نسخة معدلة من مشروع قانون الإعلام الجديد في لبنان تعيد الحبس الاحتياطي وتثير الجدل
بيروت- حثّت 14 منظمة حقوقية لبنانية ودولية البرلمان اللبناني على ضمان أن يدعم مشروع قانون الإعلام الذي يدرسه الحق في حرية التعبير.
ويشمل ذلك إلغاء تجريم التشهير والتجديف والإهانة وانتقاد المسؤولين الحكوميين؛ وحظر الحبس الاحتياطي في الانتهاكات المتعلقة بحرية التعبير؛ وإزالة القيود المرهقة المفروضة على إنشاء وسائل الإعلام. وتأتي هذه الدعوات في الوقت الذي استأنفت فيه لجنة الإدارة والعدل البرلمانية مناقشة مشروع القانون الثلاثاء.
وفي 31 أغسطس، تلقى أعضاء البرلمان تعديلات مقترحة على نص مشروع القانون، والتي أفادت المنظمات أنها تضمنت إعادة العمل بالحبس الاحتياطي وأحكامًا تُجرّم الإهانة والتشهير.
وحذّرت منظمات حقوقية، منها منظمة العفو الدولية، ولجنة حماية الصحافيين، وهيومن رايتس ووتش، ومراسلون بلا حدود، من أن التعديلات المقترحة ستُقيّد بشكل أكبر عمل المؤسسات الإعلامية التي تخضع لشكوى قانونية، وذلك بمنعها من نشر مواد عن المشتكي أثناء سير الإجراءات القضائية.
منظمات حقوق الإنسان، التي راجعت التعديلات المقترحة، ترفض إعادة العمل بالحبس الاحتياطي، بما في ذلك "في ظروف مشددة، مثل المساس بكرامة الأفراد أو حياتهم الخاصة"
وحذرت من أن قوانين التشهير الجنائي في لبنان استُخدمت مرارًا وتكرارًا لاستهداف منتقدي الحكومة والنشطاء والصحافيين في لبنان وإسكاتهم، حيث استُدعي الصحافيون مرارًا وتكرارًا للمثول أمام الأجهزة الأمنية بسبب عملهم.
وقالت المنظمات في بيان “ينبغي على البرلمان ضمان وضع حد لهذه الممارسات من خلال إقرار قانون إعلامي يتوافق تمامًا مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في حرية التعبير وحرية الإعلام.” وأضافت “ينبغي على البرلمان اللبناني اعتماد قانون إعلامي يتضمن حماية الحقوق التي ناضلت من أجلها منظمات حقوق الإنسان والإعلام اللبنانية منذ زمن طويل.”
وعارضت منظمات حقوق الإنسان، التي راجعت التعديلات المقترحة، إعادة العمل بالحبس الاحتياطي، بما في ذلك “في ظروف مشددة، مثل المساس بكرامة الأفراد أو حياتهم الخاصة.”
ولا يُسمح بالحبس الاحتياطي في لبنان إلا في الجرائم التي يُعاقب عليها بالسجن لأكثر من عام. وهو محظور صراحةً في الجرائم المتعلقة بالإعلام في قوانين الإعلام اللبنانية الحالية.
وقالت المنظمات “إذا اعتُمد هذا التعديل، فسيكون خطوةً مهمةً إلى الوراء في حماية الحق في حرية التعبير وحرية الإعلام في لبنان.” وأشارت إلى أن التعديل المقترح لا يحدد ما يعنيه “المساس بكرامة الأفراد أو حياتهم الخاصة.”
وأضافت المنظمات أن “القانون المبهم الذي يُبقي الناس في حيرة من أمرهم بشأن التعبير الذي قد ينتهكه، له تأثير مُخيف على حرية التعبير، حيث قد يُمارس الناس الرقابة الذاتية خوفًا من تعرضهم للاستدعاء أو الحبس الاحتياطي أو الملاحقة القضائية في نهاية المطاف.”
كما أن “الأحكام المبهمة تجعل القانون عرضة لإساءة استخدام السلطات، التي قد تستخدمه لإسكات المعارضة السلمية.” وقالت إن هذا الحظر التشريعي العام سيُشكل “انتهاكًا خطيرًا للحق في حرية التعبير.”
منظمات تحذر من أن قوانين التشهير الجنائي في لبنان استُخدمت مرارًا وتكرارًا لاستهداف منتقدي الحكومة والنشطاء والصحافيين وإسكاتهم
وستُلزم التعديلات المقترحة محطات التلفزيون المُرخصة بتزويد وزارة الإعلام والمجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع بتقارير منتظمة، تتضمن معلومات مُفصلة عن جدول برامج البث، كما تتضمن ضمنيا إخضاع وسائل الإعلام الإلكترونية لنظام ترخيص مُسبق بدلًا من نظام الإخطار.
وأضاف البيان “ما لم تُصغ بعناية، فإن متطلبات الترخيص هذه قد تُتيح اتخاذ قرارات تعسفية بشأن من يحق له إنشاء وتشغيل وسائل الإعلام، وقد تُسهّل انتهاكات الحق في حرية التعبير وحرية الإعلام.”
وبدأ مجلس النواب اللبناني مناقشة قانون إعلام جديد عام 2010 بعد أن قدّم النائب السابق غسان مخيبر، ومؤسسة مهارات، وهي منظمة غير حكومية مقرها بيروت متخصصة في قضايا الإعلام وحرية التعبير، اقتراحًا لتعديل قانون المطبوعات اللبناني القديم.
وفي يناير 2023، أنشأ مجلس النواب لجنة فرعية لدراسة وتعديل مشروع قانون الإعلام، وقد قُدّمت النسخة النهائية منه إلى لجنة الإدارة والعدل في 27 مايو الماضي.
وتضمن مشروع القانون، الذي قُدّم إلى اللجنة في مايو، تقدمًا في حماية الحق في حرية التعبير في لبنان، بما في ذلك إلغاء الحبس الاحتياطي وأحكام السجن لجميع الانتهاكات المتعلقة بحرية التعبير. كما ألغى أحكام التشهير الجنائي والتحقير من قانون العقوبات اللبناني وقانون القضاء العسكري.
ومع ذلك، قوبلت التعديلات المقترحة، التي عُرضت على أعضاء البرلمان في 31 أغسطس، بمعارضة شديدة من منظمات حقوق الإنسان الدولية، نظرًا إلى أحكامها التي اعتُبرت مقيدة لحرية الإعلام.
وحثّت منظمات حقوق الإنسان اللجنة على جعل مناقشاتها علنية لضمان شفافية المناقشات التشريعية وتسهيل المشاركة العامة الفعالة.