المشير حفتر يعد بمرحلة جديدة في ليبيا بعيدا عن التشرذم والانقسام
الحبيب الأسود
تستعد القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية للإعلان عن جملة من الإجراءات والتدابير المهمة، في سياق العمل على استعادة سيادة الدولة، واحترام إرادة الشعب، والانطلاق نحو تكريس نظام سياسي واجتماعي يعبر عن خصوصيات المجتمع.
وفي كلمته خلال اجتماعه مع مشايخ وأعيان وحكماء القبائل بالمنطقتين الشرقية والجنوبية الشرقية، الجمعة، أكد القائد العام المشير خليفة حفتر أن القوات المسلحة ستكون حاضرة لحماية العمل المجتمعي والدفاع عنه، مشيرًا إلى أن "هذا اللقاء سيكون بداية التحول من الارتباك والتشرذم والانقسام والصراع وانعدام الثقة إلى السلام والاستقرار الدائمين لدولة ليبيا الواحدة".
ورجحت مصادر مطلعة أن يتم الإعلان خلال الأيام القادمة عن قرارات مهمة لمواكبة التحولات التنموية والاجتماعية التي تشهدها المناطق المحررة الخاضعة لنفوذ القيادة العامة للقوات المسلحة، والتي تمثل النسبة الأكبر من الجغرافيا الليبية، وتضم مفرداتها السيادية البارزة من الحدود الترابية والبحرية والثروات الباطنية، بما في ذلك مناطق الإنتاج وموانئ التصدير.
كلمة حفتر حملت الكثير من المعاني والأبعاد التي تفرض نفسها على المحللين والمتابعين للشأن الليبي، وتفتح أمامهم آفاقًا جديدة لاستشراف المستقبل الذي ينبثق عن ثورة الكرامة
وأوضح المشير أن "العمل المجتمعي يهدف إلى دولة الحرية والكرامة، ودولة القانون والمؤسسات التي تشارك فيها كل المدن وفئات المجتمع، ليكتسب شرعيته من الشعب مباشرة"، معتبرًا أن "مسافة الألف ميل تبدأ بخطوة"، وأن "هذا اللقاء مع المشايخ هو الخطوة الأولى لقطع المشوار والمبادرة الوطنية الجريئة التي تدفع الليبيين لرسم خارطة طريق لبناء دولتهم بأنفسهم"، مردفًا: "واثقون من أن المشايخ سيعملون في هذا المسار منذ اليوم، وبشكل جاد، وبما وهبهم الله من الحكمة والرأي الرشيد".
واعتبرت المصادر أن اجتماع المشير بالزعماء القبليين في شرق وجنوب البلاد يشير إلى أهمية الملفات المطروحة معهم للنقاش، وهم الذين يمثلون الشرعية الاجتماعية بما ينسجم مع خصوصيات المجتمع ويعبر عن إرادة السكان المحليين.
وخاطب المشير مشايخ وأعيان وحكماء القبائل بالقول: "يسعدني أن أكون بين المشايخ والأعيان، وأحيي أصحاب مبادرة إقامة هذا الاجتماع"، وأبرز أنه يشعر أن الوطن في أمسّ الحاجة لهذا الاجتماع، الذي يجب ألا يكون تقليديًا ينتهي بالمصافحة، وإنما "يجب أن يكون لهذا الاجتماع ما بعده". وخاطب الفعاليات والقيادات الاجتماعية بالقول: "إما أن نعيش حياة العزة والسيادة والكرامة، أو المذلة والتبعية والوصاية"، وتابع: "نمرّ بمفترق طرق، بعد أن قطعت ثورة الكرامة مشوارًا طويلًا وشاقًا، هزمت فيه الإرهاب شرّ هزيمة، وحوّلت الخراب والدمار إلى بناء وإعمار"، مبرزًا أنه "لا يمكن لخارطة نُسجت خيوطها وراء الحدود أن تبني دولة حرة كاملة السيادة".
واستطرد القائد العام أن "على المجتمع بكل شرائحه ومؤسساته أن يتحمّل المسؤولية التاريخية في إيجاد صيغة نموذجية لإخراج الوطن من هذه الدوامة"، واعدًا بأن "هذا اللقاء المبارك سيكون بادئة خير ونقطة انطلاق نحو عمل مجتمعي منظم".
وتحلّ في السابع من نوفمبر القادم ذكرى ميلاد المشير خليفة حفتر، التي يُرجّح أن تشهد حراكًا اجتماعيًا واسعًا لمبايعة القائد العام للقوات المسلحة، ودعوته للقيام بدور القائم على توحيد الدولة وتأمين سيادتها، وإخراجها من حالة التشرذم والانقسام.
وبحسب مراقبين، فإن كلمة القائد العام للقوات المسلحة حملت الكثير من المعاني والأبعاد التي تفرض نفسها على المحللين والمتابعين للشأن الليبي من داخل البلاد وخارجها، وتفتح أمامهم آفاقًا جديدة لاستشراف المستقبل الذي ينبثق عن ثورة الكرامة ومخرجاتها، وفي مقدمتها الأمن والاستقرار والتنمية وإعادة الإعمار، واحترام إرادة الليبيين، وتأمين سيادة الدولة ومقدراتها، وتطبيق رؤية 2030 بالشكل الذي يحقق تلك الأهداف.
ووفق المراقبين، فإن المشير حفتر يحظى بدعم شعبي جارف في كافة مناطق ليبيا، وهو ما يؤهله للقيام بدور رائد خلال المرحلة القادمة لإخراج البلاد من حالة الانقسام والتشرذم، ولقطع الطريق أمام التداخلات الأجنبية ومحاولات القوى الإقليمية والدولية بسط نفوذها أو فرض وساطتها على القرار الوطني، الذي سعت ثورة الكرامة إلى تحريره من كل المؤثرات الخارجية وتوابعها الداخلية.
وأوضح المشير خليفة حفتر أن "المجتمع الليبي يجب أن يتحمّل المسؤولية التاريخية بكل شرائحه لإيجاد صيغة تخرج الدولة من دوامة الفراغ"، وشدّد على ضرورة البدء بعمل مجتمعي هدفه التحول من حالة الانقسام وانعدام الثقة إلى الاستقرار والسلام الدائمين، مؤكدًا: "يجب الوصول إلى ليبيا موحدة، مبنية على الحرية والكرامة، والقانون والمؤسسات".
وبحسب رئيس المؤسسة الوطنية للإعلام، محمد عمر بعيو، فإن مرحلة المواجهة المسلحة المباشرة مع العصابات المسلحة والتنظيمات الإرهابية المعادية للدولة وللشعب، انطلقت يوم الجمعة 16 مايو 2014، وانتهت بإعلان تحرير بنغازي صيف 2017، وتحرير درنة صيف 2018. وكان من أعظم نتائج ملحمة الكرامة تأسيس وبناء الجيش الوطني، القوات المسلحة العربية الليبية، بعد أكثر من ثلاثين سنة على حلّ الجيش الليبي النظامي بصورة غير رسمية، واستبداله بالكتائب الأمنية.
أما المرحلة الثانية، مرحلة البناء والإعمار بعد تحقيق وترسيخ الأمن والأمان والاستقرار، فقد بدأت منذ نحو ثلاث سنوات، ونتائجها ومنجزاتها على امتداد الوطن الكبير ظاهرة للعيان، لا يختلف حولها اثنان، ولا يتجادل فيها عاقلان. ولعل أعظم منجزاتها وأكبرها، وكل منجزات ثورة التنمية والإعمار كبيرة، بناء مدينة درنة من شبه العدم قبل سنتين بعد الطوفان، لتصبح درنة الجديدة تاج الوطن ودرة الزمان.
اجتماع المشير بالزعماء القبليين في شرق وجنوب البلاد يشير إلى أهمية الملفات المطروحة معهم للنقاش
ويضيف بعيو أن المرحلة الثالثة، وهي الخاتمة والحاسمة، التي بدأت الجمعة، هي النتاج الطبيعي والمنطقي والاستراتيجي للمرحلتين الأولى والثانية، والمطلب الشعبي الجامع لبناء الدولة الوطنية الموحدة القوية، التي تمثل الغاية والهدف لمسيرة النضال الوطني، وهي الحصن الحصين للكيان والإنسان، وهي في الوقت ذاته التحدي الأكبر أمام الوطنيين الليبيين جميعًا. فإذا خسروه، لا سمح الله، ضاع كل شيء، وإذا كسبوه، بإذن الله، لا يهدد الوطن وجودًا وكيانًا وشعبًا أيُّ شيء.
وفي بيان مشترك، قال مشايخ وأعيان وحكماء ليبيا: "إن ما تحقق بفضل المعارك التي خاضتها القوات المسلحة، بمساعدة حاضنتها الشعبية، هو ما مهّد لرؤية 2030 الجديدة الأشمل والأحدث"، وأشاروا إلى أن تكليف الفريق أول ركن صدام حفتر نائبًا للقائد العام، وتكليف الفريق أول ركن خالد حفتر رئيسًا للأركان العامة، قرار رصين وحكيم يخدم ليبيا، مؤكدين اعتزازهم بما حققته القوات المسلحة تحت القيادة الحكيمة للمشير خليفة حفتر من أمن وسلام مجتمعي وطمأنينة.
وخاطب الأعيان والوجهاء والمشايخ المشير بالقول: "إن ما تحملتموه في أسوأ الظروف لم يكن مجرد مهمة عسكرية، بل كان قضية وطن وحياة شعب بأكمله"، وأضافوا: "ليس من المنطق أن يُسلّم نتاج الكفاح وتضحيات الشعب لمن كان سببًا في دمار البلاد وما عانته في سنوات الظلام"، مردفين: "أنكم تمثلون الدرع الواقي وحماية المشروع الوطني، وصوت تضحيات الشهداء حتى تبلغ ليبيا مستقرها الأمن ومستقبلها الواعد".
ويجمع المتابعون للشأن الوطني في ليبيا على أن المرحلة القادمة ستكون مرحلة الحسم، في اتجاه إبراز مخرجات ثورة الكرامة في سياقاتها السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، وضمن خصوصيات النظام السياسي المعبر عن إرادة الليبيين، والذي يُنتظر أن يتم تركيزه انطلاقًا من رؤية الشعب والقيادة للمستقبل، وخاصة فيما يتعلق بركائزه الأساسية المتصلة بالأمن والاستقرار، ووحدة الدولة والمجتمع، واحترام الحريات العامة والخاصة، وضمان حقوق المواطن الليبي من مقدرات وطنه، والحؤول دون التدخلات الأجنبية، وهو ما وعدت به ثورة الكرامة منذ انطلاق شرارتها الأولى.