النفط المستدام؟ لنحفر أعمق من أجل المناخ!

الرئيس البرازيلي يطمح إلى أن تصبح بلاده مرجعا عالميا في مكافحة تغيّر المناخ.
الثلاثاء 2025/10/14
التحوّل المناخي على ضفاف التناقض

ريو دي جانيرو (البرازيل) - هل يساعد النفط في التخلص من النفط؟ هذا شعار الرئيس البرازيلي الذي يدافع عن استغلال موارد الطاقة الأحفورية في البلاد بما يشمل المناطق المحيطة بالأمازون، لتمويل التحوّل في مجال الطاقة.

يرى لويس إيناسيو لولا داسيلفا أنّ هذا لا يتعارض مع طموحاته لجعل أكبر دولة في أميركا اللاتينية مرجعا عالميا في مكافحة تغيّر المناخ، وهو ما ستتمحور حوله المناقشات في مؤتمر الأمم المتحدة الثلاثين لتغير المناخ (كوب 30) الذي سيستضيفه في مدينة بيليم الأمازونية في نوفمبر المقبل.

ومؤخرا أكد لولا أنّ “العالم ليس مستعدا بعد للعيش من دون نفط.” كما قال في بداية العام “أنا ضد الوقود الأحفوري ما دام بالإمكان الاستغناء عنه. ولكن في انتظار ذلك، نحن بحاجة إليه، لأنّ أموال النفط ستساعدنا على تطوير الوقود الحيوي والإيثانول والهيدروجين الأخضر، ومبادرات أخرى.”

وتعدّ البرازيل ثامن أكبر منتج للنفط في العالم، بينما يسعى لولا إلى أن تصبح شركة بتروبراس العملاقة المملوكة للدولة “أكبر شركة نفط في العالم.”

غير أنّ ذلك لا يمنعه من مطالبة زعماء الدول الغنية بتحمّل المسؤولية عن أزمة المناخ، بالتوازي مع التزامه بوقف إزالة الغابات بحلول عام 2030.

وفيما يرى منتقدوه أنّ هذا الأمر يشكّل تناقضا صارخا، يشيد آخرون ببراغماتيّته.

وقال خرخي أرباش أستاذ الاقتصاد في جامعة برازيليا “يتضح على نحو متزايد أنّ الدول النامية لن تكون قادرة على الاعتماد على الدول الغنية لتمويل عمليات التكيّف مع تغيّر المناخ.”

وأضاف “من الصعب للغاية منع دولة مثل البرازيل من استخراج النفط من قاع المحيط، بينما يمكن فرض هذا النوع من القيود على النرويج التي جمعت ثروة بهذه الطريقة.”

وأشار إلى أنّ السؤال هو: كيف يمكن استخدام هذا النفط و”وفق أي معايير بيئية”؟

خطأ تاريخي

تظهر هذه المفارقة على الساحل الشمالي للبرازيل، إذ يمتد مسار مائي ذو لون بنّي من نهر الأمازون على مئات الكيلومترات وصولا إلى المحيط الأطلسي حيث يظهر بلون رمادي مائل إلى الأزرق، ما يشكّل تباينا حادا في اللون يمكن رؤيته من الفضاء.

وبعد رفض منحها ترخيصا للتنقيب عن النفط قبالة مصب نهر الأمازون في عام 2023 وصلت شركة بتروبراس إلى محطّة رئيسية في هذه العملية التفاوضية مع المعهد البرازيلي للبيئة والموارد الطبيعية المتجدّدة (إيباما).

وقالت الشركة إنّها تأمل في الحصول على الترخيص قريبا، حتى لو كان ذلك يعني إدخال تعديلات على صياغة خطتها لحماية الحياة البرية في حال حدوث تسرّب نفطي.

وتأمل شركة بتروبراس في اكتشاف حقول نفط جديدة في منطقة بحرية شاسعة تسمى الهامش الاستوائي، حيث تتحوّل غيانا المجاورة إلى منتج رئيسي للوقود بعد مرور أقل من عقد على اكتشاف احتياطيات ضخمة.

وتؤكد الشركة العملاقة أنّ تسرّب النفط في المنطقة التي تقول إنّها تستكشفها “لن يصل على الأرجح إلى الساحل،” ولن يكون هناك “تأثير مباشر” على المجتمعات الأصلية.

غير أنّ سويلي أراوجو الرئيسة السابقة لمعهد إيباما، كانت قاطعة في تأكيدها أنّ “النفط المستدام غير موجود، نقطة انتهى.”

وقالت منسّقة “مرصد المناخ”، وهو شبكة منظمات غير حكومية، إنّ “الاستمرار في زيادة إنتاج النفط إلى أجل غير مسمى هو خطأ تاريخي.”

إعادة توزيع الثروات

إذا اكتشفت شركة بتروبراس نفطا قبالة سواحل الأمازون، فستحتاج إلى عشر سنوات أخرى قبل أن تبدأ الإنتاج.

وفيما تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن ينخفض الطلب على النفط بعد عام 2030، رأت سويلي أراوجو أنّ هذا الأمر يثير تساؤلات بشأن الجدوى الاقتصادية لهذا الاستخراج المكلف جدا للوقود من أعماق كبيرة تحت المحيط.

وأشار ديوان المحاسبة البرازيلي هذا العام إلى “اختلالات خطيرة” في نظام إعادة توزيع ثروات النفط، التي تصدّر البرازيل أكثر من نصف إنتاجها منها.

من جانبه أوضح شيغويو واتانابي جونيور الباحث في معهد كليما إنفو، أنّ احتراق الاحتياطيات في المنطقة التي تسعى بتروبراس إلى استكشافها قد يمثّل 2.5 مليار طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون المنبعث إلى الغلاف الجوي، وهو ما يزيد على عام واحد من الانبعاثات البرازيلية حاليا.

وأكدت الناشطة نيدينها سوروي التي تنتمي إلى المجتمعات الأصلية والتي تدافع منذ عقود عن مناطق السكان الأصليين، لوكالة فرانس برس، أنّ “من غير المنطقي الحديث عن تحوّل مرتبط بالدمار.”

واتهمت لولا بـ”المساهمة في الضغط على المناخ وتدمير الكوكب.” وقالت “آمل أن يغيّر موقفه.”