واشنطن تحذر لبنان: إسرائيل ستتصرف لنزع سلاح حزب الله

توماس باراك يحذر من مغبة إقدام حزب الله على تأجيل الانتخابات البرلمانية.
الثلاثاء 2025/10/21
القادم أسوأ إذا لم يتحرك لبنان

بيروت- حذر المبعوث الأميركي توماس باراك، الاثنين، من أن إسرائيل “ستتصرف من جانب واحد،” إذا استمر “تردد لبنان في نزع سلاح حزب الله،” متجاهلا المبادرة التي عرضها الرئيس اللبناني جوزيف عون لعقد مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل.

وقال باراك إن “اتفاق وقف الأعمال العدائية لعام 2024، الذي رعته إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن وجرى التوصل إليه بوساطة أميركية وأممية، سعى إلى وقف التصعيد لكنه فشل في النهاية. ولم يتم التوصل إلى اتفاق مباشر بين إسرائيل وحزب الله، لأن لبنان ما زال يعتبر التعامل مع إسرائيل جريمة، وبالتالي لا وجود لآلية حقيقية للتنفيذ.”

ولفت المبعوث الأميركي إلى أنه في الوقت نفسه، تواصل إيران تمويل حزب الله رغم العقوبات، فيما يرسل مجلس الوزراء اللبناني المنقسم رسائل متناقضة إلى الجيش اللبناني الذي يفتقر إلى التمويل والصلاحيات للتحرك. والنتيجة: هدوء هش بلا سلام، وجيش بلا سلطة، وحكومة بلا سيطرة.”

وأضاف أن “إسرائيل لا تزال تحتل خمس نقاط تكتيكية على طول الخط الأزرق،” محتفظة بقدرتها على الإنذار المبكر، فيما تنفذ ضربات يومية ضد مخازن حزب الله. في المقابل، يبقى مبدأ الحكومة اللبنانية “دولة واحدة وجيش واحد أقرب إلى الطموح منه إلى الواقع، بفعل هيمنة حزب الله السياسية والخشية من اندلاع اضطرابات داخلية.”

واعتبر أنه “إذا فشلت بيروت في التحرك، فإن الجناح العسكري لحزب الله سيواجه حتماً مواجهة كبرى مع إسرائيل في وقت تتنامى فيه قوة إسرائيل ويشهد فيه حزب الله المدعوم من إيران نقاط ضعف كثيرة. وبالمثل، فإن جناحه السياسي سيواجه بلا شك احتمال العزلة مع اقتراب الانتخابات في مايو 2026.”

في خطوة لتخفيف الضغوط الإسرائيلية والأميركية عرض الرئيس عون مؤخرا مبادرة تنص على عقد مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل

وتواجه السلطة اللبنانية صعوبة في تنفيذ خطة نزع سلاح حزب الله، التي سبق وأن صادق عليها مجلس الوزراء، وهي مطلب أساسي لإسرائيل والولايات المتحدة، في ظل رفض الحزب حتى مناقشة القضية، وعدم امتلاك الدولة لأدوات القوة لإجباره.

وفي خطوة لتخفيف الضغوط الإسرائيلية والأميركية عرض الرئيس عون مؤخرا مبادرة تنص على عقد مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل برعاية أميركية وأممية، آخذاً من مفاوضات ترسيم الحدود البحرية نموذجا.

لكن المواقف التي عبر عنها باراك تشي بأن واشنطن ليست مهتمة بتلك المبادرة بصيغتها الحالية، وأنها قد تقبل بها في حالة أن تكون المحادثات مباشرة بين لبنان وإسرائيل، وهو أمر تتحفظ عليه بيروت بشدة.

وقال باراك إن “سيطرة الميليشيا تقوض سيادة لبنان وتمنع الاستثمار، وتضعف ثقة الجمهور، وتمثل راية حمراء دائمة لإسرائيل.” واستدرك “لكن حوافز التحرك الآن تفوق تكاليف التقاعس: فالشركاء الإقليميون مستعدون للاستثمار، شريطة أن يستعيد لبنان احتكاره للقوة الشرعية تحت قيادة القوات المسلحة اللبنانية وحدها.”

ومضى قائلا “إذا استمرت بيروت في التردد (في نزع سلاح حزب الله)، فقد تتصرف إسرائيل من جانب واحد، وستكون العواقب وخيمة، لا تنحصر في الجانب العسكري بل وأيضا السياسي.”

وقال المبعوث الأميركي في هذا الصدد “إذا تعرض حزب الله لهجوم عسكري جدي من إسرائيل وواجه خسائر إقليمية أو سياسية أو في سمعته، فمن المرجح جداً أن يسعى لتأجيل انتخابات مايو 2026 للحفاظ على قاعدة سلطته وإعادة ترتيب صفوفه. فالانتخابات في مثل هذه اللحظة ستكشف وضعه الضعيف، وتعرض حلفاءه لخسائر انتخابية، وتشجع الفصائل المنافسة على تحدي هيمنته ضمن النظام الطائفي الهش في لبنان.”

ومن خلال الاستناد إلى “الأمن القومي” و”عدم الاستقرار في زمن الحرب،” حذر باراك من أن حزب الله قد يبرر التأجيل كوسيلة للحفاظ على الوحدة وحماية المجتمع الشيعي من الاستغلال الخارجي المتصور. في الواقع، فإن التأجيل يمنحه وقتاً لإعادة البناء عسكرياً، وإعادة التنظيم سياسياً، وإعادة التفاوض حول توازن القوى بعد الحرب قبل مواجهة الناخبين”.

وشدد براك على أن “تأجيل انتخابات 2026 بذريعة الحرب سيثير فوضى كبيرة في لبنان، ويقوّض نظاماً سياسياً هشاً أصلاً، ويعيد إشعال عدم الثقة الطائفية. فالعديد من الفصائل اللبنانية خاصة الكتل المسيحية والسنية والإصلاحية ستعتبر التأجيل استيلاءً غير دستوري على السلطة من قبل حزب الله لترسيخ سيطرته وتجنب المساءلة عن دمار الحرب.”

ومن المرجح أن يؤدي هذا التحرك، وفق باراك، إلى شلل في البرلمان، وتعميق فراغ الحكومة، وإطلاق احتجاجات شعبية على مستوى البلاد تشبه انتفاضة 2019، ولكن هذه المرة في ظل توتر مسلح وانهيار اقتصادي. فالتصور القائل بأن ميليشيا واحدة يمكنها تعليق الديمقراطية قد يقوض ثقة الجمهور بالدولة، ويفتح الباب لتدخل إقليمي، ويزيد خطر دفع لبنان من أزمة إلى انهيار مؤسساتي كامل.”

ومنذ إعلان اتفاق وقف إطلاق النار في نوفمبر الماضي يتعرض لبنان إلى ضربات وغارات شبه يومية من قبل إسرائيل، تصاعدت وتيرتها بشكل مقلق في الفترة الأخيرة، بالتزامن مع إطلاق الجيش الإسرائيلي لمناورات عسكرية واسعة بالقرب من حدود لبنان.

ويرى مراقبون أن تصريحات باراك والتحركات الإسرائيلية تشي بأن هناك ما يجري التحضير له للبنان، محذرين من أن الوقت ينفد وأن على السلطة اللبنانية في حال أرادت درء الخطر التحرك بسرعة، وحسم سلاح حزب الله عمليا.

1