الرئيس التونسي يلتقي الدكاترة المعتصمين ويتعهد بإيجاد الحلول
تونس - أدى الرئيس التونسي قيس سعيد، الخميس، زيارة إلى مكان اعتصام الدكاترة المعطلين عن العمل والمعتصمين منذ مدة بمحيط وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، حيث أجرى معهم حوارا مباشرا، استمع خلاله إلى مشاغلهم ومطالبهم. وأكد الرئيس سعيد حرص الدولة على إيجاد حلول منصفة تضمن لهم حقهم في التشغيل.
وأفاد الرئيس التونسي خلال حديثه مع الدكاترة بأن مسألة البطالة، خاصة في صفوف حاملي شهادة الدكتوراه، تمثل أولوية وطنية، قائلا “نبذل كل الجهود من أجل إرساء مسار انتداب عادل يراعي مبدأ الكفاءة والاستحقاق ويضمن أجورا منصفة تتماشى مع المؤهلات العلمية”.
وشدد قيس سعيد على أن الانتداب لا يمكن أن يتم خارج الأطر القانونية، لكنه أوضح في المقابل أن العمل متواصل على بلورة حلول عملية تفتح آفاقا حقيقية أمام الكفاءات المعطلة، بما يسمح باستيعابهم تدريجيا في مختلف مؤسسات الدولة وفق حاجيات واقعية ورؤية إصلاحية شاملة.
من جهتهم، عبّر الدكاترة المعتصمون عن تقديرهم لزيارة الرئيس سعيد، مؤكدين تمسكهم بحقهم المشروع في العمل واستعدادهم لخدمة وطنهم رغم الظروف الصعبة التي يمرون بها. ووفق أرقام شبه رسمية، يتراوح عدد الدكاترة في تونس بين 8 آلاف و12 ألف دكتور عاطل عن العمل.
وتسعى الحكومة التونسية إلى مواجهة التحديات المطروحة عليها بخصوص الباحثين الجامعيين والحاصلين على الدكتوراه، لكنها تصطدم في كل مرة بأزمة مالية خانقة أدت إلى تضييق سوق الشغل، أمام ازدياد عدد الوافدين الجدد من خرجي التعليم العالي، بما يعني المزيد من طالبي التوظيف.
وسبق أن أكدت التنسيقيات المحلية والجهوية للدكاترة التونسيين المعطلين عن العمل على أولوية الانتداب دون المساس بحقوق الدكاترة الموظفين إلى جانب إدراج هذه الخطط ضمن ميزانية الدولة لسنة 2026.
◙ الدكاترة المعتصمون عبروا عن تقديرهم لزيارة الرئيس سعيد مؤكدين تمسكهم بحقهم المشروع في العمل واستعدادهم لخدمة وطنهم
وطالبت التنسيقيات في محاضر الجلسات، بالتسريع بتوفير 5 آلاف خطة توظيف للقضاء على البطالة في صفوف الدكاترة واعتماد آلية رقمية نزيهة وشفافة للانتداب تشمل جميع الخطط ضمن لزمة واحدة، مؤكدة تمسكها بالصبغة الاجتماعية للملف.
وكان سعيد قد أفاد خلال لقائه برئيس الحكومة الأسبق كمال المدوري يوم الثالث عشر من فبراير الماضي، بأن المعطيات الأخيرة قد بينت أنّه يمكن في مرحلة أولى توفير ما يُناهز خمسة آلاف موطن شغل على الأقلّ في عدد من المؤسسات والمخابر وغيرها، وقد أسدى تعليماته بالمضي بسرعة في هذا الاتجاه حتى يتم غلق هذا الملف نهائيا.
وتجد الحكومة التونسية نفسها مرة أخرى أمام تجدد الاحتجاجات المطالبة بالتوظيف، رغم معالجتها لبعض الملفات التي تتعلق بالتشغيل الهشّ.
ويقول مراقبون إن السلطة التونسية على الرغم من نجاحها في حلحلة حزمة من الملفات المتعلقة بالتشغيل على غرار تسوية ملف عمال الحضائر والأساتذة المؤقتين، وكذلك ملف الأطباء الشبان مؤخرا، فإنها باتت تدرك أكثر من أيّ وقت مضى أهمية التشغيل للفئات الشبابية التي لا تزال تنتظر فرص عمل قبل حتى ثورة يناير 2011.
وطالب العديد من النواب خلال الجلسة وزير التعليم العالي بضرورة إيجاد حل للدكاترة المعطلين عن العمل. كما تطرق النواب إلى العديد من المسائل من بينها تطوير منظومة التعليم العالي والاختصاصات الجامعية ومراجعة نظام “إمد” المعتمد في الجامعات التونسية، إلى جانب الفساد المتفشي داخل الوزارة في علاقة بالتوظيف.
وتمكنت الحكومة التونسية خلال الفترة الأخيرة من التوصل إلى اتفاق ينهي الأزمة مع المنظمة التونسية للأطباء ويستجيب لمطالب الأطباء الشبان ويقضي باستئناف العمل في المؤسسات الاستشفائية العمومية.
وفي وقت سابق توصلت وزارة التربية ونقابة التعليم الأساسي إلى اتفاق بشأن جملة من المطالب دعا إلى تلبيتها الطرف النقابي، وأهمها التعجيل بالإعلان عن القائمة النهائية للمدرسين المؤقتين في انتظار التسوية ووضع خطة للتوظيف. وتعزو السلطات التونسية ارتفاع نسبة البطالة إلى تردي الأوضاع الاقتصادية وتداعيات جائحة كورونا وارتفاع تكاليف استيراد المواد الأساسية والطاقة.