انسحاب موسى أبومرزوق من حوار تلفزيوني يعكس أزمة خطاب في حركة حماس

قيادات حركة حماس تواجه ضغوطًا إعلامية متزايدة لتبرير قراراتهم.
الاثنين 2025/10/13
اعترافات غير مسبوقة

القدس - أثار انسحاب رئيس مكتب العلاقات الدولية والقانونية في حركة حماس موسى أبومرزوق من إحدى المقابلات التلفزيونية قبل أيام احتجاجاً على سؤال وجِّه إليه جدلا واسعا.

وسأل المذيع خلال مقابلة تلفزيونية مع قناة “الغد” الفلسطينية، التي تبث من القاهرة،  ضيفه موسى أبومرزوق عمَّا إذا كانت حماس تتوقع أن تؤدي عملية السابع من أكتوبر  2023 إلى تحرير فلسطين؟ لم يَرُق السؤال لأبومرزوق الذي انفجر غاضباً.

وقال موسى أبومرزوق رداً على السؤال “لا أحد عاقلاً يعتقد أن عملية السابع من أكتوبر، التي شارك فيها 1500 مقاتل، كانت قادرة على تحرير فلسطين. أرجو منك على الأقل أن تطرح أسئلة محترمة.”

وبدأت المقابلة بأجواء هادئة، حيث تحدث أبومرزوق عن نجاحات حماس في “كسر إرادة الاحتلال” رغم الحصار على غزة، ووصف الرد الإسرائيلي بـ”الإبادة الجماعية” التي شهدتها المؤسسات الدولية. بعد دقائق قليلة، وجه المذيع حازم الزميلي سؤالًا مباشرًا “ما الغاية من عملية طوفان الأقصى (هجوم 7 أكتوبر 2023)؟ هل حققت أهداف التحرير للشعب الفلسطيني، أم أدت إلى دمار غزة؟” ورد أبومرزوق بغضب، قائلًا “هذا رأيك الشخصي، أغلق الاتصال… اذهب إلى الجحيم!” ثم قطع الاتصال فورًا، ما أدى إلى انتهاء المقابلة بشكل مفاجئ.

إعلاميون، ينجحون، من خلال أسئلة حادة ومباشرة، في حشر قياديي حماس مثل أبومرزوق في الزاوية، كاشفين تناقضاتهم بين الدفاع عن 7 أكتوبر ومواجهة الدمار

ونجح إعلاميون، من خلال أسئلة حادة ومباشرة، في حشر قياديي حماس مثل أبومرزوق في الزاوية، كاشفين تناقضاتهم بين الدفاع عن 7 أكتوبر ومواجهة الدمار.

وقال معلقون إن انسحاب أبومرزوق من “الغد” لم يكن مجرد رد فعل عاطفي، بل عكس أزمة خطاب أمام الجمهور الفلسطيني والعربي.

 وأصدرت نقابة الصحافيين الفلسطينيين بيانًا رسميًا، من مقرها في رام الله، وصفت فيه تصرف أبومرزوق (قطع المقابلة وتوجيه عبارة “اذهب إلى الجحيم” للمذيع حازم الزميلي) بأنه “سابقة خطيرة” تهدد حرية الإعلام.

ودعت إلى “احترام حرية الإعلام،” مؤكدة أن “الأسئلة الصحفية، حتى لو كانت محرجة، هي جزء من واجب الصحافي في كشف الحقيقة ونقل هموم الشعب الفلسطيني.”

وطالبت القيادات السياسية، بما في ذلك حماس، بـ”التعامل بمسؤولية مع الإعلام” وعدم التهرب من الأسئلة التي تعكس آراء الشارع.

وأشارت إلى أن “الإعلام الفلسطيني يعاني أصلاً من ضغوط الاحتلال،” وأن مثل هذه التصرفات تضعف دوره في مواجهة الرواية الإسرائيلية.

وغالبا ما تثير تصريحات أبومرزوق جدلاً داخليًا وخارجيًا، خاصة في سياق حرب غزة ومستقبل المقاومة. وسبق أن أعرب في مقابلة مع “نيويورك تايمز” في فبراير 2025، عن تحفظاته على هجوم 7 أكتوبر، ما أثار اتهامات بالانقسام داخل حماس. كما أن تصريحاته الأخيرة حول تسليم السلاح والتوافق الوطني أعادت إشعال النقاش.

وفي مقابلة مع “نيويورك تايمز” قال أبومرزوق إنه “لم يتم إطلاعي بشكل تفصيلي بخطط الهجوم،” وأنه لو علم بحجم الدمار الذي سيُلحق بغزة، لما دعمه.

وأضاف “معرفة العواقب كانت ستجعل من المستحيل دعمه،” وأن “الادعاء بانتصار حماس غير مقبول بسبب الخسائر الفلسطينية.”

الإعلام يلعب دورًا حاسمًا في تشكيل الرأي العام ومحاسبة القادة السياسيين، خاصة في سياقات الصراعات المعقدة مثل حرب غزة

هذا التصريح اعتُبر “اعترافًا غير مسبوق” من قيادي رفيع، وأثار تساؤلات عن انقسامات داخل حماس بين “تيار التمسك بالسلاح” و”تيار إعادة التقييم.” وأصدرت الحركة بيانًا رسميًا (25 فبراير 2025) ينفي التصريحات، قائلة إنها “غير صحيحة واجتُزئت من سياقها.”

ويلعب الإعلام دورًا حاسمًا في تشكيل الرأي العام ومحاسبة القادة السياسيين، خاصة في سياقات الصراعات المعقدة مثل حرب غزة. وبعد هجوم 7 أكتوبر 2023 والدمار الهائل الذي لحق بقطاع غزة، واجهت قيادات حركة حماس ضغوطًا إعلامية متزايدة لتبرير قراراتهم ومواجهة الأسئلة الحادة حول النتائج الكارثية.

وتضع هذه الأسئلة القيادات أمام خيارين: إما تبرير الهجوم رغم الدمار ما يثير غضب الجمهور الفلسطيني، أو الاعتراف بالأخطاء ما يضعف صورة الحركة كـ”مقاومة”.

يذكر انه قبل الحرب (سبتمبر 2023) كان الدعم لحماس في غزة يتجاوز 42 في المئة، مدفوعًا بالتوترات حول القدس والاستيطان، وفق المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية

وفي يناير 2025، انخفض الدعم إلى 21 في المئة، وهو أدنى مستوى منذ عقد، مع ارتفاع نسبة “عدم الرضا” عن أداء حماس إلى 62 في المئة.

وفي سبتمبر 2025، استقر الدعم عند حوالي 23 في المئة، مع 56 في المئة يرون أن قرارات الحركة العسكرية مثل هجوم  7 أكتوبر كانت “متسرعة” أو “مكلفة للغاية.”

5