"البحر البعيد" يتوج بالجائزة الكبرى لمهرجان الفيلم بطنجة
طنجة (المغرب) - بعد أسبوع حافل بالفعاليات السينمائية، اختُتمت بمدينة طنجة الدورة الخامسة والعشرين من المهرجان الوطني للفيلم، في حفل بهيج احتضنه قصر الفنون والثقافة، بتكريم وتتويج أسماء وأعمال جسدت تنوع المشهد السينمائي المغربي وسلطت الضوء على الإبداع السينمائي.
وقد توج فيلم “البحر البعيد” للمخرج سعيد حميش بالجائزة الكبرى للمهرجان، كما حصد جوائز الإخراج وأفضل دور ثان رجالي للممثل عمر بلكبيرا وأفضل دور ثان نسائي للممثلة ريم فوليا، في تأكيد على تميزه الفني.
كما نال “موفيطا” للمخرج معدان الغزواني جائزة لجنة التحكيم مناصفة مع فيلم “في حب تودا” إلى جانب جائزة العمل الأول وأفضل دور أول رجالي لعبد النبي البنيوي، فضلا عن تنويه خاص من النقاد والجامعة الوطنية للأندية السينمائية.
وتوج فيلم “المرجة الزرقا” للمخرج داوود أولاد السيد بثلاث جوائز في فئات الإنتاج والسيناريو والموسيقى الأصلية، مع تنويه خاص للممثل يوسف قادر، فيما نال فيلم “الوصايا” لسناء عكرود تنويها من لجنة التحكيم وجائزة التركيب لإلياس لخماس، بفضل الدقة السردية والانسجام الفني الذي ميز العمل.
أما في فئة الأفلام الوثائقية الطويلة، فقد ظفر فيلم “فخورون، معلقون، وعنيدون بعض الشيء” لمحمد أكرم نماسي بالجائزة الكبرى، بينما منحت لجنة التحكيم جائزتها مناصفة بين “ألف يوم ويوم الحاج إدموند” لسيمون بتون و”لن أنساك” لمحمد رضا أكزناي.
وفي فئة الأفلام القصيرة، فاز فيلم “المينة” لرندة المعروفي بالجائزة الكبرى، فيما ذهبت جائزة لجنة التحكيم إلى “مرآة للبيع” وجائزة السيناريو إلى “الشيخة” لأيوب اليوسفي وزهوة الراجي، مع تنويه خاص لفيلم “عايشة”.
كما شهدت مسابقة أفلام المدارس والمعاهد السينمائية تتويج فيلم “مبروك سيدي خاي” لأشرف العافية بالجائزة الكبرى، إلى جانب تنويه لفيلم “الصمت الأخير” لمحمود العسري و”مع الريح” لإيناس لوهير.
وقدمت هذه الدورة التي انعقدت من 17 حتى 25 أكتوبر الجاري، برنامجًا غنيًا بشكل خاص، تمحور حول أربع مسابقات تضم أفلامًا منتجة بدعم من صندوق المساعدة للإنتاج السينمائي الوطني أو أفلامًا تم إنتاجها بالتمويل الذاتي.
تم اختيار أفلام المسابقات الثلاثة الأولى من قبل لجان مستقلة، من بين الأعمال المرشحة المسجلة وفقًا لأنظمة المهرجان. كما تضمن البرنامج قسمًا بعنوان «بانوراما»، يعرض مجموعة مختارة من 14 فيلمًا طويلًا وقصيرًا، روائيًا ووثائقيًا، تم اختيارها من بين الأفلام غير المقبولة في المسابقات الرسمية.
امتدت عروض هذه الدورة لتشمل عدة مؤسسات اجتماعية وثقافية بطنجة، لا سيما دار الشباب حسنونة. كما أتيحت الفرصة لنزلاء السجن المدني بطنجة وسجن أصيلة المحلي لمتابعة عروض الأفلام ضمن هذه المؤسسات العقابية.
وتميزت الدورة أيضًا بتكريم شخصيتين بارزتين في السينما المغربية. حيث كرّم المهرجان في حفل افتتاحه المخرج أحمد معانوني، مع عرض فيلمه الكلاسيكي «الحل» (1982)، الذي لاقى ترحيبًا حارًا من الجمهور. أما التكريم الثاني فكان للفنانة الكبيرة فاطمة عاطف خلال حفل الاختتام، في لحظة مليئة بالعاطفة والتقدير لجهودها الفنية البارزة وتعاونها مع كبار المخرجين المغاربة.
تميزت هذه الدورة أيضًا بثراء برنامجها المهني، بالإضافة إلى تنظم طاولة مستديرة حول السينما التحريكية بالمغرب، مع سينمائيين مغاربة جمعت أجيالًا مختلفة من المخرجين.
كما قدم المخرج حكيم بلعباس، رئيس لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، دروسًا متقدمة (ماستر كلاس) أمام الجمهور، مما أتاح لهم الاستفادة من خبرته الإنسانية الغنية والمعترف بها محليًا ودوليًا.
في فئة الأفلام القصيرة، فاز فيلم "المينة" لرندة المعروفي بالجائزة الكبرى، فيما ذهبت جائزة لجنة التحكيم إلى "مرآة للبيع" وجائزة السيناريو إلى "الشيخة" لأيوب اليوسفي وزهوة الراجي
وعززت هذه اللقاءات المهنية النقاش حول قضايا أساسية لتطوير السينما المغربية، مثل التمويلات الدولية الحالية، فرص الإنتاج المشترك، تحديات توزيع السينما المغربية في إفريقيا، الترويج للأعمال السينمائية غير الموزعة، بالإضافة إلى تكوين حول تقديم المشاريع السينمائية.
واصل المهرجان أيضًا تنظيم مسابقة تقديم المشاريع السينمائية (بيتش)، وقد شهدت الدورة الخامسة مشاركة تسعة مشاريع في مرحلة التطوير أو ما بعد الإنتاج، من تقديم مواهب مغربية شابة، بإشراف خبراء مغاربة وأجانب.
وخصص المهرجان أيضًا مساحة كاملة للكتابات السينمائية الجديدة والتقنيات المبتكرة، لتكريم الشباب المتخصصين في المؤثرات الخاصة وVFX، حيث عرضوا مهاراتهم أمام المهنيين، وزار هذا الفضاء وزير الشباب والثقافة والاتصال أثناء تواجده بالمهرجان.
وتميزت الدورة أيضًا بإقبال كبير من ممثلي الأفلام المشاركة في المسابقات الأربع الرسمية ومن عشاق السينما من مختلف أنحاء المغرب، وبشكل خاص من مدينة طنجة.
ومن الجدير بالذكر أيضًا حضور العديد من الشخصيات الأجنبية العاملة في مجال السينما، لا سيما مديري المؤسسات السينمائية في عدة دول أفريقية صديقة، مثل السنغال وبنين والكاميرون وبوركينا فاسو.