السيسي يحذر من صفقة لوقف الحرب في غزة مقابل التضحية بالضفة

تساؤلات عن جدية ما كشف عنه عبدالعاطي بشأن خطة مفصلة لدى القاهرة لحكم غزة في ضوء تدريب المئات من مقاتلي السلطة.
الأربعاء 2025/08/06
يقود حملة مضادة على الاتهامات التي توجه لبلاده

القاهرة- فسّرت دوائر فلسطينية إشارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الثلاثاء، إلى أن الوضع في قطاع غزة “يستخدم كورقة سياسية للمساومة” على أنه تحذير ضمني من وجود مخطط يؤدي إلى التضحية بالضفة الغربية مقابل وقف الحرب في غزة وتسليمها للفلسطينيين، مؤكدة أن السيسي استشعر خطرا كبيرا من الإصرار الإسرائيلي على التمادي في العمليات العسكرية والتلويح بالسيطرة على القطاع.

وكشف مصدر فلسطيني مطلع في حديث لـ”العرب” أن السيسي أراد وضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته السياسية، والانتباه إلى ما يحاك لغزة، وسط استمرار عمليات القتل والتجويع، واختزال الأزمة في ملف دخول المساعدات الإنسانية ومنع دخولها.

وبدا أن الرئيس المصري، الذي بات يظهر بشكل متواتر، يقود حملة مضادة على الاتهامات التي توجه لبلاده بأنها شريك في حصار غزة من خلال إغلاق معبر رفح ومنع المساعدات من المرور، بالرغم من تأكيدات القاهرة بأن المعبر مفتوح من جانبها ومغلق من الجانب الآخر الذي تسيطر عليه إسرائيل.

السيسي يريد وضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته السياسية، والانتباه إلى ما يحاك لغزة، وسط استمرار عمليات القتل والتجويع، واختزال الأزمة في ملف المساعدات الإنسانية

ووجه الرئيس السيسي خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس فيتنام لوونغ كوونغ بالقاهرة، الثلاثاء، نداء إلى الرأي العام العالمي أكد أن الوضع في غزة يستخدم “كورقة سياسية للمساومة،” مضيفا “أكرر ندائي للعالم والدول الأوروبية والرئيس الأميركي دونالد ترامب للتدخل لإيقاف الحرب وإدخال المساعدات إلى غزة“.

وليس معروفا إن كان ما يقصده الرئيس المصري بالمساومة يتعلق بالضغوط المسلطة على بلاده بشأن القبول بتهجير الفلسطينيين إلى سيناء.

وتقوم مصر بتحركات على أكثر من مستوى لمنع تفكيك القضية الفلسطينية ومحاولة سد المنافذ أمام انعدام أفق التسوية السياسية، وعدم القبول بأيّ تهجير طوعي أو قسري لسكان غزة، وإحياء التصورات الجادة من أجل التوصل إلى حلول عملية، وبينها القيام بتدريب قوات فلسطينية في مصر، لتأكيد جاهزية السلطة الوطنية للقيام بدورها في غزة ومنع حدوث فراغ بعد انتهاء مرحلة هيمنة حماس على القطاع.

وقال تقرير نشره موقع مجلة “إيبوك” الإسرائيلية إن القاهرة وضعت خطة شاملة لاستعادة السيطرة على غزة، بعد أن كشف وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي عن خطة مفصلة لدى القاهرة لـ”حكم” غزة بعد انتهاء القتال. وأضاف التقرير العبري أن الخطوة مدعومة عربيًا ودوليًا، وتمهد الطريق لإدارة السلطة الفلسطينية لغزة بسيادة كاملة، وبدء عملية سياسية لإقامة دولة فلسطينية.

وبدأت مصر عملية تدريب مئات الفلسطينيين ليتولّوا مسؤولية الأمن في غزة لاحقا، لكن تنفيذ الخطوة يعتمد على التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في القطاع.

pp

وشدد بدر عبدالعاطي أكثر من مرة على أن مصر شرعت في تدريب عناصر من الشرطة الفلسطينية، ولا توجد ممانعات لدى القاهرة لصدور قرار من الأمم المتحدة لنشر قوات دولية في غزة لضمان أمن الفلسطينيين وحمايتهم.

وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، القيادي في تيار الإصلاح بحركة فتح، أيمن الرقب إن مصر تتحرك على مستويات مختلفة وسط واقع أمني وسياسي معقد ويتطلب حض المجتمع الدولي على القيام بخطوات جادة لوقف الحرب في غزة، وقطع الطريق على عملية هندسة ضم الضفة الغربية إلى إسرائيل، ويؤيده الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والذي لا يبدي استعدادا واضحا لوقف حرب غزة بهدف إجبار الفلسطينيين على القبول بما يوصف بـ”المساومة السياسية“.

وشدد في حديثه لـ”العرب” على أن استخدام الرئيس المصري كلمة “مساومة” هو إنذار لما يحاك للقضية الفلسطينية من تصفية تدريجية، ويحتاج إلى إيقاظ ضمير العالم، ما يفسر لماذا وجه الرئيس السيسي رسالة سابقة للرئيس ترامب، حثه فيها على القيام بدور لوقف الحرب، وإدخال المساعدات، وإيجاد حل للصراع في المنطقة.

إسرائيل تتعمد الغموض في إجراءاتها بشأن مصير غزة، وترك الأمر غير واضح حول الآلية التي ستتعامل بها مع القطاع، ومن يحكمه لمضاعفة الضغوط على حماس، وإجبار السكان على قبول التهجير

وخشي أيمن الرقب من التضخيم المتعمد لما يجري في قطاع غزة على حساب الضفة الغربية، والتي لا يتوقف عندها الكثيرون الآن، بينما يقوم مستوطنون بقتل فلسطينيين ونهب أراضيهم تحت سمع وبصر جهاز الأمن الإسرائيلي ويرأسه اليميني المتطرف إيتمار بن غفير، وفي خضم صمت دولي كبير على قرار الكنيست بضم الضفة الغربية لإسرائيل مؤخرا، ما يعزز سيناريو المساومة المرفوضة.

وينطوي الاهتمام المصري بتدريب قوات فلسطينية على رغبة كبيرة لضخ دماء غزيرة في شرايين السلطة الوطنية المتهمة بالفساد والتقاعس، ومحاولة الاستفادة من التطورات الجيدة بشأن الموقف الإيجابي من فكرة الدولة الفلسطينية، وتأكيد أن السلطة متفاعلة وعلى استعداد للقيام بدورها عندما تتحسن الأمور.

ويقول مراقبون إن إسرائيل تتعمد الغموض في إجراءاتها بشأن مصير غزة، وترك الأمر غير واضح حول الآلية التي ستتعامل بها مع القطاع، ومن يحكمه، وحديثها عن عودة احتلاله وزرع مستوطنات فيه، قد يرضي المتطرفين، لكن هدفه الحقيقي مضاعفة الضغوط المادية والمعنوية على حماس، وإجبار السكان على قبول التهجير.

ويضيف هؤلاء المراقبون أن السياسة الرمادية التي تتبناها الولايات المتحدة تدعم توجهات إسرائيل، لكن صعوبة حسم الموقف عسكريا في غزة يولد ضغوطا سياسية على إدارة الرئيس ترامب تلقي بظلال على عملية “المساومة”، فخلال فترة رئاسته الأولى تبنى طرحا قريبا من معادلة غزة مقابل الضفة، وتبادل في الأرضي.

وربما تقبل بعض القوى هذه المعادلة باعتبارها مدخلا لدولة فلسطينية مستقلة، تتوافر لها مقومات ضعيفة للحياة، لكنها تحظى بموافقة أميركية – إسرائيلية، وتجد دعما سياسيا للشروع في تبني ترتيبات تساعد على تمريرها بدلا من الخطة المصرية.

وترتكز الخطة المصرية، وهي جزء من قرارات قمة جامعة الدول العربية التي عقدت بالقاهرة في مارس الماضي، على: مرحلة انتقالية مدتها ستة أشهر، تشمل إدارة مدنية من خلال لجنة تكنوقراط مستقلة تعمل تحت إشراف الحكومة الفلسطينية، وإعادة تأهيل وإعادة إعمار غزة، وتستمر من 3 إلى 5 سنوات، ونشر قوة حفظ سلام دولية مؤقتة لضمان الأمن إلى حين اكتمال تدريب قوات الأمن الفلسطينية.

 

اقرأ أيضا:

       • الإخوان يحيون وعود محمد مرسي لتهجير الفلسطينيين

1