اليوغا والتاي تشي والمشي والركض رياضات تحارب الأرق
يؤكد خبراء اللياقة البدنية على أهمية رياضات المشي واليوغا والتاي تشي في محاربة الأرق وتحسين جودة النوم، حيث تساعد هذه الرياضات على تغيير نشاط الدماغ بتركيزها على الوعي الجسدي والتحكم في التنفس بما يخفف أعراض القلق والاكتئاب، التي غالبا ما تحول دون التمتع بنوم مريح. ويؤثر الأرق على الأداء العقلي والجسدي وجودة الحياة بشكل عام.
برلين - تعد ممارسة الرياضة سلاحا فعالا لمحاربة الأرق، لاسيما اليوغا والتاي تشي والمشي والركض، وذلك وفقا لنتائج دراسة حديثة.
وأوضح موقع “أبونيت.دي” الذي يعد البوابة الرسمية للصيادلة الألمان، أن فريقا بحثيا قام بتقييم 22 دراسة شارك فيها 1348 شخصا يعانون من الأرق، وخضعوا لـ13 علاجا مختلفا من بينها ممارسة الرياضة مثل اليوغا والتاي تشي والمشي والركض، بالإضافة إلى تمارين تقوية العضلات والقدرة على التحمل.
وأظهرت نتائج الدراسة أن ممارسة بعض الرياضات كانت فعالة مقارنةً بالعلاجات التقليدية، وفي بعض الحالات حقق المصابون بالأرق نتائج أفضل بكثير.
والأرق هو اضطراب شائع في النوم يعاني فيه الشخص من صعوبة الاستغراق في النوم، أو الاستمرار فيه، أو الاستيقاظ مبكرًا دون القدرة على العودة إلى النوم.
وقد يكون الأرق حادًا قصير الأمد ويستمر لأيام أو أسابيع، أو مزمنًا طويل الأمد يستمر لأشهر، ويؤثر على الأداء العقلي والجسدي وجودة الحياة بشكل عام.
وساعدت اليوغا على زيادة إجمالي وقت النوم بحوالي ساعتين، وتقليص الوقت اللازم للنوم بحوالي نصف ساعة.
رياضة "التاي تشي" ساعدت على زيادة إجمالي وقت النوم بأكثر من 50 دقيقة، وتقليل الوقت اللازم للنوم بحوالي 25 دقيقة
كما ساعد المشي والركض على خفض شدة الأرق بشكل ملحوظ، بينما ساعدت رياضة “التاي تشي” على زيادة إجمالي وقت النوم بأكثر من 50 دقيقة، وتقليل الوقت اللازم للنوم بحوالي 25 دقيقة، بالإضافة إلى وقت الاستيقاظ ليلا.
ويمكن لليوغا من خلال التركيز على الوعي الجسدي والتحكم في التنفس وتدريب الانتباه أن تُغيّر نشاط الدماغ، وبالتالي يمكنها تخفيف أعراض القلق والاكتئاب، التي غالبا ما تحول دون التمتع بنوم مريح وهانئ.
ويزيد المشي والركض من استهلاك الطاقة ويُقلّل إنتاج هرمونات التوتر ويُحسّن التنظيم العاطفي ويُعزّز إفراز هرمون النوم “الميلاتونين”.
وتركّز رياضة “التاي تشي” على التحكم في التنفس والاسترخاء الجسدي، مما يُقلّل من نشاط الجهاز العصبي الودي، وبالتالي يُخفّف من فرط اليقظة. كما أن هذه الرياضة تجمع بين الحركة التأملية واليقظة الذهنية، ويمكن لهذا المزيج أن يُعزّز التنظيم العاطفي ويُوقف اجترار الأفكار ويُخفّف القلق، كما يمكنه تثبيط إنتاج المواد المُسبّبة للالتهابات.
وسعى الباحثون إلى فهم الأسباب الكامنة وراء هذا التأثير الإيجابي، وأوضحوا أن كل نوع من هذه الرياضات يمتاز بخصائص فسيولوجية ونفسية تسهم في تحسين النوم بعدة آليات، حيث تحفز اليوغا الوعي الجسدي، وتعزز التحكم في التنفس والانتباه، مما يُحدث تغييرات إيجابية في نشاط الدماغ. كما تساعد على تخفيف أعراض القلق والاكتئاب، وهما من أبرز العوامل التي تؤثر سلبا على النوم العميق والمريح.
ويرفع المشي والركض مستوى استهلاك الطاقة ويخفضان إنتاج هرمونات التوتر، مثل الكورتيزول، كما يعززان إنتاج هرمون الميلاتونين، المسؤول عن تنظيم إيقاع النوم.
ممارسة اليوغا بانتظام تعمل على تحسين كفاءة النوم، وإجمالي وقت النوم، ومدى سرعة النوم
أما التاي تشي فيجمع بين حركات تأملية وتنفس منتظم يؤدي إلى خفض نشاط الجهاز العصبي الودي، المسؤول عن فرط اليقظة. ويساهم هذا التأثير في الاسترخاء الذهني والجسدي، ويقلل من اجترار الأفكار السلبية، كما يساعد على تنظيم المشاعر وتقليل إنتاج المواد المحفزة للالتهابات، والتي قد تكون مرتبطة باضطرابات النوم المزمنة.
ويرى خبراء الصحة أن هذه التمارين قد لا تكون بديلا كافيا في حالات الأرق المزمن أو المرتبط بمشكلات صحية أعمق، إلا أنها تمثل وسيلة فعالة للوقاية وتعزيز النوم الطبيعي، خاصة عند دمجها في نمط الحياة اليومي.
ولا تتطلب هذه الممارسات تجهيزات معقدة أو اشتراكا في مراكز متخصصة. إذ يمكن بدء جلسات يوغا بسيطة في المنزل أو القيام بجولات مشي خفيفة في المساء، بشرط اختيار النشاط المناسب لكل شخص بما يضمن الاستمرارية والاستفادة القصوى.
وفي وقت أصبح النوم الجيد عنصرًا أساسيًا للحفاظ على الصحة الجسدية والعقلية، تبدو التمارين الخفيفة وسيلة عملية وآمنة يمكن أن تعيد التوازن إلى نمط الحياة، وتفتح الباب أمام حلول طبيعية لعلاج اضطرابات النوم دون اللجوء إلى الأدوية.
ووجدت الدراسات أن ممارسة اليوغا بانتظام تعمل على تحسين كفاءة النوم، وإجمالي وقت النوم، ومدى سرعة النوم، من بين تحسينات أخرى لأولئك الذين يعانون من الأرق.
وفي بعض تمارين اليوغا يساعد الانحناء للأمام على تنشيط الجهاز العصبي السمبتاوي، ويعمل هذا النظام على إبطاء العمليات الجسدية، ويطلق التوتر ويساعد على النوم.
المشي والركض يزيدان من استهلاك الطاقة ويُقلّلان إنتاج هرمونات التوتر ويُحسّنان التنظيم العاطفي
وينبغي أخذ من 10 إلى 15 نفسا بطيئا وعميقا قبل النهوض برفق للوقوف، خلال هذا التمرين.
وتساعد الالتواءات بشكل عام على تخفيف التوتر وتقليل آلام الظهر، ووجد أن بعض وضعيات الاستلقاء تساعد على استرخاء انعكاس الضغط، مما يساعد على خفض ضغط الدم، ويمكن أن يساعد هذا في النوم عميقا.
وتساعد وضعية الجرو (إحدى وضعيات تمارين اليوغا)، وهي وضعية طفل معدلة، تمد الجزء العلوي من الظهر والعمود الفقري والكتفين، على تخفيف التوتر والضغط، كما تعمل الجبهة على الأرض على تحفيز الغدة النخامية، وهي مصدر رئيسي للميلاتونين، الذي يساعد على النوم.
ويستهدف هذا التمرين العضلة الظهرية العريضة والعضلة المدورة الكبرى وعضلات الكفة المدورة وعضلات البطن والعضلات الدالية.
من المهم البقاء لمدة 5 إلى 10 أنفاس قبل تحريك اليد للخلف حتى يصبح على أربع مرة أخرى.
ويمكن للمشي في الهواء الطلق أن يساعد على خفض التوتر والقلق، ولفت الباحثون إلى أن المشي مناسب لجميع مستويات اللياقة البدنية، ويحسن المزاج، ويؤثر على جودة النوم ومستويات الطاقة.
وبصورة عامة تساعد التمارين الرياضية على محاربة الأرق وتحسين جودة النوم. وأظهرت الدراسات فوائد متعددة لممارسة التمارين الرياضية، بما في ذلك تحسين جودة النوم، وتقليل أعراض الأرق، وتعزيز الصحة بشكل عام، فقد وجدت الدراسات علاقة بين ممارسة الأنشطة البدنية، وانخفاض الشعور بالنعاس خلال النهار، كما يُعتقد أن انخفاض مستويات النشاط البدني يمكن أن يزيد من النعاس أثناء النهار.
ومع ذلك، فهناك عوامل مثل العمر، والجنس، ومؤشر كتلة الجسم والحالة الصحية العامة، ومستويات اللياقة البدنية، ونوع النشاط البدني يمكن أن تخفف من تأثير ممارسة الرياضة على جودة النوم، وذلك من خلال مسارات نفسية وفسيولوجية متعددة.
وبينما تُظهر الدراسات فوائد النشاط البدني للنوم، فإن هناك نقصًا في البيانات طويلة المدى من الدراسات التي تشمل مجموعات كبيرة من الأشخاص، مما يجعل من الصعب تحديد ما إذا كان التأثير الإيجابي على النوم ناتجًا عن ارتفاع مستويات النشاط البدني، أو ما إذا كان انخفاض النشاط البدني ناتجًا عن اضطرابات النوم.