معرض الفرس في الجديدة.. احتفاء مغربي بالأصالة والتراث
تحتضن مدينة الجديدة المغربية الدورة الـ16 من معرض الفرس، تحت شعار "العناية بالخيل، رابطة وصل بين ممارسات الفروسية"، في حدث يحتفي بتراث الفروسية المغربية، ويجمع بين العروض الرياضية والندوات العلمية والأنشطة الترفيهية، بمشاركة واسعة.
الدار البيضاء (المغرب) - تستعد مدينة الجديدة المغربية لاحتضان فعاليات الدورة السادسة عشرة من معرض الفرس، خلال الفترة الممتدة من 30 سبتمبر إلى 5 أكتوبر المقبل، في حدث سنوي يكرّس مكانته كمنصة مرجعية لتثمين تراث الفروسية المغربية، وذلك تحت شعار “العناية بالخيل، رابطة وصل بين ممارسات الفروسية”.
ويُعد هذا المعرض مناسبة وطنية ودولية لتسليط الضوء على الموروث الثقافي المرتبط بالفرس، وإبراز المهن والصناعات التقليدية التي نشأت حوله، من تربية الخيول إلى صناعة السروج واللجام، مرورًا بفنون الفروسية والعروض الاستعراضية. كما يشكّل فرصة لتجديد الحوار حول مستقبل القطاع، في ظل التحولات الاقتصادية والتكنولوجية التي يشهدها العالم.
وتسعى دورة هذا العام إلى تعميق النقاش حول إدماج تطور قطاع الخيل ضمن ديناميكية مسؤولة ومستدامة، من خلال التركيز على شروط الإيواء والتربية والرعاية والاستعمالات المتعددة للفرس، سواء في المسابقات أو العروض أو الإنجاب أو الترفيه. ويعكس هذا التوجه تزايد الوعي، وطنياً ودولياً، بأهمية إعادة الاعتبار للفرس كمحور أساسي في ممارسات الفروسية، وككائن حي يستحق العناية والاحترام.
ويؤكد منظمو المعرض أن العناية بالخيل لم تعد مجرد مسألة تقنية، بل أصبحت معيارًا أخلاقيًا ومهنيًا، يحدد جودة الممارسة الفروسية ويعكس مدى تطور القطاع. وهو ما يجعل من شعار هذه الدورة دعوة مفتوحة لإعادة التفكير في العلاقة بين الإنسان والفرس، على أسس من المسؤولية والرفق والتكامل.
ويقدّم المعرض برنامجًا غنيًا ومتنوعًا، يشمل منافسات في الفروسية بمعايير عالمية، إلى جانب عروض مخصصة للاحتفاء بالخيول البربرية والعربية البربرية والعربية الأصيلة، في مشاهد تجمع بين الأناقة والانضباط والشغف. وتُعد هذه العروض فرصة للجمهور لاكتشاف جماليات الفرس المغربي ومهارات الفرسان في التحكم والتفاعل الفني مع الخيل.
وعلى المستوى الثقافي والعلمي يحتضن المعرض سلسلة من المحاضرات والندوات التي ينشطها خبراء مغاربة ودوليون، وتتناول مواضيع متخصصة في العناية بالخيل، والتغذية، والصحة البيطرية، والتراث المرتبط بالفروسية، بمشاركة باحثين ومهنيين من خلفيات علمية متنوعة. وتُقام هذه الندوات في جلستين متكاملتين، تجمع بين التحليل الأكاديمي والتجربة الميدانية.
ومن أبرز مستجدات هذه الدورة تنظيم يوم اقتصادي بالشراكة مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب، يهدف إلى تعزيز النقاش حول التكنولوجيا والتدبير المستدام والشراكات الدولية، وتمكين المهنيين من مواكبة أحدث التطورات في القطاع. ويُتوقع أن يشهد هذا اليوم لقاءات أعمال (B2B)، وعروضًا من شركات ناشئة تقدم حلولًا مبتكرة في مجالات التغذية والرعاية والتدريب والتسويق الرقمي.
ويحظى الجانب الترفيهي بمكانة بارزة في برنامج المعرض، حيث تُقدَّم عروض فروسية من فرق مغربية وأجنبية، تجمع بين المهارة التقنية والبراعة الفنية، مع ثلاثة عروض جديدة تُقدَّم لأول مرة. ومن أبرزها مشاركة خيول إسطبل “Szilvásvárad” الهنغاري، التي ستسير لأول مرة على الرمال الأفريقية، وعروض الفارس الإيطالي بارتولو ميسينا، والثنائي كيفن فيريرا وجيروم سيفير.
كما يشهد المعرض العرض الخيالي للثنائي كريستوف وابنه ماكس هاستا لويغو، اللذين يواصلان تقليدًا عائليًا في أداء رقصات فنية مع الخيول، تجمع بين الإيقاع والمسرح والحركة، في تجربة بصرية تأسر الجمهور.
وتشارك مؤسسات وطنية في تقديم عروض فروسية، منها خيالة الدرك الملكي، وخيالة المديرية العامة للأمن الوطني، وأكاديمية فنون الفروسية الحديثة بمراكش، التابعة للشركة الملكية لتشجيع الفرس، في عروض تجمع بين الدقة العسكرية والانضباط الفني والتراث الثقافي.
ويخصص المعرض فضاءً للأطفال، يضم ورشات تربوية وأنشطة تفاعلية وعروضًا علمية وتدريبات تطبيقية مع الفرس، بهدف ترسيخ ثقافة الفروسية لدى الأجيال الصاعدة، وتعزيز علاقتها بالحيوان والطبيعة.
كما يولي المعرض أهمية خاصة لمشاركة مختلف جهات المملكة، من خلال رواق جهوي يعكس البعد الوطني الشامل، ويتيح للزوار اكتشاف تنوع المنتجات التقليدية المرتبطة بالفروسية، من أزياء ومعدات مثل السروج واللجام والركاب، في فضاء يجمع بين التقاليد الجهوية والتطلعات الوطنية.
ويُقام فضاء مهني متكامل يمثل مختلف مكونات سلسلة الخيل، من صناع السروج والمعدات والمربين والتعاونيات ومراكز الرعاية وخبراء التغذية والشركات الناشئة، في رافعة اقتصادية تتيح تبادل الخبرات وتنظيم لقاءات أعمال واكتشاف حلول تقنية متقدمة.
وفي تصريح سابق أكد وزير الفلاحة، أحمد البواري، أن المعرض أصبح موعدًا سنويًا رئيسيًا في أجندة قطاع الفروسية، مشيرًا إلى أن شعار هذه الدورة يعكس الرغبة في تحديث القطاع وتثمين تقاليده وقيمه الأخلاقية، في انسجام مع إستراتيجية “الجيل الأخضر”.
