الفلامنكو في المغرب يرقص على صفحات التاريخ
الرباط - يشهد المغرب خلال شهر أكتوبر فعاليات الدورة الرابعة من المؤتمر العالمي للفلامنكو، الحدث الثقافي الذي بات محطة سنوية تجمع بين التراث الأندلسي والابتكار الفني، ويُقام هذه السنة في ثماني مدن مغربية، من بينها الرباط، فاس، مراكش، طنجة، تطوان، أكادير، الدار البيضاء، والعرائش التي تنضم لأول مرة إلى خارطة الفلامنكو العالمية.
وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أكد المستشار الثقافي لسفارة إسبانيا بالمغرب خوسي ماريا دافو كابرا أن المؤتمر يهدف إلى تقديم لمحة للجمهور المغربي عن ثراء فن الفلامنكو، مشيرا إلى أن هذه الدورة تتميز بدعمها الواضح للشباب والنساء، سواء من حيث المشاركين أو المواضيع الفنية المطروحة.
من جهتها، أوضحت أولبيدو سالاثار ألونسو، مسؤولة الأنشطة الثقافية بمعهد ثيربانتيس بالرباط، أن الدورة الحالية تتضمن عروضا متنوعة تستكشف اندماج الأنماط الموسيقية المختلفة داخل الفلامنكو المعاصر، في محاولة لتوسيع أفق هذا الفن دون أن يفقد جذوره.
الدورة الحالية تتضمن عروضا متنوعة تستكشف اندماج الأنماط الموسيقية المختلفة داخل الفلامنكو المعاصر
ويشارك في هذه الدورة عدد من الأسماء البارزة، من بينها عازف البيانو أندريس باريوس الذي يقدم عرضا يمزج فيه الفلامنكو بالجاز واللاتين، بعنوان “من باريوس إلى لوركا”. كما يقدّم عازف الغيتار أليخاندرو هورتادو عملا بعنوان “Devenir”، يستعرض فيه تطور الغيتار الفلامنكي، ترافقه الراقصة باتريسيا غيرّيرو في أداء يجمع بين الدقة التقنية والانفعال الحي.
أما الراقصة المكسيكية كارمن يونغ، فقد عبّرت عن سعادتها بالمشاركة لأول مرة في المغرب، مؤكدة أن عرضها يأتي “احتفاءً بالثقافة في أبهى صورها”، كما قالت في تصريحها. وتُعد مشاركتها جزءًا من توجه المؤتمر نحو الانفتاح على تجارب فنية من خارج إسبانيا، تعكس تأثير الفلامنكو في العالم.
وتتواصل العروض في فضاءات متعددة، من المسارح إلى الساحات العامة، في محاولة لإشراك جمهور متنوع، لا يقتصر على عشاق الفلامنكو التقليدي فقط، بل يشمل أيضا الشباب المهتمين بالتجريب الموسيقي والتعبير الحركي.
ويُختتم المؤتمر بعرض ضخم للباليه الفلامنكو الأندلسي بعنوان “Tierra Bendita”، يحتفي بذاكرة الأندلس كجغرافيا وجدانية مشتركة، ويعيد طرح سؤال الهوية من خلال الرقص والموسيقى.
المؤتمر يحظى بدعم من وزارة الشباب والثقافة والتواصل المغربية، إلى جانب المجالس المحلية، في خطوة تعكس إدراكا متزايدا بأن الفلامنكو ليس مجرد تراث إسباني، بل هو فن يحمل ذاكرة مشتركة بين ضفتي المتوسط.
في هذه الدورة، لا يُحتفى بالفلامنكو كفن راقص فقط، بل كمنصة للحوار الثقافي، وللتعبير عن قضايا معاصرة، من بينها تمكين المرأة، وتوسيع فرص الشباب في المجال الفني. وبين إيقاعات الكاحل وصوت الغيتار، يكتب الفلامنكو في المغرب فصلا جديدا من تاريخه، أكثر تنوعا، وأكثر قربا من الناس.


