كلية مايو في الهند… واحة تعليمية تصنع قادة المستقبل
أجمير (الهند) - تحاول كلية مايو كوليدج المرموقة في أجمير في ولاية راجستان الهندية والتي كان يرتادها حصرا أبناء المهراجا وحل محلهم اليوم أولاد النخبة، الحفاظ على بعض تقاليدها التي تعود إلى 150 عاما، غير أن هذه المؤسسة لا تغفل مواكبة التطور.
وقال مدير الكلية سوراف سينا “أنا أحترم هذا الإرث كثيرا، لكنني أريد لمؤسستنا التعليمية أن تكون تطلعية إلى المستقبل وتكون أكثر ملاءمة لعالم متغير”.
في العام 1875، دخل أول طالب في مايو كوليدج وهو ابن مهراجا ألوار، الكلية محمولا على محفة برفقة 300 خادم.
وأنشأ هذه الكلية التي تحتفل هذا العام بالذكرى السنوية الـ150 لتأسيسها والتي صممت على غرار المدارس الداخلية النخبوية في إنجلترا، نائب الملك البريطاني إيرل مايو بهدف تعزيز العلاقات بين العائلة الملكية الهندية والمستعمرين البريطانيين.
غالبية التلاميذ في الهند ومن طبقة النحبة يخططون لإكمال دراستهم في الخارج، في بريطانيا أو أستراليا أو الولايات المتحدة
اليوم، من بين طلابها البالغ عددهم 850 والذين تتراوح أعمارهم بين تسعة إلى 18 عاما، هناك عدد قليل فقط يتحدرون من نسل العائلة الملكية.
فقد خلفهم أبناء وزراء ورجال أعمال ودبلوماسيين وكبار ضباط في الجيش.
وتبلغ الرسوم الدراسية حوالي 11500 دولار سنويا وهو مبلغ ضخم في بلد يعادل فيه نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي 2300 دولار تقريبا.
لكن بالنسبة إلى العديد من العائلات، فإن هذه الكلفة مبرّرة.
من بين هؤلاء أبيشيك سينغ تاك الذي يدير شركة لتنظيم الفعاليات في جودبور وهو نفسه متخرج من هذه الكلية. وقال “كان قرارا بديهيا بالنسبة إلي أن أرسل ابنَيّ للدراسة هنا، لأن هذا المكان يحضّرك لكل شيء”.
ومن أمام المبنى الرئيسي المهيب الذي بني بالرخام نفسه الذي بني به تاج محل، أكد “كل ما أنا عليه اليوم بدأ من هنا”.
يعتبر ابناه نيرباي (10 سنوات) وفيرين (17 عاما) هذا المكان الفاخر الذي يقيمان فيه تسعة أشهر في السنة، بمثابة منزلهما.
ويحلم نيرباي بالالتحاق بجامعة أكسفورد في المملكة المتحدة، فيما يرغب فيرين في الالتحاق بجامعة نيودلهي أو معهد العلوم السياسية في فرنسا، على أمل أن يصبح دبلوماسيا.
ورغم أن الانضباط العسكري الصارم الذي بنى سمعة كلية مايو ما زال سائدا، فإن السنوات الأخيرة شهدت التركيز بشكل أكبر على رفاه الطلاب وبناء ثقتهم بأنفسهم.
تبلغ مساحة الحرم الجامعي 76 هكتارا وهو عبارة عن واحة من الأشجار المعمرة والمروج الخضراء، ما يمثل واحة في صحراء راجستان. لكن الطلاب لا يجدون وقتا للاستراحة إذ يستيقظون في السادسة صباحا ويخلدون إلى النوم في التاسعة والنصف مساء.
وقال أرين البالغ 11 عاما مازحا “نحن مشغولون للغاية إلى درجة أنني لا أجد الوقت للتفكير في عائلتي”.
بعد عام من مغادرته مومباي للالتحاق بكلية مايو، يبدو أرين سعيدا ومرتاحا. وقال “أكثر ما أفتقده هو الطعام المنزلي”.
من جهته، أقر راجيش سوني، مدير المرحلة الابتدائية في الكلية، بأن الأشهر الأولى قد تكون صعبة. لذلك، وظفت المؤسسة متخصصين نفسيين وزادت عدد المدرّسات.
وأشار إلى أن “الأولوية هي أن نجعله مكانا سعيدا حتى يتمكن الطلاب من استكشاف كل شيء وتحقيق أهدافهم”.
ويقول أهالي التلاميذ إن النتائج تتحدث عن نفسها.
وقالت داكشي بيدي (38 عاما) وهي مدرّسة لغة إنجليزية في كلية مايو التي يرتادها أيضا ابنها البالغ 10 سنوات “لقد اكتسب ابني ثقة كبيرة بنفسه، وأصبح مستقلا للغاية”.
قبل بدء الحصص في الصباح، يجتمع التلاميذ ومعظمهم من الهندوس، مرتدين قمصانا بيضاء وسترات زرقاء داكنة لتلاوة الصلوات ومناقشة الأحداث الجارية.
ثم يحين وقت الدروس. يضم المنهج الدراسي وهو باللغة الإنجليزية العلوم واللغات الأجنبية والأدب والعلاقات الدولية والفن والموسيقى.
أما فترة بعد الظهر، فهي مخصصة للرياضة. وتقدم الكلية 20 نوعا من الرياضة منها البولو والغولف والسباحة والرماية والتنس وكرة القدم…
يأمل أرين، وهو ابن طبيبة ورجل أعمال، بأن يصبح لاعب كرة قدم محترفا، وهو يرى كلية مايو بمثابة الخطوة الأولى لتحقيق حلمه.
لكن غالبية التلاميذ يخططون لإكمال دراستهم في الخارج، في بريطانيا أو أستراليا أو الولايات المتحدة.
في المقابل، يرغب كثر منهم في المساهمة في ازدهار الهند ومن بينهم أدفايا سيدارث باتيا (17 عاما) الذي يأمل في إطلاق مشروع تجاري في وطنه “لمساعدة بلاده”.