البعثة الأممية تضع مستجدات خارطة الطريق والمشاورات الأمنية على مكتب المشير حفتر

بحث مشترك لآليات دعم المسار السياسي ومنع تفاقم التوتر في طرابلس.
الاثنين 2025/09/08
اهتمام أممي بالوضع الأمني الليبي

بحث القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر والممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة، رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، حنا تيتيه آليات دعم المسار السلمي للعملية السياسية الهادفة إلى إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية ومنع تفاقم التوتر الأمني في طرابلس.

وضعت رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا حنا تيتيه الأحد ملف مستجدات خارطة الطريق، التي كشفت عنها في 21 أغسطس الماضي، على مكتب المشير خليفة حفتر القائد العام للقوات المسلحة بعد سلسلة تحركاتها ومقابلاتها مع فرقاء الداخل والقوى الخارجية المؤثرة في الملف الليبي.

وبحث المشير حفتر مع تيتيه آليات دعم المسار السلمي للعملية السياسية ومنع تفاقم التوتر الأمني في طرابلس، وذلك خلال لقاد في مقر القيادة العامة بمنطقة الرجمة في مدينة بنغازي، بحضور نائب قائد القيادة العامة الفريق أول صدام خليفة حفتر، ونائبة رئيسة البعثة للشؤون السياسية ستيفاني خوري.

وبحسب مكتب إعلام القيادة العامة، فإن الجانبين تباحثا خلال اللقاء حول خارطة الطريق التي عرضتها البعثة الأممية في إحاطتها أمام مجلس الأمن وآليات دعم المسار السلمي للعملية السياسية الهادفة إلى إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في البلاد.

مراقبون يقولون إن لقاء الرجمة جاء في الوقت المناسب، وذلك بعد إقرار التعيينات الجديدة في القيادة العسكرية

وأكدت مصادر مطلعة لـ”العرب” أن اللقاء كان صريحا وهادئا وأتى على مجمل القضايا والملفات العالقة حيث أطلعت رئيسة البعثة القائد العام للقوات المسلحة على مستجدات خارطة الطريق وبرنامجها خلال الشهرين القادمين والتصورات العامة للحل السياسي وقطع الطريق أمام معرقلي جهود المجتمع الدولي والأمم المتحدة، كما تطرق اللقاء إلى مناقشة السبل الكفيلة بمنع تفاقم التوتر الأمني في طرابلس، بما يضمن أمنها واستقرارها ويحافظ على سلامة سكانها ومرافقها العامة والخاصة.

ويرى مراقبون أن تيتيه ونائبتها اتجهتا إلى الرجمة بهدف الاستماع إلى موقف قيادة الجيش الذي يعد محورا ولا تكتمل أي جهود لحلحلة الأزمة من دون قراءته قراءة عميقة وتحليله تحليلا وافيا ضافيا والانتباه إلى جميع تفاصيله ومفرداته بما يساعد على فهم حقيقة ما يدور في المشهد الليبي العام وخاصة على الصعيدين السياسي والاجتماعي.

ونقلت تيتيه إلى المشير حفتر ما توصل إليه الرؤساء المشاركون في مجموعة العمل الأمنية لعملية برلين المجتمعون في طرابلس، من دعم الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق بين حكومة الوحدة الوطنية وجهاز الردع لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب، ومن دعوة جماعية إلى تسوية سلمية عاجلة للقضايا العالقة، وتنفيذ أي اتفاق يتم التوصل إليه في أقرب وقت، وتحصينه بإطار زمني محدد وبخطوات عملية ملموسة، بالإضافة إلى دعوتهم كافة الأطراف إلى التحلي بالهدوء وضبط النفس لتفادي أي أعمال عنف أو أذى قد يلحق بالمدنيين.

ووفق المصادر، فإن المشير حفتر أكد مساندته للحلول السياسية لمختلف القضايا، وطالب بضرورة تأمين طرابلس من الصراعات الدموية وحماية المدنيين وتحصين الممتلكات العامة والخاصة من إرهاب الميليشيات التي اعتادت أن تجعل من الاشتباكات المسلحة فرصة للنهب والسطو والعبث بحقوق السكان المحليين.

وجاء لقاء الرجمة بين القيادة العامة للقوات المسلحة وقيادة البعثة الأممية في سياق المشاورات التي تجري على أكثر من صعيد لمتابعة الواقع الميداني وخارطة الطريق التي ستنفذ بشكل متسلسل وكحزمة واحدة بمراحل رئيسية، وفق تيتيه، إذ تُسهّل كل خطوة تنفيذ الخطوة التي تليها في خارطة الطريق بنجاح وصولا إلى تنظيم الانتخابات الوطنية، وذلك خلال إطار زمني يتراوح بين 12 و18 شهراً.

 وتشمل هذه الخطوات المتتابعة أولاً، تقوية المفوضية الوطنية العليا للانتخابات بإعادة تشكيل مجلس إدارتها من خلال ملء المناصب الشاغرة حالياً وضمان استقلالها المالي لتنظيم الانتخابات، بالتوازي مع ذلك تعديل الأطر القانونية والدستورية لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية بغية معالجة المسائل الرئيسية التي من شأنها تسهيل إجراء العمليتين الانتخابيتين ومعالجة المشاكل التي ساهمت في عدم إجراء الانتخابات عام 2021.

ويلي هاتين الخطوتين، اللتين يمكن الانتهاء منهما في أجل شهرين، العمل على التوصل إلى اتفاق على تشكيل حكومة جديدة موحدة قادرة على تهيئة بيئة مواتية لإجراء انتخابات ذات مصداقية مع إدارة مهام الحكومة الرئيسية بفاعلية.

ويصاحب تلك الخطوة تنفيذ إجراءات لدعم الجاهزية التشغيلية للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات ومعالجة القضايا الرئيسية المتعلقة بالأمن والحكم الرشيد والإدارة الاقتصادية والمصالحة لتسهيل إجراء الانتخابات.

وستنظم بعثة الأمم المتحدة حواراً مهيكلاً، لا يقتصر على إشراك الجهات السياسية والأمنية فحسب، بل يشمل أيضاً مختلف مكونات الشعب الليبي من خلال إشراك المجتمع المدني والأوساط الأكاديمية والمكونات الثقافية والنساء والشباب والأشخاص ذوي الإعاقة، فضلاً عن ممثلين عن مؤسسات الدولة. 

ويهدف الحوار المهيكل إلى بحث حلول ملموسة للتحديات المستمرة والقضايا التي قد تعيق العملية الانتخابية، وإرساء أسس رؤية وطنية تُشكل مساراً نحو استقرار طويل الأمد، والخروج بتوصيات وسياسات عاجلة لمعالجة الاختلالات في قطاع الأمن والقيام بالإصلاحات الاقتصادية والمصالحة، على أن تسهم مخرجات الحوار المهيكل في المسار الدستوري فيما يتعلق بقضايا الحكم التي حددها الليبيون خلال المشاورات المتواصلة على أنها بالغة الأهمية وطال انتظار معالجتها.

المشير حفتر يؤكد مساندته للحلول السياسية لمختلف القضايا ويطالب بضرورة تأمين طرابلس من الصراعات الدموية وحماية المدنيين وتحصين الممتلكات العامة والخاصة من إرهاب الميليشيات

وعلى امتداد العملية السياسية من خلال خارطة الطريق، ستكون هناك حزمة من الضمانات، حيث يُمكن وضع بدائل في حال عملت الأطراف على تأخير إحراز تقدم. وقد تعمل بعثة الأمم المتحدة على اتخاذ أية تدابير ضرورية في حال كانت هناك عرقلة من أي طرف، بل وستسعى للحصول على دعم مجلس الأمن لضمان نجاح العملية السياسية وإنهاء المراحل الانتقالية المتعاقبة.

ويشير محللون محليون إلى أن لقاء الرجمة جاء في الوقت المناسب، لاسيما بعد إطلاق رؤية 2010 وإقرار التعيينات الجديدة في قيادة المؤسسة العسكرية، والتي طالت منصب نائب القائد العام والذي آل إلى الفريق أول صدام حفتر، ومنصب رئيس الأركان الذي أسند إلى الفريق أول خالد حفتر، معتبرين أن المجتمع الدولي بات في حاجة ماسة إلى الاستئناس بمواقف الرجمة باعتبارها تمثل صوت الحكمة واليقين والوطنية الليبية الخالصة وتعبر عن مفهوم الدولة التي استطاعت أن تتعافى في مناطق نفوذ الجيش وأن تحقق ثنائية الأمن والتنمية بصورة ما انفكت تحظى برضا الداخل وإعجاب الخارج.

وكان أعضاء مجلس الأمن قد دعوا الأسبوع الماضي أصحاب الشأن من المؤسسات الليبية للعمل بشكل كامل وشفاف وبنوايا صادقة دون إملاء شروط مسبقة والتوصل إلى حلول وسطى تكفل إحراز تقدم في عملية بقيادة وملكية ليبية وتحت رعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، مجددين دعوتهم المجتمع الدولي إلى تقديم الدعم لهذه العملية، ومرحبين أيضاً بإعادة إحياء لجنة المتابعة الدولية بشأن ليبيا، ما يعرف أيضاً باسم عملية برلين، وشجعوا على مواصلة تطويرها والمضي قدماً.

وأشاروا كذلك إلى مدى أهمية التقدم نحو توحيد جميع المؤسسات بما فيها المؤسسات العسكرية والأمنية، داعين المؤسسات المعنية إلى اتخاذ الخطوات اللازمة الكفيلة بوضع اللمسات الأخيرة على الترتيبات المالية وإعداد ميزانية موحدة تكفل استقرار النظام المالي لليبيا لصالح كافة الليبيين.

وأعرب أعضاء مجلس الأمن عن قلقهم إزاء المناخ الأمني الهش في ليبيا وشددوا على أهمية الحفاظ على الأمن والاستقرار في عموم ليبيا، ناصحين الأطراف الليبية باحترام اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في عام 2020 والنأي عن أي أفعال أحادية الجانب قد تهدد الوضع الأمني الهش وأمن المدنيين.

4