تونس أمام رهان تجاوز الصعوبات القديمة لإنجاح موسم الزيتون

خبراء يصفون موسم هذا العام بـ"الواعد"، حيث من المنتظر أن تقدر كمية المحصول بنصف مليون طن، أي بزيادة تقدر بثلث الإنتاج للموسم الماضي.
الاثنين 2025/10/13
استفيدوا من كل حبة من المحصول

تونس - تكثف وزارة الفلاحة التونسية، ومن ورائها الحكومة، جهودها لإنجاح موسم الزيتون المرتقب، في مسعى لتجاوز الصعوبات التي رافقت المواسم الماضية وأثقلت كاهل المزارعين، ومن بينها مشاكل الجني والتمويل والتسويق.

ووصف خبراء موسم هذا العام بـ”الواعد”، إذ من المنتظر أن تقدر كمية المحصول بنصف مليون طن، أي بزيادة تقدر بثلث الإنتاج للموسم الماضي، وهو ما يستدعي جهودا إضافية خصوصا في مرحلة تصدير الزيت.

ولكن الخبراء يرون أن حجم الاستهلاك المحلي ما زال ضعيفا، وسط دعوات إلى البحث عن آليات جديدة للتشجيع على الاستهلاك، بسبب ضعف المقدرة الشرائية للتونسيين.

وتتصاعد الدعوات المطالبة بتفعيل الدبلوماسية الاقتصادية والبحث عن أسواق جديدة لترويج الزيت التونسي والتعريف بجودته عالميا.

الميداني الضاوي: الموسم سيشهد ارتفاعا في الإنتاج بنسبة 30 في المئة
الميداني الضاوي: الموسم سيشهد ارتفاعا في الإنتاج بنسبة 30 في المئة

وقال رئيس النقابة التونسية للفلاحين الميداني الضاوي إن “موسم الزيتون لهذا العام سيشهد ارتفاعا في الإنتاج بنسبة تقارب 30 في المئة”، داعيا إلى ضرورة العمل على زيادة الاستهلاك المحلي للزيت.

وأكد في تصريح لإذاعة محلية أن المؤشرات الأولية تؤكد أن الموسم الحالي سيكون ”محترما” من حيث المحصول، مشددا على أهمية تكييف الإنتاج بطريقة تضمن استفادة المنتج والمستهلك والدولة.

وانتقد رئيس النقابة ظاهرة بيع الزيت غير المعلب إلى الأسواق الأجنبية، خصوصا إلى منافسي تونس التقليديين في السوق العالمية مثل إيطاليا وإسبانيا، لافتا إلى أن ”تونس تنتج الزيت ثم تبيعه لهؤلاء الذين يعيدون تعليبه وتسويقه بأسمائهم”.

وأشار إلى أن النقابة اقترحت مراجعة منظومة الدعم عبر”تخفيض دعم الزيوت النباتية مثل زيت الصوجا، وتوجيه جزء منه إلى زيت الزيتون”، بما يعود بالنفع على كل من المنتج والمستهلك.

وذكّر الضاوي بأن الموسم الماضي كان صعبا على المنتجين بسبب تدني الأسعار، داعيا إلى التفكير في الحفاظ على غابات الزيتون، خاصة وأن ”نحو 95 في المئة من زراعات الزيتون مروية وتتطلب مصاريف مرتفعة تستوجب مرافقة المزارعين”.

ويعتبر إنتاج الزيتون من أكثر القطاعات الحيوية التي تضررت خلال السنوات الأخيرة بسبب الجفاف الذي زاد من متاعب الاقتصاد الذي يحاول الخروج من أزماته المزمنة.

وأفاد الخبير أنيس الخرباش بأن الموسم ينطلق قريبا، ولا بدّ من تجاوز عدّة صعوبات، من بينها تمويل المزارعين والوقوف إلى جانبهم حيث خصص البنك التونسي للتضامن 40 مليون دينار (13.61 مليون دولار) لتمويل الموسم.

13.61

مليون دولار خصصها البنك التونسي للتضامن لتمويل المزارعين الذين ينشطون في القطاع

وقال لـ”العرب”، “من الضروري تمويل المعاصر لتسهيل عملها وحتى تستقبل المحصول في أفضل الظروف، إلى جانب التخزين”، لافتا إلى أن كمية الزيتون المنتظرة هذا الموسم تقدر بنحو 500 ألف طن، أي بزيادة 55 في المئة عن الموسم الماضي.

وتابع الخرباش “على مستوى الترويج، لا يجب الاقتصار على الأسواق التقليدية، حيث صدرنا الموسم الماضي 40 في المئة من الكميات إلى إسبانيا و18 في المئة إلى إيطاليا و10 في المئة إلى كندا، وعلينا الذهاب إلى أسواق جديدة في آسيا كالصين”.

وأشار إلى أن الرئيس قيس سعيد استقبل الأسبوع الماضي وزير الفلاحة عزالدين بن الشيخ ودعا إلى ضرورة تنشيط الدبلوماسية الزراعية والاقتصادية وفتح قنوات جديدة، خصوصا وأن تونس تحتل المرتبة الثانية بواقع 15 في المئة من الصادرات في العالم.

وبخصوص انعكاسات وفرة الإنتاج على الأسعار في الأسواق المحلية، توقع الخرباش أن تكون مناسبة، أي ما بين 10 و12 دينارا (3.4 و4.8 دولار).

والأسبوع الماضي، شدد محافظ البنك المركزي فتحي النوري على ضرورة مضاعفة الجهود من قبل القطاع المصرفي لمواكبة الناشطين في حلقات الإنتاج والتحويل والترويج في القطاع، بما يسهم في المزيد من تنشيط الدورة الاقتصادية وتحفيز التصدير.

أنيس الخرباش: من الضروري تمويل معاصر الزيتون لتسهيل عملها
أنيس الخرباش: من الضروري تمويل معاصر الزيتون لتسهيل عملها

وأكّد خلال جلسة انعقدت بمقر البنك بحضور رئيس المجلس البنكي والمالي وعدد من المديرين العامين للمؤسسات البنكية، على ضرورة الارتقاء بمستوى الخدمات مع الحرص على المتابعة المستمرة والمزيد من التنسيق بين المؤسسات الممولة.

ودعا النوري خلال الجلسة، التي خصصت لمناقشة سبل ضمان حسن سير تمويل الموسم، البنوك إلى العمل على دعم تمويل الاستثمار في مختلف القطاعات الاقتصادية.

وكان بن الشيخ قد أوصى في وقت سابق هذا العام كافة المتداخلين في القطاع بإنجاح الموسم في ظل وجود مؤشرات إيجابية.

وفي إطار العمل المتواصل للوزارة لإنجاح موسم الزّيتون على مستوى الإنتاج والتّحويل والتّصدير، عقد الوزير اجتماعا للمجلس الوطني للزيتون بحضور ممثّلي الهياكل العمومية المتداخلة وممثّلي المهنة، وفق بيان الوزارة.

ويقدر عدد أشجار الزيتون في تونس بحوالي 107 ملايين شجرة موزعة على مساحة تقارب مليوني هكتار، بحسب التقديرات الرسمية.

وتُعد تونس من أكبر الدول من حيث المساحة المخصصة لغراسة الزياتين في العالم، والتي تشكل ركيزة أساسية للاقتصاد التونسي، حيث توفر فرص عمل واسعة وتساهم بنسبة كبيرة في الصادرات الزراعية.