هل يقبل المغرب صيغة الاتحاد الأوروبي لتفعيل اتفاقية الصيد البحري

الاتحاد الأوروبي يصنف المنتجات القادمة من الصحراء المغربية على أنها من "منطقة المنشأ".
الأربعاء 2025/10/01
المغرب شريك مهم لأوروبا

الرباط - كشف تقرير لمنصة “أوراكتيف”، الأوروبية عن تحرك جديد من الاتحاد الأوروبي لتفعيل اتفاقية الصيد البحري مع المغرب، بعد إلغائها من طرف محكمة العدل الأوروبية أواخر العام الماضي.

واعتبر الاتحاد الأوروبي أن الاتفاقية تشمل إقليم الصحراء الذي لا يزال متنازعا عليه، متبنيا في اتفاق “مؤقت” مع المغرب، صيغة تنص على تصنيف المنتجات القادمة من الصحراء المغربية على أنها من “منطقة المنشأ” (منطقة الصحراء) بدل أن تُدرج كمنتجات مغربية، فيما ستظل جميع الوثائق الرسمية وشهادات المطابقة تحت إشراف السلطات المغربية.

وتأتي تلك الخطوة قبل ثلاثة أيام من دخول أحكام محكمة العدل الأوروبية حيز التنفيذ والتي تستبعد المنتجات القادمة من الصحراء من الاتفاقات التي أبرمها الاتحاد الأوروبي مع المغرب.

خالد شيات: يجب أن تشمل الاتفاقية جميع التراب المغربي
خالد شيات: يجب أن تشمل الاتفاقية جميع التراب المغربي

 وبحسب ما جاء في التقرير، فإن بروكسيل تعتمد في محاولتها الجديدة على “صيغة وسطية” لتفادي صدام مباشر مع المغرب، مع محاولة الامتثال شكليا للحكم القضائي، وهي الصيغة التي تنص على تصنيف المنتجات القادمة من الصحراء المغربية على أنها من “منطقة المنشأ” (الأقاليم الجنوبية) بدل أن تُدرج كمنتجات مغربية، فيما ستظل جميع الوثائق الرسمية وشهادات المطابقة تحت إشراف السلطات المغربية، وأن الاتحاد الأوروبي يحاول بهذه الصيغة تلبية متطلبات المحكمة الأوروبية دون المساس بالسيادة المغربية على الصحراء.

وأكدت “أوراكتيف”، أن “الاتحاد الأوروبي يريد أن يظهر التزامه بحكم المحكمة، لكنه في الوقت ذاته يسعى للحفاظ على مصالحه التجارية مع المغرب، أكبر شريك له في المنطقة، مستدركا أن هذه الصيغة قد لا تقبل بها الرباط، ومشيرا إلى أن المغرب سبق وأن شدد في مناسبات عدة على أن سيادته على الصحراء غير قابلة للنقاش، وقد يعتبر أن أي محاولة لإعادة تعريف المنتجات أو الموارد هي “مساس بالسيادة الوطنية.”

وأكد خالد شيات أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية، أنه “لطالما وجد المغرب في وضع صعب أمام الأوروبيين بسبب التعقيدات القانونية والدعاوى القضائية التي تدعمها الجزائر وجبهة بوليساريو ضده داخل المحاكم الأوروبية.”

وشدد في تصريح لـ”العرب”، على أن “إبرام اتفاقات تخص الصيد البحري مع دول أخرى على غرار روسيا واليابان لا يلغي إمكانية استمرار التعاون مع الأوروبيين، بل قد يسهم في الضغط على الاتحاد الأوروبي لتحسين شروط التعاون القائم في احترام تام لسيادة المملكة على جغرافيتها من الشمال حتى الجنوب.”

ولفت خالد شيات، إلى “ضرورة أن تشمل الاتفاقية جميع التراب المغربي، حيث تبين بعد القرار الصادر عن المحكمة أن أكثر من 20 دولة أوروبية أبدت رغبتها في تعزيز علاقتها مع المغرب والاستعداد لتمثيل التعاون بشكل فعال مع المملكة، وأن موقف باريس ومدريد الثابت بشأن قضية الصحراء المغربية سيساعد الرباط وباقي الدول الأوروبية على تجاوز معيقات التعاون، مما يجعل أيّ قرار على مستوى المحاكم الأوروبية أقل تأثيرا ويخدم مستقبل الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي.”

 ومن المقرر أن يناقش ممثلو دول الاتحاد الأوروبي توصية المفوضية الأوروبية الموافقة على اتفاق تجاري جديد مع المغرب، يشمل الصحراء المغربية، اليوم الأربعاء في بروكسل، حيث تقترح المفوضية اتفاقًا “مؤقتًا” مع المغرب، وهو ما يمثل كسبًا للوقت بالنسبة للاتحاد الأوروبي، بينما تشير وثيقة المفوضية إلى أن الاتحاد الأوروبي ملتزم بالتنمية المستدامة لإقليم الصحراء.

وفي إطار المشاورات الثنائية المستمرة بين الطرفين، التقى رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش، برئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، الأسبوع الماضي في نيويورك.

إبرام اتفاقات تخص الصيد البحري مع دول أخرى قد يسهم في الضغط على الاتحاد الأوروبي لتحسين شروط التعاون القائم في احترام تام لسيادة المملكة

وبحث الجانبان العلاقات المتينة التي تجمع بين المغرب والاتحاد الأوروبي في العديد من المجالات، كما بحث أخنوش وفون دير لاين السبل الكفيلة لتعزيز الشراكة الإستراتيجية بين الجانبين.

ويعتبر هذا التحرك، حسب “أوراكتيف”، استكمالا لمسلسل طويل من المفاوضات بين الطرفين منذ صدور الحكم الأوروبي في أكتوبر 2024، حيث ألزمت المحكمة بروكسل بتعديل اتفاقيات الصيد والزراعة الخاصة بالمغرب والتي تشمل إقليم الصحراء، وأن الصيغة الوسطية تشمل وضع تسمية عامة للمنتجات القادمة من الصحراء، دون تحديد دولة المنشأ الرسمية، مع ترك إمكانية إدارة الوثائق والاعتمادات الفنية للمغرب، مشيرة إلى أن خبراء القانون الدولي يحذرون من أن هذه الصيغة قد تُعتبر مخالفة جزئية للحكم القضائي.

وسجل المسؤولون المغاربة أن هناك إجراءات عملية تعاكس فعليا التزام الاتحاد الأوروبي بالشراكة مع المغرب الذي ينتظر اقتراحات وإجراءات عملية للإجابة عن التساؤلات والتحديات التي تواجهها هذه الشراكة، كما أن موقف المغرب واضح وينطلق من الخطاب الملكي بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء، والذي أكد فيه العاهل المغربي الملك محمد السادس أنه “لا شراكات على حساب الوحدة الترابية والسيادة الوطنية للمملكة المغربية.”

ويعد المغرب الشريك الاقتصادي والتجاري الأول للاتحاد الأوروبي في أفريقيا، بمبادلات تجارية تتجاوز 60 في المئة من الحجم الإجمالي للمبادلات.

وفي عام 2018، وقع الاتحاد الأوروبي والمغرب اتفاقًا في شكل تبادل رسائل لتعديل البروتوكولات رقم 1 و4 من اتفاقية الشراكة، مما يسمح باستيراد البضائع من الصحراء المغربية بأسعار تفاضلية، وكانت محكمة العدل الأوروبية رفضت كل الطعون التي تقدمت بها المفوضية الأوروبية للدفاع عن الاتفاقيتين، وقد كشفت تقارير أوروبية إلى أن الاتحاد الأوروبي يبقى هو نفسه المتضرر من إلغاء الاتفاقية التجارية مع المغرب، خاصة اتفاقية الصيد البحري.

2