إكس يكسر "الظلام الإعلامي" في الفاشر السودانية
الفاشر (السودان)- برز جدل حاد حول دور الصحفيين في تغطية النزاع في مدينة الفاشر، مع إعلان قوات الدعم السريع الأحد سيطرتها على مقر الجيش السوداني في الفاشر عاصمة شمال دارفور الاستراتيجية، والمدينة الوحيدة التي ما زالت تحت سيطرة الجيش في الإقليم.
ويتهم الإعلاميون والصحفيون المستقلون الإعلام الرسمي بالتخبط والانحياز، مطالبين بصحافة حرة لا تتبع "فلول البشير" و"الكيزان3
وتعاني المدينة من حصار خانق منذ أكثر من 700 يوم بسبب اشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع ما أدى إلى أزمة إنسانية كارثية شملت مجاعة حادة وقتل أكثر من 200 مدني في أكتوبر 2025، بما في ذلك أطفال ونساء.
ويواجه الصحفيون الميدانيون، مخاطر الموت أو الاعتقال أثناء توثيقهم للحرب بين الطرفين، بينما يتهمهم الإعلام الرسمي، المرتبط بالجيش، بالخيانة أو التعاون مع العدو.
وكانت تصريحات وزير الثقافة والإعلام السوداني خالد الأعيسر، التي وصف فيها الصحفيين بـ"المأجورين"، أثارت غضبًا واسعًا، حيث رد الصحفي معمر إبراهيم، مطالبًا باستفتاء لتقييم أداء الوزير، مؤكدًا تقصير السلطات في حماية المدنيين.
وقال على حسابه على إكس:
وينتقد الصحفيون المستقلون صمت الإعلام الرسمي عن جرائم القصف واعتماده على "مصادر" غامضة لنشر روايات غير دقيقة، مما يعزز خطاب الكراهية ويقلل الثقة العامة، ويطالبون بصحافة محايدة تركز على كشف الحقائق، بعيدًا عن تأثير "الفلول" أو المليشيات، بينما يعاني القطاع من خسائر فادحة، حيث قُتل 6 صحفيين ونزح أكثر من 1000 إلى تشاد ومصر. ويحذر الصحفيون من أن تخبط الإعلام الرسمي يؤخر الإغاثة الدولية، بينما تدعو الأمم المتحدة إلى فتح ممرات إنسانية لإنقاذ 250,000 نسمة على حافة الموت جوعًا.
وتعتمد الأخبار الآن على ما ينشر منصة إكس، التي أصبحت مصدرًا رئيسيًا للمعلومات رغم انتشار الشائعات،
ويُتهم الإعلام الرسمي بالارتباك بسبب "نقلا عن مصدر"، الذي يُستخدم لتسريب إشاعات أو تضليل، مما يثير الشكوك. كما يُشار إلى أن بعض الصحفيين الرسميين "مصفقون للنظام" ويتبعون رواية الحكومة دون التحقق، كما في تغطية اشتباكات الفاشر.
ويؤكد الصحفيون مثل سكرتا أن "المصداقية جوهر الصحافة"، وينتقدون إعلاميين بسبب "أخطاء ومبالغات" في تغطيتهم منذ أبريل 2023، مطالبين بالفصل بين المهنة والولاء لـ"الفلول" أو الكيزان. وقال سكرتا:
كما يتهم الناشط كمال أحمد "صحفيي الفلول" بأنهم "معبؤون بآلاف الدولارات" لدعم الحرب بدلاً من إيقافها. وقال:
ويعكس هذا الجدل انهيارًا إعلاميًا يهدد السلام، حيث أصبحت تقارير الصحفيين وقودا للنزاع بدل تغطيته بمصداقية وموضوعية.
وعلى الرغم من صعوبة الوصول إلى المدينة، التي باتت مقطوعة عن العالم الخارجي مما يجعل دخول الصحفيين مستحيلاً في معظم الحالات، إلا أن التغطية الميدانية النادرة من قبل صحفيين مثل معمر إبراهيم، الذي ينشر المستجدات الميدانية للحرب على إكس، ساهمت في تقديم صورة أوضح.
وتعتمد التغطيات، غالبًا على هواتف محمولة مهربة سرًا إلى السكان.
ويأتي التأثير السلبي الأكبر من الاستهداف الممنهج للصحفيين، إلى "ظلام إعلامي". وأصبحت التغطية تعتمد على ما ينشر على وسائل التواصل الاجتماعي مثل إكس، حيث تنتشر الشائعات والأخبار المضللة دون تحقق، مما يجعل الصحافة في الفاشر ليست مجرد توثيق بل تضحية باهظة الثمن لكشف الحقيقة في ظل حرب وجودية كما وصفتها بي.بي.سي في سبتمبر 2025.
يمتد جدل التغطية الإعلامية في السودان ككل إلى أزمة أعمق تشمل الحرب الأهلية منذ أبريل 2023، حيث فككت الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع الكثير من المؤسسات الإعلامية، مما أدى إلى انتشار هائل للشائعات والأخبار الكاذبة التي أصبحت وقودًا للاقتتال الداخلي، حيث ركزت الوسائل على الأحداث العسكرية في خضم حرب إعلامية موازية يخوضها الطرفان عبر غرف دعاية تبث خطاب كراهية ومعلومات مضللة، مما غاب فيه القصص الإنسانية عن 25 مليون جائع وملايين النازحين، وأدى إلى شح معلومات موثوقة يصعب التحقق منها خاصة في المناطق النائية مثل دارفور وكردفان حيث لا تغطي الشبكات الرقمية الأرياف.