نوبل للسلام تكرّم نضال المعارضة الفنزويلية
أوسلو ـ في لحظة فارقة من تاريخ فنزويلا، فازت زعيمة المعارضة ماريا كورينا ماتشادو بجائزة نوبل للسلام، لتتحول من صوت معارض إلى رمز عالمي للنضال السلمي من أجل الديمقراطية. الإعلان جاء من أوسلو، في العاشر من أكتوبر، ليضع فنزويلا في صدارة المشهد الدولي، لا بسبب أزمتها الاقتصادية أو صراعاتها السياسية، بل بفضل امرأة قررت أن تقاوم بصوتها لا بسلاحها.
وقالت لجنة نوبل النرويجية في بيانها إن ماتشادو نالت الجائزة “لعملها الدؤوب في تعزيز الحقوق الديمقراطية لشعب فنزويلا، ولنضالها من أجل تحقيق انتقال عادل وسلمي من الديكتاتورية إلى الديمقراطية”. وأضافت اللجنة: “عندما يستولي المستبدون على السلطة، يجب تكريم المدافعين الشجعان عن الحرية الذين ينهضون ويقاومون.”
هذا التكريم لا يأتي في فراغ، بل في عام طغت فيه تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المتكررة حول استحقاقه للجائزة، ما دفع مراقبين إلى اعتبار اختيار فنزويلا ردًا ضمنيًا على تلك التصريحات، وتأكيدًا على أن الجائزة لا تُمنح لمن يثير الجدل، بل لمن يصنع الأمل.
ماريا كورينا، التي واجهت الإقصاء السياسي والتهديدات، لم تتراجع عن موقفها. بل ظلت تردد أن الديمقراطية ليست رفاهية، بل ضرورة إنسانية. في بلد يعاني من التضخم المفرط، وانهيار الخدمات، وهجرة الملايين، كانت هي الوجه الذي يصر على أن التغيير ممكن دون عنف.

ويقول مراقبون إن منح الجائزة لماتشادو يحمل رسالة مزدوجة: دعم واضح للمعارضة الفنزويلية، وتذكير بأن السلام لا يعني غياب الحرب فقط، بل وجود العدالة والكرامة السياسية.
ومن المقرر تسليم الجائزة، التي تبلغ قيمتها 11 مليون كرونة سويدية (حوالي 1.2 مليون دولار)، في أوسلو في العاشر من ديسمبر، وهو التاريخ الذي يصادف ذكرى وفاة ألفريد نوبل، مؤسس الجوائز، الذي أوصى بأن تُمنح لمن “يعمل على تقليص الجيوش، ونشر الأخوة بين الشعوب”.
في هذا السياق، تبدو ماريا كورينا تجسيدًا حيًا لوصية نوبل. فهي لم تحمل سلاحًا، بل رفعت صوتًا. لم تهاجم، بل دافعت. لم تساوم، بل صمدت. وبينما تتجه الأنظار إلى أوسلو، تتجه القلوب إلى كاراكاس، حيث لا تزال الديمقراطية حلمًا مؤجلًا، لكنه بات اليوم أقرب مما كان عليه بالأمس.