الإشاعات تعصف بالأردن.. النفي الفائض عن الحاجة
عمان - سجَّل مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد)، خلال شهر سبتمبر الماضي، 90 إشاعة انتشرت في الأردن عن طريق وسائل إعلام ومنصات التواصل الاجتماعي.
وقال المرصد في تقريره الشهري الذي أصدره الأربعاء إن عدد الإشاعات التي جرى نفيها خلال سبتمبر الماضي بلغ 21 إشاعة، مقارنة بـ15 إشاعة جرى نفيها خلال أغسطس الماضي.
وبين التقرير أن الإشاعات الأمنية والإشاعات الاجتماعية تشاركتا المرتبة الأولى خلال الشهر الماضي بـ21 إشاعة، ثم إشاعات المجال الاقتصادي بـ19 إشاعة، تليها الإشاعات السياسية بـ18 إشاعة، وإشاعات الشأن العام بـ7 إشاعات، وأخيراً الإشاعات الصحّية بـ4 إشاعات.
وأشار إلى أن 83 إشاعة من مجمل حجم الإشاعات لشهر سبتمبر، بنسبة 92 في المئة، كانت من مصادر داخلية، و7 إشاعات، بنسبة 8 في المئة، كانت من مصادر خارجية.
وبين أن 71 إشاعة، بنسبة 79 في المئة، كان مصدرها وسائل التواصل الاجتماعي، و19 إشاعة، بنسبة 21 في المئة، كان مصدرها وسائل الإعلام.
90
إشاعة انتشرت في الأردن عن طريق وسائل إعلام ومنصات التواصل الاجتماعي في شهر سبتمبر
وبحسب رصد لمحتوى متداول عبر منصتيْ فيسبوك وواتساب، سرت شائعات عن “حل الحكومة والبرلمان وتجميد الأحزاب كافة بقرار واحد،” إلى جانب تشكيل ما سُمّي بـ”حكومة أمنية”. وقد أثارت تدوينة مجهولة المصدر على فيسبوك المزيد من الجدل بعد حديثها عن “خطوات غير مسبوقة” على مستوى الدولة، فيما علّق ناشطون على ذلك بالقول إنه مجرد “توقعات خيالية”.
وكانت إحدى الصحف الإلكترونية المحلية قد نشرت في الأسبوع الماضي خبرًا عن “تعيينات جديدة في خمسة مناصب عليا بالدولة،” الأمر الذي زاد من حدة التكهنات.
وتداولت بعض الصفحات أنباء غير مؤكدة عن “احتمال تكليف رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي برئاسة مجلس الأعيان خلفًا للرئيس فيصل الفايز،” مع حديث عن “انتقال الأخير إلى موقع رسمي آخر أقل نشاطا وفاعلية نظرًا للظروف الصحية التي يعاني منها الفايز مؤخرًا.”
أمام هذه الشائعات انقسمت آراء المتابعين بين من يرى أن التغييرات “قادمة لا محالة”، ومن يطالب باتخاذ إجراءات “جريئة وسريعة” لحماية الوطن من الشائعات والتكهنات.
في المقابل حذر مراقبون من الانسياق وراء ما وُصف بأنه “خطاب تكهني غير مؤكد”، مشددين على أن ما يُثار لا يستند إلى معلومات رسمية أو دلائل موثوقة.
وكان خبراء الإعلام قد قالوا لوكالة الأنباء الأردنية الرسمية (بترا) إن إشاعات لها تأثير كبير في ما يتعلق بالدولة الأردنية خاصة تلك التي تطلق في الأزمات، وهذا يتطلب أن يكون هناك حرص وانتباه دائم حيال التأثيرات الكبيرة على المواطنين من جراء هذه الإشاعات التي تقوم على تزييف الحقائق لتحقيق أهداف معينة.
وقال رئيس لجنة التوجيه الوطني والإعلام النيابية النائب فراس القبلان “إن الإشاعات يجب أن تقابل بإعلام وطني مسؤول يبين الحقائق للرأي العام المحلي والعربي والدولي.”
وأكد أهمية بناء إستراتيجية إعلامية وطنية شاملة، تعزز الوعي المجتمعي بخطورة الإشاعات، وتحصّن الرأي العام ضد التضليل.
عدد الإشاعات التي جرى نفيها خلال سبتمبر الماضي بلغ 21 إشاعة، مقارنة بـ15 إشاعة جرى نفيها خلال أغسطس الماضي
وشدد على “ضرورة تعزيز التربية الإعلامية لدى طلبتنا في المدارس، لتنشئة جيل يمتلك أدوات التمييز بين المعلومة الصحيحة والمضللة، ويشارك بوعي ومسؤولية في حماية أمننا الوطني والاجتماعي من الاختراق الفكري والإعلامي.”
وقال عميد كلية الإعلام في جامعة اليرموك الدكتور أمجد القاضي، “يجب أن نشخِّص هذه المسألة بشكل دقيق جدا، خصوصا أن الأردن تعرض على مدار السنوات الماضية، خصوصا آخر سبع سنوات، لحملة مكثفة من مصادر مختلفة خارجية وأحيانا من بعض الجهات الداخلية التي تساعد على نقلها،” مشيرًا إلى أن الإشاعات هي مادة إعلامية غير دقيقة تحاول جهة معينة أن توصلها إلى الجماهير حتى تخلق نوعاً من الفوضى والبلبلة.
وأكد أن الإشاعات تقوم على تزييف الحقائق لتحقيق أهداف معينة، خاصة منها الأهداف السياسية التي لها علاقة بإثارة النعرات بين المواطنين لإشغالهم عن قضايا أساسية تهم الوطن والأمة، وأن الإشاعات موجهة إلى المواطنين بشكل عام سواء ما تعلق منها بالقوات المسلحة أو بالأجهزة، وذلك لإحباط عزيمة المواطنين وإفقادهم الإيمان بالمستقبل واللجوء إلى إثارة بعض الفتن أو المشكلات.
وبيّن أن الإشاعات تهدف إلى زعزعة أمن الأردن واستقراره والتشكيك في مواقفه وتحطيم الصلة بمصادره الإعلامية، وهي قضية أساسية اشتغلوا عليها في المدة الأخيرة بشكل كبير.
وأكد أهمية إعادة الثقة بالإعلام الوطني، وهو ما يتطلب جهودا مشتركة من الجميع، من المؤسسات الحكومية والأكاديمية والإعلامية ووسائل الاتصال بشكل عام، خصوصا ما يتعلق بتأهيل الناطقين الإعلاميين وتدفق البيانات والمعلومات.
وأشار إلى ضرورة تزويد وسائل الإعلام بهذه المعلومات “حتى لا نكون فريسة لما ينشر في مواقع التواصل من جهات مغرضة،” مبينًا أهمية النظر إلى حالة الإعلام الخاص في الأردن؛ لأنه ما زال مؤثرا رغم التطور في مجال الاتصالات، ومؤكدًا أن “المطلوب ألا نغفل هذه الوسائل؛ لأنها تشكل حالة يمكن البناء عليها وتحويلها من قبل الفضائيات إلى أدوات للانتشار الواسع وهي حالة تحتاج إلى عمل كبير.”
وقال إن “الإشاعات الخارجية تحتاج إلى مواقف قوية ذات قدرة كبيرة على كشف هوية وأهداف الجهات القائمة عليها،” مؤكدًا عدم المجاملة أو الاستحياء حتى لو كانت من بعض الجهات القريبة من الأردن، وبيّن أن كشف أهدافها يقلل من الإشاعات، وأكد أهمية وجود معاهد ووسائل معينة تضم كافة المتخصصين في الموضوعات السياسية والدينية التي تعد مصدرا خصبا للشائعات سواء أكانت خارجية أم داخلية بحيث يتم التعامل معها بهدوء بعيدا عن الانفعال والتوتر، وتوحيد الجبهة الداخلية.