تونس ترفع منسوب الحزم.. حملات أمنية تخنق شبكات المخدرات

لم تعد تونس مجرد معبر لتهريب المخدرات نحو دول الجوار وأوروبا، بل تحولت إلى سوق سوداء متنامية لمختلف المواد المخدرة.
الأحد 2025/10/12
مجهودات تذكر فتشكر

تونس- تكثف السلطات الأمنية بمختلف تشكيلاتها في تونس حملاتها ضدّ شبكات المخدرات في الفترة الأخيرة، محققة نجاحات مهمة منعت من خلالها كميات كبيرة كانت ستوزع في مختلف مؤسسات المجتمع.

ويرى مراقبون أن النجاحات الأمنية الأخيرة وإن كانت تؤكد يقظة من مختلف الأجهزة وفطنة في تجنيب البلاد انتشار كل أشكال الجريمة المنظمة، فإنها تؤكد من ناحية أخرى أن تونس أصبحت بلدا مستهدفا وهناك محاولات لتدمير المجتمع من خلال توزيع تلك الكميات.

ولم تعد تونس مجرد معبر لتهريب المخدرات نحو دول الجوار وأوروبا، بل تحولت إلى سوق سوداء متنامية لمختلف المواد المخدرة، على رأسها القنب الهندي والأقراص المهلوسة.

خليفة الشيباني: وجب التفكير في إدارة عامة لمكافحة المخدرات
خليفة الشيباني: وجب التفكير في إدارة عامة لمكافحة المخدرات

 وتمكّن أعوان الحراسة والتفتيش بالجمارك التونسية في معبر رأس الجدير الحدودي مع ليبيا من الكشف عن عدد كبير من الحبوب المخدرة، قدّرت بأكثر من 9240 حبة، مخفية داخل هيكل سيارة ذات ترقيم منجمي أجنبي.

وفي مرحلة أولى تمّ الكشف عن تحوّز سائق السيارة عددا من الحبوب المخفية بملابسه، ليتم إخضاعه للتفتيش وحجز السيارة التي لم يتبيّن المحجوز فيها من الوهلة الأولى.

وأفاد مصدر جمركي في تصريح لإذاعة محلية بأنه تمّ إيقاف السائق لمواصلة البحث في مآل الحبوب ولمزيد استنطاقه. إلاّ أنّه بتغيير مكان السيارة من الموقف المخصص للتفتيش إلى مكان الحجز تمّ التفطن لمكان إخفاء الكمية المتبقيّة والعثور على عدد كبير من الحبوب المخدرة، فتمّ استجلاب السائق لمواصلة البحث في القضية.

وتقوم شبكات دولية بمحاولة إدخال شحنات كبيرة من المواد المخدرة إلى تونس، برا أو جوا أو بحرا، وهي معدّة خصوصا للترويج بين صفوف المراهقين والشباب والتلاميذ، كما تجد شبكات ترويج المخدرات في تونس مجالا واسعا للتحرك في الوسط المدرسي، وخصوصا في صفوف التلاميذ، وتعمد هذه الشبكات إلى بث سمومها في هذه الشريحة التي تعد فريسة سهلة.

وأفاد المحلل السياسي والخبير الأمني خليفة الشيباني بأن “حجز الكميات الكبيرة في ميناءي رادس وحلق الوادي والآن في معبر راس جدير، يؤكد أننا نخوض حربا حقيقية ضد المخدرات.”

وأضاف لـ”العرب”، “في اعتقادي أن النجاح الأمني لا يكفي لمقاومة الظاهرة، بل يجب أن يعاضد بجهود المواطن ومؤسسات الإعلام، فضلا عن مجهودات المؤسسات التربوية.”

9240

قرص مخدر، مخفية داخل هيكل سيارة ذات ترقيم منجمي أجنبي تم حجزها بمعبر رأس جدير الحدودي

وتابع الشيباني أن “هناك رسائل إيجابية، مفادها أن تونس تملك وحدات أمنية متيقظة، ويجب التفكير في إدارة عامة لمكافحة المخدرات.”

وتواجه تونس مخاطر مستمرة بسبب محاولات إدخال المخدرات عبر الموانئ والمعابر الحدودية.

وخلال الأيام الأخيرة تمكن أعوان فرقة الشرطة العدلية بسيدي حسين (قرب العاصمة)، وإثر مداهمات وحملات يومية بمحيط المؤسسات التربوية في الجهة، من إيقاف أكثر من 40 مروجا للمخدرات وحجز كميات مختلفة من الأقراص المخدرة ومبالغ مالية متفاوتة متأتية من عائدات ترويج المخدرات.

وفي سبتمبر الماضي أعلنت السلطات التونسية عن إحباط محاولة لتوزيع واحدة من أكبر شحنات المخدرات التي استهدفت الأوساط التربوية، بعد أن تمكنت من حجز مئات الكيلوغرامات داخل حاوية بميناء رادس في الضاحية الجنوبية للعاصمة تونس.

 وأوضح بلاغ رسمي أن النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية أذنت بفتح تحقيق عاجل للكشف عن ملابسات العملية، عقب ضبط كمية ضخمة من المخدرات كانت مخبأة بإحكام بين أجهزة وآلات طبخ موردة من الخارج داخل حاوية قادمة من بلد أوروبي، وُجهت إلى إحدى الشركات الخاصة المختصة في بيع الأجهزة الكهرومنزلية.

وتؤكد مصادر الحرس الوطني في تونس أن 34 شخصًا يتورّطون يوميًا في قضايا تتعلّق بالمخدّرات، استنادًا إلى إحصائيات تغطي الفترة بين سنتي 2015 و2024.

ويتسبب تعاطي المخدرات في نحو نصف مليون حالة وفاة سنويًا، وفق تقديرات منظمة الصحة العالمية.