موديز ترسم آفاقا متشائمة حيال مكاسب الاقتصاد التركي

التوترات السياسية في تركيا تهدد بنسف المكاسب الاقتصادية التي حقّقتها البلاد بعد عودتها إلى تطبيق سياسات نقدية تقليدية.
الجمعة 2025/10/24
تراجع قيمة العملة

إسطنبول- رسمت وكالة التصنيف الائتماني العالمية موديز آفاقًا متشائمة بشأن مكاسب الاقتصاد التركي خلال الفترة المقبلة، مشيرة إلى تحديات متعددة تهدد استدامة النمو الاقتصادي.

وتأتي هذه التوقعات في ظل ظروف محلية وإقليمية معقدة، تشمل ضغوط التضخم، تراجع قيمة العملة، وتعقيدات السياسات المالية والنقدية.

وأكدت الوكالة في تقرير حديث أن “التوترات السياسية في تركيا تهدد بنسف المكاسب الاقتصادية التي حقّقتها البلاد بعد عودتها إلى تطبيق سياسات نقدية تقليدية”، محذرة من أن “تجدد الاضطرابات قد يقلق المستثمرين ويعقد السياسة النقدية”.

◄ البرنامج متوسط الأجل الجديد يُظهر أن الاقتصاد سينمو بنسبة 3.3 في المئة خلال العام الجاري و3.8 في المئة في العام المقبل

وقال ألكسندر بيرجيسي، نائب الرئيس ومسؤول الائتمان الأعلى في موديز إنفستورز سيرفيس، خلال مؤتمر للتمويل الإسلامي في إسطنبول إن “الملف الائتماني لتركيا تحسّن بشكل لافت خلال العامين ونصف العام الماضيين، لكن الزخم الإيجابي توقف الآن عند مستوى ثابت”.

وتفاقمت التوترات على الساحة السياسية التركية هذا العام وسط تصعيد الحملة القانونية التي تستهدف حزب الشعب الجمهوري المعارض، والتحقيقات التي طالت عددا من كبار قياداته، بما في ذلك اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو.

كما تهدد جلسة محاكمة مقررة الجمعة المقبل بتقويض موقع الحزب في النظام السياسي التركي، مع احتمال فقدان رئيسه لمقعده.

ونقلت وكالة بلومبيرغ عن بيرجيسي قوله الخميس إن “التوترات السياسية تنذر بتقويض بعض مكاسب الاستقرار في الاقتصاد الكلي”.

ألكسندر بيرجيسي: التوترات السياسية تنذر بتقويض الزخم الإيجابي خلال عامين

وأشار إلى أن “الضجيج السياسي، بما في ذلك الاحتجاجات الشعبية، لطالما قوّض ثقة المستثمرين في تركيا، ما يضعف الليرة ويعقّد مهام البنك المركزي في تنفيذ السياسة النقدية”.

يعد الحفاظ على استقرار الليرة ركيزة أساسية لتفادي تحول السيولة نحو الأصول المقوّمة بالدولار أو ما يُعرف بـ”الدولرة”. لكن الحكم القضائي المرتقب الجمعة قد يشعل موجة بيع جديدة في سوق الأسهم والسندات التركية.

وعلى مدى الأشهر الثمانية عشر الماضية، رفعت موديز التصنيف السيادي لتركيا ثلاث درجات، مستندةً إلى تحسن إدارة السياسات والتطبيع الاقتصادي، غير أن التضخم لا يزال يشكّل عقبة، بعدما سجل في سبتمبر أول تسارع شهري له منذ أكثر من عام.

وقال بيرجيسي في مداخلته خلال فعاليات المؤتمر إن “الطلب المحلي لا يزال قويا جدا، وهو ما يتجلى في النمو النشط للقروض الاستهلاكية”.

وذكر أن التضخم الأساسي عالق عند نحو اثنين في المئة على أساس شهري منذ فترة ليست بالقصيرة، وهو أحد الأسباب التي تحول دون تراجع التضخم بالوتيرة التي يأملها البنك المركزي.

وواصل صانعو السياسة النقدية دورة خفض الفائدة الخميس، وسط انقسام بين الاقتصاديين بشأن حجم الخطوة المقبلة، بعد الارتفاع المفاجئ في الأسعار الشهر الماضي وتصاعد التوترات السياسية.

وخفض البنك المركزي التركي سعر الفائدة الأساسي 100 نقطة أساس إلى 39.5 في المئة، وهو ما يشير إلى إبطاء في وتيرة التيسير النقدي مثلما كان متوقعا في ظل تنامي مخاطر التضخم التي تخيم على آفاق الاقتصاد.

وفي اجتماعه السابق في سبتمبر، خفض البنك أسعار الفائدة 250 نقطة أساس، وهو ما كان أكثر قليلا من المتوقع بعد ارتفاع التضخم بشكل يفوق التوقعات في ظل تزايد المخاطر السياسية. وجاء ذلك بعد خفض البنك أسعار الفائدة 300 نقطة أساس في اجتماع يوليو.

وفي مسح رأي أجرته رويترز شمل 17 خبيرا اقتصاديا، توقع معظمهم خفض سعر إعادة الشراء (ريبو) لأجل أسبوع. وبلغ متوسط التوقعات 100 نقطة أساس. وتوقع أربعة من الاقتصاديين الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير.

◄ الضجيج السياسي، بما في ذلك الاحتجاجات الشعبية، لطالما قوّض ثقة المستثمرين في تركيا، ما يضعف الليرة ويعقّد مهام البنك المركزي في تنفيذ السياسة النقدية

وقفز معدل التضخم بتركيا في سبتمبر بما يزيد كثيرا عن التوقعات، إذ بلغ 33.29 في المئة بمقارنة سنوية، مما أثار توقعات بإبطاء دورة التيسير النقدي.

ويعتقد بيرجيسي أن كسر حالة الجمود التضخمي في تركيا قد يستدعي تباطؤا اقتصاديا أشدّ وطأة. وقال “تُظهر تجارب دول أخرى أن الخروج الحاسم من زخم التضخم يتطلب تباطؤا اقتصاديا أعمق بكثير”.

وفي الشهر الماضي خفضت أنقرة توقعاتها للناتج المحلي الإجمالي، في إشارة إلى أن الحكومة تعطي الأولوية لاستقرار الأسعار على حساب النمو السريع.

ويُظهر البرنامج متوسط الأجل الجديد أن الاقتصاد سينمو بنسبة 3.3 في المئة خلال العام الجاري و3.8 في المئة في العام المقبل، انخفاضا من توقعات العام الماضي البالغة 4 و4.5 في المئة على التوالي.

وتتجاوز تقديرات العام المقبل متوسط توقعات الاقتصاديين في استطلاع أجرته بلومبيرغ، والبالغ 3.5 في المئة، لكنها تظل أقل بكثير من متوسط النمو البالغ نحو 5 في المئة خلال العقدين الماضيين.

ويُعد ذلك، بالنسبة إلى الكثيرين، دليلا على أن صنّاع السياسات يعطون الأولوية لكبح التضخم، الذي يتجاوز حاليا ستة أضعاف الهدف الرسمي البالغ خمسة في المئة.

4