السلطات الإيرانية تلاحق الصحافيين والناشطين بتهمة "زعزعة الأمن النفسي" للمجتمع

نيابة طهران قامت، في أول إجراء قانوني، بفتح ملفات قضائية ضد بعض المواقع والقنوات على تلغرام.
الأربعاء 2025/10/01

طهران – هددت النيابة العامة في إيران باتخاذ إجراءات قانونية ضد الناشطين في الفضاء الرقمي ووسائل الإعلام التي تتناول أخبارا “تؤدي إلى زعزعة الأمن النفسي لدى أفراد المجتمع”.

ونقلت وكالة “ميزان”، التابعة للسلطة القضائية الإيرانية، عن النيابة العامة قولها إنه بعد تفعيل آلية الزناد من قِبل الدول الأوروبية الأعضاء في الاتفاق النووي، قامت بعض القنوات والمواقع الإخبارية بعد فترة وجيزة من تصويت مجلس الأمن بنشر محتوى “استفزازي” حول ارتفاع الأسعار وأخبار “تخل بالأمن النفسي”.

ووفقا للوكالة، فقد قامت نيابة طهران، في أول إجراء قانوني، بفتح ملفات قضائية ضد بعض المواقع والقنوات على تلغرام.

والجدير بالذكر أن السلطة القضائية الإيرانية قد فتحت ملفات قضائية، خلال السنوات الماضية، بحق صحافيين ووسائل إعلام ومواطنين أبدوا آراءهم حول مواضيع مختلفة.

أعلنت لجنة حماية الصحافيين أن التهديدات الأخيرة الصادرة عن المسؤولين الإيرانيين ضد التغطية الإعلامية لآلية الزناد وتبعاتها، تُظهر استمرار مسار تقييد حرية التعبير في إيران.

وقالت سارة القضا، مديرة لجنة حماية الصحافيين لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، “السلطة القضائية الإيرانية أعلنت أنها تراقب التغطية الإعلامية المتعلقة بالعقوبات الجديدة التي أعيد فرضها، وقد تتخذ إجراءات قانونية ضد من تتهمهم بإثارة الاضطرابات العامة”.

التهديدات الأخيرة الصادرة عن المسؤولين الإيرانيين ضد التغطية الإعلامية لآلية الزناد وتبعاتها، تُظهر استمرار مسار تقييد حرية التعبير في إيران

وأضافت أن حجج المسؤولين الإيرانيين تتمثل في أن هؤلاء الأشخاص يتسببون في “الإخلال بالأمن النفسي للمجتمع”.

وحذّرت القضا “مثل هذه الاتهامات الفضفاضة والغامضة هي جزء من نمط أوسع تستخدمه السلطات لتقييد حرية التعبير، وتثبيط النقاش الحر، وممارسة الضغط على الصحافيين وغيرهم ممن يغطون القضايا الحساسة”.

وبدأت فرنسا وبريطانيا وألمانيا، المعروفة باسم الترويكا الأوروبية، عملية تفعيل آلية الزناد في الشهر الأخير. وفي النهاية، أعيد فرض جميع عقوبات الأمم المتحدة ضد إيران، والتي كانت معلقة في إطار الاتفاق النووي، اعتبارا من فجر الثامن والعشرين من سبتمبر 2025.

وخلال الأسابيع الأخيرة، وفي موازاة محاولات تقليل أهمية عودة العقوبات، زادت سلطات النظام الإيراني من ضغوطها على الصحافيين والنشطاء والمنتقدين لإسكاتهم بشأن تداعيات تفعيل آلية الزناد.

وفي وقت سابق، أصدر “اتحاد غرف التجارة الإيرانية” تقريرا حول التوقعات الاقتصادية للبلاد حتى نهاية عام 2025، وأعلن فيه عن احتمال ارتفاع سعر الدولار إلى 165 ألف تومان، وقفز معدل التضخم إلى 90 في المئة.

وبعد نشر هذا التقرير، قامت منظمة استخبارات الحرس الثوري الإيراني بالتحقيق مع مُعدّيه، واستجوبت أعضاء معاونيات الشؤون الدولية في غرفة التجارة.

ورغم محاولات مسؤولي النظام إنكار تبعات عودة العقوبات، تشير التقارير إلى أن هذه العودة رافقها ارتفاع في أسعار العملات الأجنبية وتفاقم التضخم، ما أثّر بشدة في حياة المواطنين، وخاصة الفئات محدودة الدخل.

السلطة القضائية الإيرانية فتحت ملفات قضائية، خلال السنوات الماضية، بحق صحافيين ووسائل إعلام ومواطنين أبدوا آراءهم حول مواضيع مختلفة

وفي سياق استمرار الاضطراب في الأسواق المالية الإيرانية، بلغ سعر الدولار الأميركي في السوق الحرة يوم الثلاثين من سبتمبر 2025، مستوى 114 ألف تومان، مسجلا رقما قياسيا جديدا.

يذكر أن قبل تفعيل آلية الزناد، أظهر الإعلام الإيراني المتشدد جزءا من هذا القلق، ففي صحيفة “كيهان”، وصف الكاتب جعفر بولوري وضع البلاد بأنه “استثنائي”، محذّرا من احتمال اندلاع حرب جديدة في أي لحظة بالتزامن مع تفاقم الضغوط الاقتصادية والاجتماعية.

وأضاف أن أولويات الحكومة “لا تتناسب مع الوضع”، متهما إياها بالتركيز على قضايا ثانوية بدلا من التضخم، ما “يخلق فرصا للأعداء لاستغلالها”، وفق قوله.

فيما كتبت صحيفة “جافان”، المرتبطة بالحرس الثوري، أن القوى الغربية، التي عجزت عن تحقيق أهدافها في حرب الثاني عشر من يونيو، تستغل الآن آلية الزناد كجزء من “حرب معرفية” لتأجيج الاقتصاد وإثارة الاضطرابات.

وأضافت الصحيفة “يستغل أنصار النظام الإسرائيلي آلية الزناد، وكذلك وسائل الإعلام المعادية لإثارة التضخم وتقلبات العملة والاضطرابات الاجتماعية”، محذرة من أن “المتسللين المحليين” يضخّمون هذه الضغوط.

بينما انتقدت صحيفة “هام ميهان” الإصلاحية ما وصفته بتهاون المسؤولين، وقالت “يؤدي تفعيل آلية الزناد إلى عودة قرارات مجلس الأمن، ويمنح العقوبات طابعا قانونيا ملزما، وسيكون التهرب منها صعبا ومكلفا للغاية”. وأضافت “يعتقد البعض أن تفعيل آلية الزناد لا يضيف الكثير إلى العقوبات الحالية، وهذا تفسير خاطئ تماما”.