مؤتمر دولي في الدوحة يدعو لحماية الصحافيين في مناطق النزاع

المؤتمر بحث سبل تعزيز حماية الصحافيين وضمان سلامتهم أثناء تغطية النزاعات، والتصدي لظاهرة الإفلات من العقاب في الجرائم المرتكبة ضدهم.
الخميس 2025/10/09
الإفلات من العقاب متواصل

الدوحة – دعا المشاركون في “المؤتمر الدولي لحماية الصحافيين في مناطق النزاعات المسلحة”، الذي انطلقت أعماله في العاصمة القطرية الدوحة، إلى إنهاء ظاهرة الإفلات من العقاب من مرتكبي الجرائم ضد الصحافيين، وتفعيل القوانين والآليات الدولية لضمان حمايتهم أثناء أداء مهامهم الميدانية.

وشارك في المؤتمر، الذي تنظمه اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في دولة قطر بالشراكة مع مركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسان بشبكة الجزيرة الإعلامية، وبالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة (اليونسكو) واللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان، عدد من المسؤولين الأمميين والخبراء، الذين شددوا على أن حماية الصحافيين تمثل ركنا أساسيا في الدفاع عن الحقيقة وصون حرية التعبير.

ويبحث المؤتمر، سبل تعزيز حماية الصحافيين وضمان سلامتهم أثناء تغطية النزاعات، والتصدي لظاهرة الإفلات من العقاب في الجرائم المرتكبة ضدهم.

وأكدت رئيسة اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بقطر مريم بنت عبدالله العطية على أهمية المضي قدما في تعزيز الحماية وترسيخ البيئة الآمنة والتمكينية للصحافيين، لافتة إلى تفاقم الانتهاكات الجسيمة والاستهداف الممنهج للصحافيين وذويهم ومجتمعاتهم، بهدف إسكات أصواتهم المعترف بها بموجب القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

 مريم بنت عبدالله العطية: تفاقم الانتهاكات والاستهداف الممنهج للصحافيين وذويهم ومجتمعاتهم، بهدف إسكات أصواتهم
 مريم بنت عبدالله العطية: تفاقم الانتهاكات والاستهداف الممنهج للصحافيين وذويهم ومجتمعاتهم، بهدف إسكات أصواتهم

قالت العطية “إن تنظيم هذا المؤتمر يأتي في سياق متابعتنا الحثيثة لأوضاع الصحافيين في مناطق النزاعات المسلحة، إلى جانب حرصنا على متابعة تنفيذ مخرجات مؤتمراتنا السابقة، ومن أبرزها توصيات إعلان الدوحة الأول، الصادر عن المؤتمر الدولي حول حماية الصحافيين في الحالات الخطيرة، المنعقد في يناير من العام 2012”.

وأعربت عن قلق اللجنة البالغ إزاء الأرقام المفزعة لوقائع القتل المتعمدة، بما في ذلك مقتل 254 صحافيا في قطاع غزة، منذ بداية هجمات قوات الاحتلال الإسرائيلي على القطاع في أكتوبر 2023 وحتى الآن، وكذلك مقتل عشرات الصحافيين في مناطق النزاعات الأخرى حول العالم.

وأكدت العطية أن الاكتفاء بالإدانة لم تعد مقبولة، فاتساع نطاق الجرائم والانتهاكات الخطيرة الموجهة ضد الصحافيين يشير إلى الحاجة الماسة إلى حراك واسع تشترك فيه الحكومات والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، وجميع أصحاب المصلحة، إلى جانب المؤسسات الأممية، بهدف تفعيل قواعد القانون الدولي، وإجراء إصلاحات شاملة لآليات الحماية، بما يعزز كفاءتها في مراقبة إعمال الالتزامات الدولية ذات الصلة، وإنهاء الإفلات من العقاب عبر مساءلة منتهكيها، وتعزيز ضمانات عدم التكرار.

وأكد المدير العام لشبكة الجزيرة الإعلامية الشيخ ناصر بن فيصل آل ثاني أن مهنة الصحافة تتعرض لاختبارات تهدد كينونتها ودورها الإنساني، موضحا أن حماية الصحافيين “بالنسبة لنا قضية جوهرية تمسّ مستقبل المهنة وحياة العاملين فيها، وهو ما يضفي أهمية بالغة على المؤتمر”.

وأوضح الشيخ ناصر أن الصحافة لم تكن يوما طرفا في النزاعات، بل كانت عينا لنقل الحقيقة، وصوتا للضحايا، وأداة لتوثيق معاناة المدنيين، مشددا على أن احترام هذا الدور وضمان حرية الصحافيين في أداء رسالتهم هما المدخل الطبيعي لتحقيق العدالة، وإلا فإن جرائم الحرب ستظل بلا شهود، والإنسانية ستبقى بلا ذاكرة.

ومن جانبه، أكد مساعد المدير العام لليونسكو للاتصال والمعلومات توفيق الجلاصي أن منظمة اليونسكو، بصفتها الوكالة الأممية المكلفة بحماية حرية التعبير وسلامة الصحافيين وضمان الوصول إلى المعلومات، ترحب بانعقاد هذا المؤتمر في الدوحة الذي يعزز التعاون الدولي في مجال حماية الإعلاميين.

وقال الجلاصي، في كلمة مسجلة، إن الصحافيين حول العالم يواجهون تهديدات ومضايقات ورقابة، وغالبا ما يتعرضون لأعمال عنف مميتة، بينما تبقى الصحافيات أكثر عرضة للتحرش، سواء عبر الإنترنت أو خارجه.

وأوضح أن اليونسكو، بصفتها الجهة المنسقة لخطة عمل الأمم المتحدة بشأن سلامة الصحافيين ومسألة الإفلات من العقاب، تعمل على تعزيز التعاون الدولي، ودعم الآليات الوطنية للحماية، وبناء بيئات آمنة تمكن الصحافيين من أداء رسالتهم دون خوف.

وشدد الجلاصي على أن سلامة الصحافيين ليست مجرد حماية لأرواح الأفراد، بل هي أيضا حماية لحق المجتمعات في الوصول إلى معلومات موثوقة، وأحيانا منقذة للحياة.

pp

وأكدت المفوضة في اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب والمقررة الخاصة بحرية التعبير والوصول إلى المعلومات ورفينا جيريشا تابسيسونو، أن حماية الصحافيين تمثل محورا رئيسيا في عمل اللجنة الأفريقية، التي تتابع بدقة حالات الانتهاكات ضد الصحافيين في القارة.

وقالت في مداخلة مسجلة إن اللجنة اعتمدت عام 2019 إعلان مبادئ حرية التعبير والوصول إلى المعلومات في أفريقيا، الذي ينص على أن الحق في التعبير عبر وسائل الإعلام لا يجوز أن يخضع لقيود قانونية غير مبررة، كما يدعو المبدأ العشرون منه الدول الأطراف إلى ضمان سلامة الصحافيين والعاملين في الإعلام، واتخاذ التدابير القانونية للتحقيق في الهجمات ضدهم ومقاضاة مرتكبيها.

وأوضحت أن اللجنة يمكنها اتخاذ إجراءات عاجلة عند تلقيها بلاغات عن اعتداءات ضد الصحافيين، من بينها توجيه نداء عاجل إلى الدولة المعنية تطالبها فيه بحماية الصحافي المعني وتقديم تقرير مفصل عن الإجراءات المتخذة.

واختتمت بالقول إن فكرة إنشاء لجنة دولية مستقلة للتحقيق في جرائم قتل الصحافيين في مناطق النزاع قد تكون خطوة مهمة، لكن نجاحها يعتمد على وضوح آليات جمع الأدلة ومساءلة الجناة.