مونديال الشباب: أسود الأطلس متحفزون لكتابة التاريخ من بوابة فرنسا

محمد وهبي يرفع راية التحدي لبلوغ النهائي.
الأربعاء 2025/10/15
أرقام للتاريخ

تتجه أنظار عشاق كرة القدم المغربية والعالمية إلى ملعب سانتياغو الوطني في تشيلي، الذي سيحتضن القمة المرتقبة بين المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة ونظيره الفرنسي، برسم دور نصف نهائي كأس العالم للشباب. المباراة تعتبر موعدا كرويا تنتظره الملايين من الجماهير المغربية التي تعيش على إيقاع إنجاز غير مسبوق لهذا الجيل الذهبي من أشبال الأطلس.

الرباط - يواصل المنتخب المغربي للشباب، أقل من 20 عاما، كتابة واحدة من أجمل صفحات تاريخه الكروي، إذ يلتقي نظيره الفرنسي غدا الأربعاء على ملعب “إلياس فيجيروا براندر” في قبل نهائي كأس العالم تحت 20 عاما. تحمل المواجهة في طياتها رمزية خاصة، فهي ليست مجرد صراع من أجل بلوغ النهائي، بل فرصة لاستعادة ذكرى قبل نهائي 2022 بين المنتخبين على مستوى الكبار، حين فازت فرنسا 2 – 0 في مونديال قطر، لتتحول مباراة الشباب إلى موعد محتمل لرد الاعتبار.

وجاء تأهل “الأسود الصغار” بعد انتصار لافت على الولايات المتحدة الأميركية بثلاثة أهداف لهدف في دور الثمانية، ليكرر المنتخب إنجازه التاريخي في نسخة 2005 بهولندا عندما حل رابعا. هذا المسار الصاعد يعكس بوضوح نضج الجيل الجديد لكرة القدم المغربية، واستثمارا ناجحا في تكوين الفئات العمرية الذي بدأ يعطي ثماره على المستويين القاري والعالمي. أما المنتخب الفرنسي، فبلغ بدوره المربع الذهبي بفوزه على النرويج 2 – 1 بفضل تألق المهاجم سايمون بوابري، ليؤكد حضوره القوي في بطولات الشباب التي طالما كان فيها رقما صعبا.

سياق تنافسي

pp

مواجهة المغرب وفرنسا هذه المرة تأتي في سياق تنافسي مختلف، حيث يملك الفريق المغربي حافزا مضاعفا لكتابة التاريخ، وهو يدرك أن الوصول إلى النهائي سيجعله أول منتخب عربي وثالث أفريقي، بعد غانا ونيجيريا، يبلغ نهائي كأس العالم للشباب. ويدخل أشبال المدرب محمد وهبي المباراة بثقة عالية وروح جماعية لافتة. رفع محمد وهبي، مدرب منتخب المغرب للشباب تحت 20 عاما، راية التحدي بعد الوصول إلى قبل نهائي بطولة كأس العالم، المقامة حاليا في تشيلي.

وهبي، الذي صنع توليفة متجانسة من اللاعبين المحليين والمحترفين في أوروبا، شدد بعد الفوز على أميركا على أن “الفريق استعاد مبادئه التكتيكية وحافظ على رباطة جأشه رغم الضغوط الكبيرة في الشوط الأول”. وتعكس تصريحات المدرب فلسفته القائمة على الانضباط والوعي التكتيكي قبل أي شيء آخر، وهي العناصر التي مكنت الفريق من التعامل بذكاء مع إيقاع المباريات الكبرى. وسيغيب عن اللقاء الظهير الأيمن علي معمر بسبب الإيقاف، بينما سيحضر باقي العناصر الأساسية، وعلى رأسهم المتألق عثمان معما، وصانع الألعاب ياسين جسيم، وثنائي الدفاع الصلب إسماعيل بختي وإسماعيل باعوف. أما المدرب، فشدد على أن “هذه المجموعة متماسكة للغاية… عندما تلعب في كأس العالم، لا تحتاج إلى تحفيزهم أكثر من ذلك، فهم يعلمون أن بلدهم بأكمله يدعمهم، وحتى الملك يدعمهم”.

منذ انطلاقة البطولة، اعتبر المنتخب المغربي مفاجأة المونديال بفضل منظومته الجماعية المتكاملة وفهم لاعبيه العميق لخطة اللعب. ففي مباراة الولايات المتحدة، ورغم فترات الضغط، أظهر الفريق قدرة عالية على التنظيم الدفاعي وتنفيذ الهجمات المرتدة في التوقيت المثالي، مما منحه أفضلية تكتيكية واضحة. الروح الجماعية والتفاهم داخل الملعب كانا أبرز سمات الأداء المغربي، إذ بدت التحركات منسجمة ومتناسقة، سواء في التغطية الدفاعية أو في بناء الهجمات. على مستوى الأطراف، برز ياسين جسيم كمحرك رئيسي بمهاراته الفردية وقدرته على خلق التوازن بين الجانبين الهجومي والدفاعي، فيما قدم لاعبو الخط الخلفي نموذجا في الصلابة والانضباط.

الآن، يقف “الأسود الصغار” على بعد خطوة واحدة من المجد. مواجهة فرنسا ستكون اختبارا جديدا للروح والإصرار، لكنها أيضا فرصة ليكتب هذا الجيل قصته الخاصة، بعيدا عن ظلال الماضي، وليؤكد أن الحلم المغربي في كرة القدم العالمية لم يعد حلما بعيد المنال، بل واقعا يتشكل بثقة وجيل جديد لا يعرف المستحيل.

أداء باهر

pp

يواصل نجم منتخب أشبال المغرب عثمان معما (20 عاما)، إبهار متابعي بطولة كأس العالم للشباب، المقامة حاليا في تشيلي، بعد أدائه الباهر ولمساته الساحرة، التي جعلت منه أحد اكتشافات هذه البطولة العالمية، إذ أثبتت مباراة أميركا الأحد في الدور ربع النهائي أن النجم الموهوب ليس مجرد لاعب عابر، بل موهبة نادرة تشق طريقها بثبات نحو العالمية. لكن ما لا يعرفه كثيرون أن عثمان معما، الموهوب بالفطرة، هو سليل عائلة رياضية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، فوالده عمر معما كان لاعبا في صفوف نادي اتحاد الخميسات، خلال ثمانينات القرن الماضي، قبل أن يهاجر إلى فرنسا بحثا عن حياة أفضل، بينما كانت عمته فاطمة معما بطلة المغرب في العدو الريفي خلال الفترة نفسها.

ولم يترك عثمان معما الفرصة تمر دون أن يترك بصمته في مونديال تشيلي بقوته الذهنية، ولمساته الفنية الخارقة، ومراوغاته الذكية، وهو ما لفت الأنظار إليه، بعدما كان أحد صُنّاع ملحمة التأهل إلى الدور نصف النهائي لكأس العالم للشباب، عقب الفوز على منتخب أميركا بثلاثة أهداف لهدف. كما لم يتأخر ناديه واتفورد عن الإشادة بمؤهلاته الفنية العالية، واعتبر تتويجه بجائزة أفضل لاعب أمام منتخب أميركا تقديرا لأدائه الرائع ومساهمته الفعالة في تأهل منتخب بلاده إلى نصف النهائي. ولن يتوقف طموح عثمان معما عند هذا الحد بكل تأكيد، فهو يأمل أن يواصل كتابة تاريخ منتخب المغرب للشباب في مونديال تشيلي، عبر بلوغ المباراة النهائية، قبل المنافسة على اللقب العالمي، لأول مرة في تاريخ الكرة المغربية والعربية.

11