تأثيرات سوء تغذية الحوامل والرضع في غزة ستمتد أجيالا

سوء التغذية هو المشكلة الأكبر، تضاف إليه مشاكل أخرى تتمثّل في نقص الأدوية ودمار البنى التحتية الطبية وتضرر المستشفيات.
الخميس 2025/10/23
أغلب المواليد خدج

نيويورك – حذّر صندوق الأمم المتحدة للسكان من أنّ تأثيرات سوء تغذية الحوامل والرضّع في قطاع غزة “ستمتدّ أجيالا” ممّا “سيسبّب على الأرجح مشكلات تتطلب رعاية مدى الحياة” للأطفال الذين يولدون حاليا في غزة.

وبحسب المسؤول في الوكالة الأممية المتخصّصة بالصحة الجنسية والإنجابية فإنّ واحدا من كلّ أربعة سكّان في غزة يعاني من الجوع، وإنّ من بين هؤلاء 11500 امرأة حامل.

وقال أندرو سابرتون في مؤتمر صحافيا في مقرّ الأمم المتحدة في نيويورك إنه نتيجة لذلك، يولد 70في المئة من حديثي الولادة خدّجا وبوزن منخفض، مقابل 20في المئة في الفترة التي سبقت اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر 2023.

وأوضح سابرتون أنّ كلّ مرافق حديثي الولادة في مستشفيات القطاع تعمل بأكثر بكثير من طاقتها (170في المئة من قدرتها الاستيعابية) ممّا يضطرها لوضع أطفال عديدين في حاضنة واحدة.

قطاع غزة، حيث فرضت إسرائيل قيودا على دخول المساعدات طوال الحرب، يشهد أعلى مستويات سوء التغذية منذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية على القطاع

ولفت إلى أنّ ثلث حالات الحمل في القطاع تعتبر حاليا “عالية الخطورة” وأنّ معدّل وفيات الأمهات “مرتفع”.

وأكّد المسؤول الرفيع في صندوق الأمم المتحدة للسكان أنّ “سوء التغذية هو المشكلة الأكبر”، تضاف إليه مشاكل أخرى تتمثّل بنقص الأدوية ودمار البنى التحتية الطبية إذ تضرّر أو دُمر 94في المئة من مستشفيات القطاع و15في المئة من المؤسسات العاملة توفّر رعاية التوليد الطارئة.

ولفت سابرتون إلى أنّ غياب وسائل منع الحمل يجبر بعض النساء على اللجوء إلى “إجهاضات خطرة”. وأضاف أنّ كل أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي والجنسي، ومن ضمنها الزواج المبكر، “انفجرت في غزة، كما هي الحال في سائر النزاعات الأخرى”.

ويشهد قطاع غزة، حيث فرضت إسرائيل قيودا على دخول المساعدات طوال الحرب، أعلى مستويات سوء التغذية منذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة. وسبق أن صرحت لجنة من خبراء الأمن الغذائي، بدعم من الأمم المتحدة، بأن أكبر مدينة في غزة كانت رسميا في حالة مجاعة في يوليو الماضي، حيث عانى 16في المئة من الأطفال الذين فحصتهم من سوء التغذية.

وقالت اللجنة، إنه حتى الأطفال الذين يتعافون سيتحملون العواقب الجسدية لبقية حياتهم. وقد يشمل ذلك تقزم النمو، ولين العظام، ومشاكل في الكبد والكلى، ومشاكل في الإدراك على المدى القصير، وزيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية والسكري وأمراض القلب لاحقا.

وخلص تقرير أصدرته مجموعة التغذية العالمية في فبراير 2024 يحمل عنوان ” تحليل هشاشة التغذية والوضع الغذائي في غزة ” إلى أن الوضع خطير بشكل خاص في شمال قطاع غزة، الذي انقطعت عنه المساعدات بشكل شبه كامل. وقد وجدت فحوصات التغذية التي أجريت في مراكز الإيواء والمراكز الصحية في الشمال أن 15.6 في المائة ( أو 1 من كل 6 أطفال دون سن الثانية ) يعانون من سوء التغذية الحاد. ومن بين هؤلاء، يعاني ما يقرب من 3 في المئة من الهزال الشديد، وهو أكثر أشكال سوء التغذية تهديدًا للحياة، مما يعرض الأطفال الصغار لخطر المضاعفات الطبية والوفاة ما لم يتلقوا علاجًا عاجلاً.

pp

كما خلصت فحوصات مماثلة أجريت في جنوب قطاع غزة، في رفح، حيث تتوافر المساعدات بشكل أكبر، إلى أن 5 في المئة من الأطفال دون سن الثانية يعانون من سوء التغذية الحاد. وهذا دليل واضح على أن الوصول إلى المساعدات الإنسانية أمر ضروري، ويمكن أن يساعد في منع أسوأ النتائج. كما أنه يعزز الدعوات لحماية رفح من التهديد بالعمليات العسكرية المكثفة.

وفي تعليقه على الوضعية، قال نائب المديرة التنفيذية لـ “يونيسف” في المجال الإنساني وعمليات الإمداد، تيد شيبان: “إن قطاع غزة على وشك أن يشهد انفجاراً في حالات الوفاة للأطفال التي يمكن تجنبها، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم مستوى وفيات الأطفال الذي يصعب تحمله بالفعل في غزة”.

وأضاف، أنهم حذروا منذ أسابيع من أن قطاع غزة على شفا أزمة تغذية. وإذا لم ينته النزاع الآن، فإن تغذية الأطفال ستواصل الانخفاض، مما سيؤدي إلى حدوث حالات وفاة يمكن الوقاية منها أو مشاكل صحية ستؤثر على أطفال غزة لبقية حياتهم وستكون لها عواقب محتملة بين الأجيال.