هل ينجح مؤتمر نيويورك في تفكيك "قنبلة" مخيم الهول

المجتمع الدولي غير متحمس لحل قضية أخطر مخيم في العالم.
الثلاثاء 2025/09/09
نساء الحسبة مصدر قلق

تحاول الحكومة العراقية تسليط الضوء على قضية مخيم الهول في شمال شرق سوريا عبر رعاية مؤتمر دولي بخصوصه في نيويورك، لكن محللين وباحثين يشككون في إمكانية تحقيق اختراق في غياب الاهتمام الدولي.

الحسكة (سوريا) - تحوم شكوك حول قدرة المؤتمر المزمع عقده الشهر الجاري في مدينة نيويورك الأميركية على تفكيك مخيم الهول، الذي يضم عائلات تنظيم الدولة الإسلامية، ويصنف أخطر مخيم في العالم.

وسيعقد مؤتمر دولي حول مخيم الهول في الـ26 من سبتمبر برعاية من الحكومة العراقية تحت عنوان “الاستفادة من التعددية في إعادة الأشخاص إلى أوطانهم، محاكمتهم، إعادة تأهيلهم وإعادة إدماجهم في مجتمعاتهم.”

ورغم أن المخيم يخضع لإشراف الإدارة الذاتية الكردية في شمال شرق سوريا ينظر إليه من قبل دول المنطقة، ولاسيما العراق، على أنه تهديد خطير لأمنها القومي، وأن الوقت قد حان لحل معضلته التي يتجاهلها المجتمع الدولي.

وبحسب آخر إحصائية صادرة عن إدارة المخيم، يقطن مخيم الهول الواقع شرق محافظة الحسكة السورية نحو 13 ألف عراقي و15 ألف سوري إضافة إلى 6385 فرداً من نساء وأطفال مرتزقة داعش الأجانب.

وتقوم الإدارة الذاتية الكردية منذ عام 2021 بتسيير رحلات لقاطني مخيم الهول العراقيين الراغبين في العودة إلى ديارهم بالتنسيق مع الحكومة العراقية، والتحالف الدولي لمحاربة داعش، لكن تلك الجهود تبقى غير كافية.

منير أديب: لا أتوقع من مؤتمر نيويورك نتائج عملية على الأرض
منير أديب: لا أتوقع من مؤتمر نيويورك نتائج عملية على الأرض

ويقول منير أديب، الباحث في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، إن مخيم الهول يعد بمثابة قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة، مضيفًا أن قوات الأمن الداخلي الكردية (الأسايش) تعرضت لهجمات متكررة، وتمكنت من إحباط العديد من محاولات الهروب من داخل المخيم.

وكانت قوات الأمن الكردية أحبطت الأسبوع الماضي محاولة هروب جماعية جديدة من المخيم.

واضطرت قوات سوريا الديمقراطية، الذراع العسكرية للإدارة الذاتية، على إثر ذلك إلى شن حملة أمنية واسعة داخل المخيم، لافتة إلى خطر تجنيد القاصرين في ما يعرف بـ”أشبال الخلافة” وممارسات نساء “الحسبة” التابعين لتنظيم داعش.

ويوضح أديب في تصريحات لموقع “نورث برس” القريب من الإدارة الذاتية أن كاميرات المراقبة كشفت عن نساء يلقّنّ أبناءهن الأفكار التي مات عليها آباؤهم، ما يعني أن بقاء المخيم بهذه الصيغة يشكل تهديدًا طويل الأمد، “خاصة أن الكثير من أطفال داعش في المخيم باتوا بالغين، ولا تمكن تسميتهم أطفالا، بل قد يكونون خلايا نائمة قد تنشط في أي وقت.”

ويشدد الباحث على أن تفكيك المخيم بات ضرورة قصوى، قائلا “على المجتمع الدولي العمل على إعادة عائلات داعش إلى بلدانها الأصلية، وتحمل مسؤولياته تجاه هذا الملف، خاصة أن قوات سوريا الديمقراطية تخوض هذه المعركة نيابةً عن العالم.”

ولا يخفي الباحث في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي تشككه في أن يحقق مؤتمر نيويورك الدولي نتائج ملموسة، قائلا “لا أتوقع نتائج عملية على الأرض، قد تصدر توصيات، ولكن التوصية الأهم هي تفكيك مخيم الهول وعودة العائلات إلى بلدانها الأصلية.”

وأُنشئ مخيم الهول الواقع بالقرب من الحدود السورية – العراقية في الأصل لإيواء اللاجئين العراقيين في أوائل عام 1991 خلال حرب الخليج الثانية، وأُعيد فتحه لاحقًا بعد تدفق المهاجرين العراقيين إلى سوريا عقب غزو العراق عام 2003، كواحد من ثلاثة مخيمات على الحدود السورية – العراقية.

وفي عام 2018 تحول إلى مركز احتجاز لعائلات تنظيم داعش، وقد ضم في البداية نحو 10000 آلاف شخص قبل أن يتضخم العدد، فيما رفضت الكثير من الدول إعادة المنتمين إليها.

وتتنازع الإدارة الذاتية ودمشق اليوم الإشراف على المخيم، لدواع سياسية حيث تريد الحكومة الانتقالية السورية البرهنة للعالم على قدرتها على الإمساك بملف داعش، في المقابل تحرص قوات سوريا الديمقراطية على الإبقاء على المخيم تحت رعايتها كورقة إضافية لكسب دعم المجتمع الدولي.

ولم تعلن الإدارة الذاتية كما الحكومة الانتقالية السورية أي موقف من المؤتمر المزمع عقده، ولا يُعرف ما إذا كانتا ستشاركان فيه أم لا.

نحو 13 ألف عراقي و15 ألف سوري إضافة إلى 6385 فرداً من نساء وأطفال مرتزقة داعش الأجانب، يقطنون مخيم الهول

ويرى محللون أن المجتمع الدولي لا يضع حل قضية مخيم الهول أولوية في الوقت الحالي، وأن المؤتمر المنتظر هو محاولة من قبل بغداد لإعادة تسليط الضوء على المخيم، لكن ليس من الواضح تحقيق نتائج ملموسة.

 ويرى ألبرت فرحات، المختص في شؤون الإرهاب، أن “مخيم الهول تهديد إقليمي نظرا لاحتضانه آلاف النساء والأطفال من عائلات داعش، إضافة إلى وجود خلايا نشطة تمارس العنف وتهدد استقرار المنطقة.”

ويشير فرحات في تصريحات لموقع “نورث برس” إلى أن المخيم يعد بؤرة أمنية خطيرة، إذ يضم عشرات الآلاف من الأشخاص، معظمهم من النساء والأطفال المرتبطين بداعش، ويُخشى استمراره كمركز للتخطيط والتحريض على العنف.

ويضيف المختص في شؤون الإرهاب أن الحل المستدام لملف مخيم الهول يكمن في إعادة الدول المعنية مواطنيها إلى أوطانهم، مع إخضاع البالغين منهم للمحاسبة القانونية أو برامج إعادة التأهيل عند الحاجة، ودمج الأطفال اجتماعيًا وتربويًا.

ويلفت إلى أنه من الضروري استمرار العمليات الأمنية والنشاط الاستخباراتي لاحتواء ومحاربة خلايا داعش النشطة، ومنع تنامي نفوذ التنظيم.

ويتوقع ألبرت فرحات أن يتم التوافق خلال مؤتمر نيويورك الدولي حول مخيم الهول على خارطة طريق أممية لإغلاق أو تفكيك المخيم بطريقة آمنة وإنسانية، بما يشمل إعادة الرعايا الأجانب إلى بلدانهم أو إيجاد بدائل محلية ودولية لاحتجازهم.

ويقول “من المتوقع أن يتم تعزيز التعاون الدولي لدعم جهود العراق وسوريا في التعامل مع الملف، ورفع العبء عن الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية، بالإضافة إلى تشجيع الدول المعنية على تحمّل مسؤولية رعاياها في المخيمات، واتخاذ قرارات حاسمة بشأن إعادتهم أو محاكمتهم ضمن الأطر القانونية الدولية.”

وكان مستشار الأمن القومي العراقي قاسم أعرجي أكد الأحد، خلال استقباله القائم بالأعمال الأميركي الجديد لدى العراق جوشوا هاريس، على ضرورة حث الدول على سحب رعاياها من مخيم الهول السوري، مشددا على “أهمية دور القائم بالأعمال الأميركي في تقريب وجهات النظر بين البلدين وتذليل العقبات والتحديات التي تواجه جهود الدولتين في ترصين دعائم الاستقرار في المنطقة.”

من جانبه أكد هاريس أن “حكومة بلاده تدعم جهود الحكومة العراقية في تحقيق السلام من خلال الحوار والدبلوماسية والحنكة السياسية التي قدمتها خلال الفترة الماضية،” مبيناً أن “بلاده تدعم الشراكة مع العراق وفي جميع المجالات، وكذلك جهود العراق مع المجتمع الدولي لإنهاء ملف مخيم الهول.”

2