كوخ العسل وجهة سياحية مفضلة في السعودية

يمكن للزوار الاستلقاء على سرير بانورامي محاط بأكثر من نصف مليون نحلة لاستنشاق هواء يُعتقد أن له فوائد في علاج الأمراض الصدرية.
الخميس 2025/08/28
قصة التراث والاستدامة

في قرية رجال ألمع بعسير، حوّل محمد الألمعي منزل عائلته إلى "كوخ العسل"، وهو وجهة سياحية تستقطب أكثر من 3500 زائر يوميا. يقدم الكوخ تجربة تذوق العسل، ومشاهدة تربية النحل، بالإضافة إلى السياحة العلاجية، معتمدا على التراث المحلي وجمال الطبيعة الحيطة.

رجال ألمع (السعودية) ـ في جبال قرية رجال ألمع الخضراء بمنطقة عسير في السعودية، حول المهندس الشاب محمد الألمعي منزل عائلته إلى وجهة سياحية تجذب زوارا من مختلف أنحاء العالم لتذوق عسل المنطقة الفريد.

أسس الألمعي “كوخ العسل” قبل أربع سنوات، وحوّل منزله المكون من ثلاثة طوابق إلى موقع يستقبل أكثر من 3500 زائر يوميا، بحسب قوله. وما زالت والدته تقيم في الطابق الثاني، بينما يُخصص الطابق الثالث لتذوق أكثر من 50 نوعا من العسل.

قال الألمعي “لقد جئتم إلى عائلة ريفية متواضعة، تمكنت خلال نحو أربع سنوات من استقطاب ما يقارب مليون ومئتي ألف زائر من أكثر من مئة دولة، يمثلون جنسيات متنوعة”.

يوفر الكوخ تجربة تعليمية تتيح للزوار الاطلاع على طرق إنتاج العسل وخصائصه العلاجية. ويوضح الألمعي أن الكوخ يقدم نكهات عسل مستخلصة من الغطاء النباتي المحيط، مضيفا “يمكن للزوار مراقبة أنشطة النحل في 40 خلية، بما في ذلك صناعة الشمع، ورعاية اليرقات، ووضع البيض”.

pp

وتابع “كما ترون، يستقبل الموقع يوميا ما بين 3500 و4000 زائر. هذا المكان المتواضع، بمقوماته الطبيعية وتراث تربية النحل العريق، وبمواردنا المحدودة ومجتمعنا الريفي، تمكنا من تحويله إلى مصدر استثماري ووجهة ترفيهية وسياحية مميزة”.

يقع “كوخ العسل” في قرية رجال ألمع التاريخية بمنطقة عسير، بالقرب من أبها، على ارتفاع يزيد عن 2000 متر فوق مستوى سطح البحر. يتميز بتصميمه الفريد الذي يعتمد على مواد طبيعية، حيث بناه الألمعي باستخدام الأحجار والأخشاب المحلية بتكلفة منخفضة. يمتد الكوخ على مساحة لا تتجاوز 10 أمتار مربعة، وينقسم إلى منافذ داخلية وخارجية تضم جلسات تراثية وألمعية، وركنا للقهوة، وفضاءً لتذوق العسل، ومدخنة لإعداد المأكولات الشعبية.

تتسم التصاميم بالبساطة، حيث تظهر الهندسة الخشبية في الأثاث الملون الذي ينسجم مع الإطلالة الخارجية. أما الفضاء الخارجي فيضم طاحونة هوائية وجدرانا مزينة بأعمال القط العسيري الفنية، مع رفوف تصطف عليها مرطبانات زجاجية لحفظ العسل.

تحيط بالكوخ خلايا النحل التي تتيح للزوار فرصة مشاهدة عملية جني العسل. يضم الموقع مصفاة عسل تعمل بطاقة الرياح وطاحونة خشبية، ويعرض أساليب تربية النحل التقليدية، حيث تُحفظ الخلايا في جذوع أشجار مجوفة وهياكل حجرية.

يقدم المشروع تجربة فريدة في السياحة العلاجية، حيث يمكن للزوار الاستلقاء على سرير بانورامي محاط بأكثر من نصف مليون نحلة لاستنشاق هواء يُعتقد أن له فوائد في علاج الأمراض الصدرية.

قال الألمعي “في رجال ألمع، ومنذ الآلاف من السنين، اعتاد السكان بناء منزلين: أحدهما للسكن، والآخر مخصص للنحل. وما ترونه اليوم هو منزل النحل التراثي الذي يعكس هذه العادة القديمة. كان النحل يُربى داخل بيوت خشبية تُغطى لاحقا بهياكل صخرية. هذا المكان أصبح وجهة سياحية يقصدها الزوار للمشاركة في تجربة جني العسل بأنفسهم”.

يجذب الموقع سياحا من الخارج، منهم السائحة اليونانية أيوانا ليكاكي، التي قالت “سمعنا عن هذه الأماكن والمتنزهات والمدن القديمة، وعن العسل الرائع هنا. في بلدي لدينا عسل جيد جدا، لكننا أردنا تذوق العسل السعودي الشهير، وهذا ما دفعنا إلى الزيارة”.

pp

يتماشى المشروع مع إستراتيجية السعودية الشاملة لتوسيع نطاق السياحة ليشمل ما هو أبعد من الحج والمنتجعات الفاخرة. تستهدف المملكة زيادة أعداد زوار عسير ثلاثة أضعاف لتصل إلى حوالي ثمانية ملايين بحلول 2030، وفقا لهيئة تنمية عسير. وعلى الصعيد الوطني، استقبلت المملكة 116 مليون زائر في 2024، بزيادة 6 في المئة عن العام السابق، وفقا لوزارة السياحة.

وعن كوخه، قال الألمعي “استقبل هذا البيت حتى الآن أكثر من مليون ومئتي ألف زائر، رغم أن مساحته لا تتجاوز 300 متر مربع. إنه بيت متواضع، لكن قلوبنا مفتوحة لجميع الزوار”.

يؤكد الألمعي أهمية مشروعه ودور الريف السعودي في إطار رؤية السعودية 2030، قائلا “نطمح إلى إيصال رسالة مفادها أن القرويين والريف سيصبحون عنصرا محوريا في إعادة توجيه بوصلة السياحة والترفيه والاستثمار. ونحن، بإذن الله، قادرون على المساهمة في خطة تطوير البلاد نحو الأفضل”.

18