نزع أسلحة الفلسطينيين لا يغطي على الفشل مع حزب الله

المسار التصاعدي في تسليم السلاح الفلسطيني من المخيمات يضع إرادة الدولة اللبنانية أمام اختبار حقيقي في تطبيق هذا النموذج داخل الجنوب اللبناني.
الأحد 2025/09/14
شاحنات محملة بالأسلحة تغادر مخيم البداوي

بيروت- تسلّم الجيش اللبناني السبت دفعة جديدة من أسلحة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية من مخيمي عين الحلوة في الجنوب والبداوي في الشمال، استكمالا لعملية بدأها في أغسطس. لكنّ أوساطا سياسية لبنانية تقول إن السلاسة في نزع أسلحة الفلسطينيين لا تخفي العجز عن تحقيق اختراق واضح في أسلحة حزب الله بالرغم من وجود قرار حكومي رسمي.

وأورد الجيش في بيان أنه تسلّم “حمولة 5 شاحنات أسلحة من مخيم عين الحلوة – صيدا و3 شاحنات من مخيم البداوي – طرابلس“.

وأضاف “شملت عملية التسلُّم أنواعا مختلفة من الأسلحة والقذائف والذخائر الحربية“.

وانتشرت آليات وعناصر الجيش اللبناني في محيط مخيم عين الحلوة الواقع قرب مدينة صيدا جنوب بيروت.

وينظر إلى تسليم السلاح الفلسطيني كاختبار حقيقي لإرادة الدولة في فرض سيادتها الكاملة وهو ما يضع حزب الله، الذي يحتفظ بترسانة عسكرية كبيرة خارج سيطرة الدولة، في موقف ضاغط، إذ أن أيّ نجاح في تطبيق هذا النموذج داخل المخيمات، خصوصا في الجنوب حيث النفوذ السياسي للحزب واسع، قد يستخدم لاحقا للمطالبة بوضع سلاح الحزب تحت إشراف الدولة، أو على الأقل فتح نقاش جدي حول مستقبل هذا السلاح في ظل التفاهمات الإقليمية والدولية الجديدة.

وفي الوقت الذي تشدد فيه الدولة قبضتها على المخيمات وتظهر قدرتها على فرض هيبتها بالتعاون مع الطرف الفلسطيني، تبدو المعادلة السياسية الداخلية مقبلة على مرحلة دقيقة، فإذا استمر هذا المسار التصاعدي في تسليم السلاح من المخيمات، وأُنجز بشكل هادئ ومنظّم، فإن السؤال التالي الذي سيطرح على الطاولة هو: لماذا لا يطبّق الأمر نفسه على باقي القوى المسلحة؟ ومن الطبيعي أن يكون حزب الله المعني الأول بهذا السؤال، سواء من قبل خصومه السياسيين أو من قبل المجتمع الدولي.

◄ إذا استمر تسليم السلاح من المخيمات، فإن السؤال التالي الذي سيطرح: لماذا لا يطبّق الأمر نفسه على حزب الله وبنفس السلاسة

ويعدّ مخيّم عين الحلوة أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، ويؤوي مطلوبين لدى السلطات اللبنانية.

وفي مخيم البداوي قرب مدينة طرابلس، شاهد مصوّر فرانس برس ثلاث شاحنات على الأقلّ مغطاة وهي تخرج من مدخل المخيم حيث رافقتها آليات للجيش اللبناني.

وأكد مدير العلاقات العامة والإعلام في قوات الأمن الفلسطيني في لبنان عبدالهادي الأسدي تسليم الأسلحة.

وقال في بيان إن “قوات الأمن الوطني استكملت السبت.. عملية تسليم دفعات جديدة من السلاح الفلسطيني، التابع لفصائل منظمة التحرير الفلسطينية“.

وأضاف “جرى تسليم خمس شاحنات من مخيم عين الحلوة وثلاث شاحنات من مخيم البداوي إلى الجيش اللبناني“.

وشكّل سلاح الفصائل الفلسطينية عنصرا أساسيا في اندلاع الحرب الأهلية في لبنان (1975 – 1990).

وبناء على اتفاق ضمني، تتولى الفصائل الفلسطينية مسؤولية الأمن داخل المخيمات التي يمتنع الجيش اللبناني عن دخولها.

وتأتي عملية التسليم السبت استكمالا لخطة بدأ تنفيذها في 21 أغسطس بعدما أقرها الجانبان اللبناني والفلسطيني خلال زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس إلى بيروت في مايو.

وسبق للجيش أن تسلّم في أغسطس أسلحة من مخيمات للاجئين الفلسطينيين في بيروت وفي جنوب لبنان.

عبدالهادي الأسدي: جرى تسليم خمس شاحنات من مخيم عين الحلوة وثلاث شاحنات من مخيم البداوي إلى الجيش اللبناني

وتعدّ حركة فتح أبرز مكونات منظمة التحرير التي لا تضمّ حركة حماس والجهاد الإسلامي. ولم تعلن الفصائل غير المنضوية في منظمة التحرير مثل حماس والجهاد بعد عن تسليم أيّ سلاح للجيش اللبناني.

كما لا تتحكّم السلطة الفلسطينية بقرار كافة الفصائل الفلسطينية المسلّحة في مخيمات لبنان، وعلى رأسها حركة حماس.

ويسكن في هذه المخيمات اليوم حوالي 200 ألف شخص، من بينهم بضعة آلاف من أعضاء فصائل مسلحة متعددة ذات انتماءات سياسية متنوعة، وبشكل أساسي في المخيمات الأكبر والأكثر كثافة سكانية قرب صيدا وصور وطرابلس، إضافة إلى مخيمات في منطقة بيروت وسهل البقاع.

وأعلنت لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني التابعة لرئاسة الوزراء والتي تتابع عملية تسلّم الأسلحة في بيان السبت، أنها تواصل “لقاءاتها مع مختلف الفصائل الفلسطينية، بما فيها حركة حماس والجهاد الإسلامي، في إطار متابعة أوضاع المخيمات والتأكيد على التوجه الثابت للدولة اللبنانية ببسط سيادتها على كامل أراضيها“.

وفي سياق متصل، وضع الجيش اللبناني خطة لتنفيذ قرار نزع سلاح حزب الله الذي اتخذته الحكومة في أغسطس.

وتنصّ الخطة على استكمال نزع السلاح من المنطقة الحدودية مع إسرائيل في غضون ثلاثة أشهر، وهي تتألف من خمس مراحل لحصر السلاح بيد الأجهزة الرسمية، كما أعلن وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي لفرانس برس الثلاثاء.

وتضع الحكومة اللبنانية قرارها في إطار الوفاء بالتزاماتها باتفاق وقف إطلاق النار الذي أبرم في 27 نوفمبر وأنهى حربا دامية بين حزب الله وإسرائيل، خرج منها الحزب أكثر ضعفا بعدما خسر جزءا كبيرا من ترسانته العسكرية وقادته.

وخلال الحرب الأخيرة مع إسرائيل التي استمرت أكثر من عام، شاركت فصائل فلسطينية بينها حماس بإطلاق صواريخ من جنوب لبنان باتجاه إسرائيل. واستهدفت إسرائيل مرارا عناصر في تلك الفصائل بضربات شنتها على مناطق عدة في لبنان بما في ذلك مخيم البداوي.

1