التضييق على حرية الصحافة يطال منع المؤتمرات الصحفية في كردستان

شبكة "19" تعتبر المنع المتكرر انتهاكاً لحرية التعبير وتطالب بتمكين المنظمات من ممارسة أنشطتها بحرية دون قيود.
الاثنين 2025/09/22
الملاذ يتحول إلى سجن

أربيل- يُعتبر إقليم كردستان العراق، ملاذاً للعديد من الفارين من العنف في مناطق أخرى وخاصة الصحافيين، وكان يُنظر إليه على أنه يتمتع بحريات إعلامية أكبر. ولكن في السنوات الأخيرة، أخذت حرية التعبير في التراجع بشكل ملحوظ، وتزايدت حالات التضييق على الصحافيين والنشطاء والمعارضين، ووصل الأمر حتى لمنع عقد المؤتمرات الصحفية ما أثار قلق المنظمات المحلية والدولية.

وأفادت شبكة “19” الحقوقية في إقليم كردستان الاثنين، أن منع عقد مؤتمرات صحفية في أربيل والسليمانية من دون مبرر قانوني يمثل “انتهاكاً واضحاً” لحرية التعبير، داعية إلى رفع شرط الحصول على تصريح لعقد هذه الفعاليات في الأماكن المفتوحة والمغلقة.

وقالت الشبكة في بيان إن “القوات الأمنية منعت صباح السبت 20 سبتمبر 2025 عقد مؤتمر صحفي كان مقرراً للمنظمة المهنية للمعلمين والهيئة العليا لمعلمي الطليعة وهيئة الدفاع عن حقوق المعلمين أمام برلمان إقليم كردستان،” مشيرة إلى أن “المؤتمر نُقل لاحقاً إلى مكان آخر حيث تمت قراءة البيان المقرر.”

◄ المنظمات الحقوقية تقول إنه لتحسين هذا الوضع، يجب على السلطات الكردية احترام التزاماتها الدولية، وتعديل القوانين الفضفاضة، وضمان محاسبة مرتكبي الانتهاكات

وأضافت أن “القوات الأمنية منعت أيضا في 9 سبتمبر 2025 منظمة كردستان للحرية والتغيير من عقد مؤتمر صحفي في حديقة نالي بالسليمانية بحجة عدم وجود تصريح،” مؤكدة أن “هذه الفعاليات لم تكن تظاهرات أو اعتصامات بل مؤتمرات صحفية لإيصال مطالب مدنية.”

ولفتت الشبكة إلى أن “القانون رقم 11 لسنة 2010 ينظم التظاهرات والمسِيرات في الأماكن العامة لكنه لا يتطرق إلى المؤتمرات الصحفية،” موضحة أن “الواقع يشهد مطالبة الجهات الأمنية بالحصول على تصريح لعقدها حتى داخل القاعات المغلقة، وهو ما يعد توسعاً في تفسير القانون.”

وأكدت شبكة “19” أن “المنع المتكرر يمثل انتهاكاً لحرية التعبير،” مطالبة بـ”تمكين المنظمات من ممارسة أنشطتها بحرية دون قيود.”

وتأسست شبكة “19” بمبادرة من مجموعة من المنظمات الحقوقية تحت إشراف مركز ميترو، وتعمل على مناصرة مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، لاسيما المادة 19 الخاصة بحرية الرأي والتعبير.

ويتعرض الصحافيون والنشطاء بشكل متكرر للاعتقال والاحتجاز بسبب آرائهم أو تقاريرهم. وغالبًا ما يتم استخدام تهم فضفاضة مثل “زعزعة الأمن القومي” أو “التشهير” لتبرير هذه الاعتقالات. وقد وثقت منظمات مثل “جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق” و”هيومن رايتس ووتش” العديد من هذه الحالات، حيث يتم احتجاز الأفراد دون محاكمة عادلة أو حتى بعد انتهاء محكوميتهم.

شبكة 19: القانون رقم 11 لسنة 2010 ينظم التظاهرات والمسِيرات في الأماكن العامة لكنه لا يتطرق إلى المؤتمرات الصحفية

وعلى الرغم من وجود قوانين تكفل حرية الصحافة مثل قانون الصحافة لعام 2007، إلا أن السلطات تستخدم قوانين أخرى، مثل قانون العقوبات العراقي، لتوجيه تهم جنائية للصحافيين والنشطاء، مثل “التشهير” أو “تهديد الأمن القومي”، وهي تهم يمكن تفسيرها بشكل واسع.

ويعدّ الإفلات من العقاب أحد أكبر التحديات. ففي الكثير من الحالات، لا تتم محاسبة المعتدين على الصحافيين، سواء كانوا من قوات الأمن أو من جهات أخرى، ما يشجع على تكرار هذه الانتهاكات.

وأصدرت منظمات حقوق الإنسان الدولية والمحلية مثل “هيومن رايتس ووتش” و”منظمة العفو الدولية” تقارير عديدة تعبر عن قلقها البالغ إزاء تراجع حرية التعبير في كردستان. وتدعو هذه المنظمات السلطات في الإقليم إلى احترام القوانين الدولية لحقوق الإنسان، والإفراج عن الصحافيين المعتقلين، ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات.

في المقابل، تدافع حكومة إقليم كردستان عن إجراءاتها، مؤكدة أنها تعمل وفقًا للقانون، وأن الصحافيين المعتقلين يُحاكمون على جرائم تتعلق بالأمن وليست مرتبطة بعملهم الصحفي. وتؤكد الحكومة التزامها بحماية حرية التعبير.

ويُشير التراجع المستمر في حرية التعبير في إقليم كردستان إلى وجود فجوة كبيرة بين الإطار القانوني الذي يُفترض أن يحمي الحريات والممارسات الفعلية على أرض الواقع. إذ أن تزايد حالات الاعتقال، واستخدام القضاء لقمع المعارضة، والاعتداء على الصحافيين، كلها مؤشرات خطيرة تهدد الديمقراطية والتعددية في الإقليم.

وتقول المنظمات الحقوقية إنه لتحسين هذا الوضع، يجب على السلطات الكردية احترام التزاماتها الدولية، وتعديل القوانين الفضفاضة، وضمان محاسبة مرتكبي الانتهاكات، ما يتيح للصحافة والمجتمع المدني العمل بحرية دون خوف أو ترهيب.