الجزائر تروج لتوافق الرؤى مع أنقرة بخصوص الصحراء المغربية
الجزائر - ادعى بيانٌ لوزارة الخارجية الجزائرية، وجود توافق في الرؤى بين البلدين حول التطورات التي تشهدها العديد من المناطق، ولاسيما في ما يتعلق بالوضع في الشرق الأوسط والصحراء المغربية، فيما تتمسك تركيا بالحياد بشأن العديد من الملفات، ما يجعل البيان الجزائري أقرب للدعاية ويفتقد للدقة.
وقالت الخارجية الجزائرية، إنها ناقشت ملف الصحراء مع نظيرتها التركية، وذلك خلال الزيارة التي قام بها نائب وزير الخارجية التركي برهانتين دوران إلى البلد المغاربي، مع تسجيل “توافق الرؤى” بينهما حول هذا الملف، وذلك في الوقت الذي لم يصدر فيه عن أنقرة أي إعلان رسمي يؤكد أو ينفي هذا الأمر.
من جانبها لم تشر وزارة الخارجية التركية إلى أي شيء بخصوص هذا “التوافق” عبر موقعها ومنصاتها الرسمية، والأمر نفسه ينسحب على الموقع الرسمي للسفارة التركية في الجزائر العاصمة.
ويمثل إعلان الجزائر، من طرف واحد، “توافق الرؤى” مع تركيا بخصوص ملف الصحراء، “توريطا” لأنقرة في دعم الطرح الانفصالي، إذ أن الجزائر هي المحتضنة لجبهة بوليساريو الانفصالية والمدافعة عنها، وهو موقف لم يصدر في السابق عن الدبلوماسية التركية.
وأكد متابعون أن أنقرة تتعاطى مع القضايا الخلافية في شمال أفريقيا بحذر شديد، وتحرص على موقف حذر من هذه القضية لعدم الإضرار بمصالحها فهي تحاول الحفاظ على توازن في العلاقات لضمان مصالحها ولن تغامر بعلاقاتها مع الرباط، فمواقفها دائما براغماتية لا تغضب الجزائر ولا تستفز المغرب.
وسبق أن حمّل النظام الجزائري، تركيا موقفا يهم قضية الصحراء المغربية لم يسبق لها أن اتخذته ونقلت وسائل إعلام جزائرية من بينها صحيفة “الشروق” المقربة من الرئاسة، تصريحات عن الرئيس عبدالمجيد تبون في نوفمبر2023 قال فيها “سجلنا توافقا في وجهات النظر بين الجزائر وتركيا حول ملفات دولية على غرار مالي والنيجر والصحراء” في حين لم يتحدث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نهائيا عن قضية الصحراء ولم تنقل وسائل الإعلام الرسمية التركية عنه أي تصريح مشابه.
وتحدثت وكالة أنباء “الأناضول” الرسمية التركية، عن الاجتماع الثاني لمجلس التعاون التركي-الجزائري رفيع المستوى، وذكرت “تكلل بالتوقيع على 12 اتفاقية تعاون بمختلف المجالات،” وتابعت “وقع الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان والجزائري عبد المجيد تبون على البيان المشترك في حفل خاص بعد اجتماع مجلس التعاون والذي تضمن 12 اتفاقية تعاون.”
وزارة الخارجية التركية لم تنشر أي شيء بخصوص "التوافق" في ملف الصحراء المغربية عبر موقعها ومنصاتها الرسمية
وبحسب الوكالة فإن اتفاقيات التعاون التي وقع عليها المسؤولون الأتراك والجزائريون، شملت مجالات التجارة والتعليم والثقافة والسينما والبيئة والعلوم، دون أي إشارة لتطرق الرئيسيين أو أي من الوزراء الحاضرين لموضوع الصحراء.
أما شبكة “تي.أر.تي” العمومية التركية فلم تنسب لأردوغان أي تصريح يهم الصحراء ونقلت عنه قوله، خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع تبون أن “أولوية تركيا في قطاع غزة هو التوصل لوقف إطلاق نار دائم وإيصال المساعدات الإنسانية من دون عوائق.”
وقال شوقي بن زهرة، ناشط سياسي جزائري معارض، أن “السياسة الخارجية للنظام الجزائري صارت مثيرة للشفقة، إذ أصبح ينتهج إستراتيجية دعائية تقوم على تزوير مواقف بعض الدول بخصوص قضية الصحراء، في محاولة لإيهام الرأي العام الداخلي والخارجي بوجود دعم واسع لجبهة بوليساريو وطرحها في ما يخص هذا النزاع، وتجاوز سلسلة الانتكاسات الدبلوماسية المتتالية التي تلقاها هذا الطرح في السنوات الأخيرة.”
وذكر الناشط الجزائري ذاته، في حديث مع موقع هسبريس المحلي، أن “بيانات الخارجية الجزائرية تتعمد تحريف تصريحات دبلوماسيين أجانب أو تضخيم مواقف غامضة لتظهر وكأنها دعم صريح لجبهة البوليساريو الانفصالية، وقد حدث هذا مع سلوفينيا وبريطانيا ورواندا والعديد من الدول،” مشددًا على أن “هذه الممارسات تعكس في الواقع حالة الارتباك وفقدان البوصلة في التعاطي مع ملف الصحراء، الذي صار شبه محسوم لصالح الرباط، التي تحظى مبادرتها للحل بدعم دولي متزايد ومن قوى مؤثرة في القرار الدولي.”
وأبرز بن زهرة أن “النظام الحاكم في الجزائر، وبعدما صار عاجزًا حتى عن حشد مواقف دول كان يعتبرها بمثابة حديقته الخلفية، لجأ إلى مثل هذه الأساليب التي تقوم على الترويج للأكاذيب والأوهام، من أجل صرف النظر عن الواقع الدولي الجديد الذي انحشرت فيه الأطروحة الانفصالية في الزاوية؛ وإن دلّ هذا على شيء فإنما يدل على وجود أزمة خطاب حقيقية داخل السياسة الخارجية الجزائر