغذائي والجهاز المناعي. ويتبع إفرازه نمطا يوميا منتظما، إذ يكون في ذروته صباحا ثم ينخفض تدريجيا على مدار اليوم. ويمكن أن يتعطل هذا الإيقاع عند التعرض لمواقف عصيبة.

لكن انخفاض مستويات الكورتيزول أو ارتفاعها بشكل مفرط أمر نادر جدا، كما هو الحال عند الإصابة بمتلازمة كوشينغ (زيادة) أو مرض أديسون (نقص). وينشر الأشخاص الذين يدعون التخصص “رموز قسائم” لمكملات غذائية تعد بخفض مستويات الكورتيزول بنسبة تصل إلى 75في المئة.

ويشير هؤلاء الأشخاص إلى “تسعة مؤشرات مُقلقة لارتفاع مستويات الكورتيزول”، معدّدين منها اضطرابات النوم، وصعوبة في فقدان الوزن، والشعور المستمر بالبرد، وسرعة الانفعال.

وفي حديث إلى وكالة فرانس برس، قال البروفيسور غيّوم أسييه، المتخصص في الغدد الصماء في مستشفى كوشان في باريس، إن هذه الرسائل المُتداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تشير إلى أنّ الكورتيزول يُؤثّر على الصحة، “بعيدة” عن الواقع.

بدوره أكد الطبيب في الصحة العامة تيبو فيولي أنه خارج هذه الحالات المرضية، “لا داعي للقلق بشأن مستوى الكورتيزول”، مندّدا بما يصفه بـ”دجل” الذين يدعون أنهم اختصاصيون.

♦ الكورتيزول المعروف بهرمون التوتر، وهو هرمون تُنتجه الغدد الكظرية، يؤدي دورا في تنظيم التوتر والتمثيل الغذائي والجهاز المناعي

ويستخدم هؤلاء مفهوم “تعب الغدد الكظرية”، ليؤكدوا أن “ملايين الأشخاص يعانون من ضعف نشاط الغدد الكظرية نتيجة التعرض المتكرر لعوامل ضغط نفسي، مما يؤدي إلى ظهور عدد كبير من الأعراض غير المحددة”… يمكن وفق فيولي أن “يتعرف الجميع على إصابتهم بها”.

وبحسب الجمعية الفرنسية للغدد الصماء، لا يوجد دليل علمي يؤكد أن إرهاق الغدة الكظرية حالة طبية فعلية. وخلصت مراجعة أجريت عام 2016 لـ58 دراسة إلى أنّ هذا مجرد خرافة.

ويزعم بعض “المدرّبين في مجال التغذية” أن الكورتيزول يمكن أن يمنع فقدان الوزن، وهو مسؤول عن ظهور الانتفاخ في البطن أو الوجه. ومع أنّ الإفراز المفرط لهرمون الكورتيزول قد يؤثر على مظهر الوجه، كما هو الحال لدى المصابين بمرض كوشينغ، فإن الضغط النفسي اليومي لا يكفي وحده للتسبّب في تغيّرات من هذا النوع.

ولمكافحة هذا الخلل المزعوم في ضبط الكورتيزول، تعجّ وسائل التواصل الاجتماعي بمنشورات عن الحميات والمكملات الغذائية ومشروبات الديتوكس المصنوعة من ماء جوز الهند وعصير الحمضيات، والتي يُفترض أنها تُنظّم الهرمون.

يُشير فيولي إلى أن “الهدف من الحديث عن الكورتيزول هو الربح المادي فقط، أي البيع”، في حين لا يوجد بيانات سريرية تُثبت الآثار المفيدة لهذه المنتجات. وتُحذّر المتخصصة في أمراض الكبد والجهاز الهضمي بولين غيّوش، من سوق الاختبارات البيولوجية “التي يصفها من يُدّعون أنهم متخصصون” خارج النظام الطبي.

وتوضح غيّوش “نتحدث هنا عن فحص الكورتيزول اللعابي، بالإضافة إلى فحص ميكروبات الأمعاء والحساسية على الطعام، والتي يفترض أن تكشف نتائجها عن اختلالات أو نقص لا يمكن رصده من خلال ما يُعرف بالطب التقليدي.

وبحسب شهادات جمعتها، تتراوح تكلفة هذه الفحوصات “غير الموثوقة إطلاقا”، بين “300 و1500 يورو للحزمة الكاملة”. ويقول أسييه “إذا لجأ المرضى إلى مسار بديل، فإنهم يخسرون أي ضمانة لجودة التحاليل أو النتائج”.

وتتوفر أيضا اختبارات “منزلية” للكورتيزول عبر الإنترنت. ويوضح أسييه “إذا كانت الخدمة المقدمة غير معتمدة وتوفر للأشخاص معدات لإجراء الفحوصات بأنفسهم، بدون أن تكون النتائج معتمدة من مختبر طبي رسمي في المدينة أو المستشفى، فهناك مخاطرة فعلية” تتعلق بصحة ودقة التحاليل.

إلى جانب “خسارة المال”، تشير الدكتورة غيوش إلى خطر التشتت لهؤلاء الأشخاص الذين غالبا ما يكونون في حالة يأس، ويتلقون وعودا بإيجاد حلول لكل مشاكلهم، ما قد يدفعهم إلى الابتعاد عن الطب التقليدي.