ترامب يربط عدم فوزه بجائزة نوبل بإهانة للولايات المتحدة
كوانتيكو (الولايات المتحدة ) - أثار الرئيس الأميركي دونالد ترامب جدلا واسعا بتصريحات أدلى بها الثلاثاء، مشيرا إلى أن عدم منح الولايات المتحدة جائزة نوبل للسلام عن دور ينسبه لنفسه في إيجاد حلّ لنزاعات عدّة سيشكّل "إهانة" للبلاد.
وترامب الذي لطالما سعى لنيل الجائزة التي سيتم إعلان هوية الفائز بها في العاشر من أكتوبر أدلى بهذا التصريح غداة إعلانه خطة لإنهاء الحرب في غزة.
وتساءل ترامب في خطاب ألقاه أمام كبار القادة العسكريين الأميركيين "هل ستحصلون على جائزة نوبل؟ قطعا لا. سيمنحونها لشخص لم يفعل شيئا على الإطلاق"، في إشارة واضحة إلى سلفه باراك أوباما الذي نال الجائزة في العام 2009، بعد أشهر قليلة على توليه سدّة الرئاسة الأميركية.
وتابع "سيكون ذلك إهانة كبيرة لبلدنا. لا أريدها، أريد أن تنالها البلاد"، مضيفا "يجب أن تنالها، لأنّ شيئا كهذا لم يحدث من قبل".
وفي خطابه الثلاثاء، كرّر ترامب ادّعاءه أنه أنهى سبع حروب منذ عودته إلى سدة الرئاسة في يناير.
وتضمنت قائمة النزاعات التي قالت إدارته مؤخرا إنه أنهاها: بين كمبوديا وتايلاند، كوسوفو وصربيا، جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا، باكستان والهند، إسرائيل وإيران، مصر وإثيوبيا، وأرمينيا وأذربيجان.
وأشار ترامب إلى أنه إذا نجحت خطة إنهاء الحرب في غزة التي أعلنها في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض الإثنين، "سنكون قد أنهينا ثماني حروب في ثمانية أشهر. هذا أمر جيد جدا".
ولم تعط حركة حماس بعد ردّها على الخطة.
وترتبط تصريحات ترامب حول نوبل بعاملين رئيسيين: أولهما الطموح الشخصي المغلّف بعباءة الوطنية، وثانيهما سرد الإنجازات المبالغ فيه. ويهدف إصرار ترامب على ربط الجائزة بـ "إهانة وطنية" إلى تأطير الرفض المحتمل للجائزة بأنه استهداف للولايات المتحدة ككل وليس مجرد تقييم لأدائه.
ويخدم هذا التكتيك هدفه في تضخيم الإرث الرئاسي من خلال تذكير الجمهور بنيله الفضل في إنجازات يُنظر إليها على أنها "لم تحدث من قبل". علاوة على ذلك، يُعدّ استياء ترامب المتكرر من نيل أوباما للجائزة دليلا قويا على أن الجائزة تمثل له اعترافا شخصيا يسعى من خلاله لتجاوز إرث سلفه.
أما بخصوص قائمة "الحروب الثمانية"، فيواجه هذا الادعاء تشكيكا عميقا. في حين يسارع ترامب لنسب الفضل لنفسه، فإن العديد من النزاعات المذكورة كانت إما نزاعات متقطعة أو خلافات دبلوماسية متجذرة وليست حروبا شاملة تم إنهاؤها بفضل جهوده الحصرية.
فقسم كبير مما يتحدث عنه يبقى إنجازا جزئيا أو ادّعاء غير صحيح، نظرا لأن تسوية هذه النزاعات غالبا ما تتطلب جهودا دولية متعددة وطويلة الأمد، ولا يمكن اختزالها في دور رئيس أميركي واحد. كما أن إدراج خطة غزة التي لم تُفعل بعد يجعل الإحصاء سابقا لأوانه وغير موضوعي.
لكنّ احتمالات فوز ترامب بنوبل للسلام هذا العام يُنظر إليها في أوسلو حيث مقر لجنة الجائزة بأنّها شبه معدومة.
وقال المؤرّخ إيفيند ستينرسن الذي أجرى أبحاثا عدة وشارك في إعداد كتاب عن جائزة نوبل للسلام، في تصريح لوكالة فرانس برس إن "الأمر لا يمكن تصوّره على الإطلاق".
بدورها أكّدت اللجنة النرويجية لجائزة نوبل أن حملات ترامب لن تؤثر عليها.
ومؤخرا، قال أمين السر في لجنة جائزة نوبل كريستيان بيرغ هارفيكن في تصريح لفرانس برس "بالطبع نلاحظ أن هناك اهتماما إعلاميا كبيرا مسلّطا على مرشحين معيّنين".
وتابع "لكن هذا الأمر ليس له أي تأثير على المناقشات الجارية في اللجنة".
ويؤكد هذا الموقف أن عملية اختيار الفائزين بالجائزة تخضع لمعايير موضوعية صارمة للعمل من أجل الأخوة بين الأمم ونزع السلاح، وتتجاوز الحملات الإعلامية والضغوط السياسية المباشرة. بالتالي، فإن سعي ترامب لنيل الجائزة يصطدم بصرامة المعايير النرويجية التي ترفض الخضوع للتضخيم الإعلامي والادعاءات غير المدعومة بالتحقق الفعلي والدائم للسلام.