موجة الحرائق اختبار لقدرة الحكومة السورية وحلفائها
قسطل معاف (سوريا)– تواصل فرق الدفاع المدني السورية السبت محاولات إخماد الحرائق المستمرة في محافظة اللاذقية لليوم الثالث على التوالي، في وقت بدأت فيه تركيا المجاورة بإرسال مروحيات وسيارات إطفاء للمساعدة. وتضع هذه الحرائق ضغوطا إضافية على نظام الرئيس أحمد الشرع وحلفائه من دول الإقليم مثل تركيا وقطر لإظهار مدى قدرتهم على دعم دمشق للخروج من الأوضاع الصعبة التي تعيشها.
واندلعت حرائق في أراض زراعية وغابات حرجية في بلدة قسطل معاف في ريف اللاذقية الشمالي قرب الحدود مع تركيا، ازدادت وتيرتها مع اشتداد سرعة الرياح.
ونزحت عائلات بأكملها من منازلها مع قليل من أغراضها، في وقت حلّقت مروحيات تحمل العلم التركي في سماء المنطقة، وتساعد في عمليات الإخماد مع الفرق السورية.
وجرت عمليات إخلاء لبعض الأحياء السكنية في المنطقة الجمعة. وأفادت وزارة الطوارئ وإدارة الكوارث السورية بأن فرقا من تركيا بدأت تقديم المساعدة صباح السبت “في إطار التنسيق الإقليمي لمواجهة الحرائق،” وشملت المساعدات طائرتين وثماني سيارات إطفاء وثلاث مركبات لإمدادات المياه.
وتكافح تركيا، أحد أبرز داعمي السلطات السورية الجديدة، حرائق اندلعت في أراضيها خلال الأيام الأخيرة، بما في ذلك في مناطق قريبة من الحدود السورية.
وأفاد الدفاع المدني السوري السبت عن إصابة أحد عناصره باختناق جراء تنشق الدخان، إضافة إلى احتراق “سيارة خدمة خلال عمليات فرق الإطفاء لإخماد الحرائق”.

وأوضحت الوزارة أن أكثر من 60 فريقا من الدفاع المدني السوري وفرقا أخرى تواصل التصدي للحرائق في مناطق عدة بمحافظة اللاذقية.
وأشارت إلى “ظروف صعبة جدا، مع انفجار لمخلفات الحرب والألغام،” واشتداد سرعة الرياح ودرجات حرارة مرتفعة، مضيفة أن التضاريس الجبلية تعيق جهود إخماد بعض الحرائق.
وبعد أكثر من ستة أشهر على الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد، لا تزال سوريا تعاني تداعيات نزاع استمر أكثر من عقد، ومنها مخلفات متفجرة منتشرة في مناطق واسعة من البلاد.
ومع ارتفاع نسبة الجفاف وحرائق الغابات في العالم نتيجة التغير المناخي الناجم عن النشاط البشري، تعرضت سوريا في السنوات الأخيرة لموجات حر شديدة وتراجع حاد في الأمطار وحرائق أحراج متكررة.
وكانت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) قد أفادت في يونيو بأن سوريا “لم تشهد ظروفا مناخية بهذا السوء منذ ستين عاما،” محذرة من أن الجفاف غير المسبوق يهدد أكثر من 16 مليون شخص بانعدام الأمن الغذائي.
ومنذ أيام تجتاح حرائق مساحات كبيرة في سوريا، خصوصا في المنطقة الساحلية، فيما يواجه عناصر الإطفاء صعوبات في السيطرة عليها بسبب سرعة الرياح وشدة الجفاف.
وأفاد مدير مديرية الكوارث والطوارئ في محافظة اللاذقية عبدالكافي كيال بأن الحرائق في منطقة قسطل معاف تمددت نحو قرى مأهولة، ما دفع فرق الإطفاء وعناصر الدفاع المدني لإخلائها.
وأصدر الدفاع المدني السوري المعروف بتسمية “الخوذ البيضاء” تحذيرا للسكان “من وصول انبعاثات الدخان المتصاعد إلى القسم الشمالي لجبال الساحل ومدينة حماة وريفها ومناطق جنوبي إدلب”.
وقال الدفاع المدني إن “فرقنا سجلت خسائر في حقول الأشجار المثمرة جراء الانتشار الكبير للحريق الحرجي بعدة مناطق من ريف اللاذقية،” داعيا السكان إلى “إبلاغ السلطات الأمنية عن الأشخاص الذين يتعمدون افتعال الحرائق في مناطق الأحراج”.
ومع تزايد احتمال الجفاف وحرائق الغابات عالميا بسبب أنشطة بشرية، تشهد سوريا منذ سنوات موجات حر وتراجعا في منسوب الأمطار وحرائق أحراج ضخمة.
وفي يونيو أفادت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) وكالة فرانس برس بأن سوريا “لم تشهد ظروفا مناخية بهذا السوء منذ 60 عاما،” مشيرة إلى أن جفافا غير مسبوق سيجعل أكثر من 16 مليون شخص عرضة لانعدام الأمن الغذائي.

وقال كيال “هناك جملة من التحديات تعيق عمليات الإخماد أبرزها: انتشار الألغام والمقذوفات غير المنفجرة في المنطقة، إلى جانب صعوبة الوصول إلى بؤر النيران، وسرعة الرياح التي ساهمت في انتقال الحرائق إلى أحراج جديدة”.
وقالت “سانا” إن “فرق الهلال الأحمر العربي السوري تواصل جهودها الإغاثية للأسر المتضررة من الحرائق التي امتدت إلى بساتينهم ومصدر رزقهم في بلدات بيت صبيرة، الميدلن، وبيت حسيت”.
كما “أعلنت الفرق الطبية التابعة للمنظمة عن جاهزيتها الكاملة لتقديم الإسعافات الأولية، ولاسيما الحالات الناتجة عن الاختناق أو الإصابات المباشرة جراء الحرائق،” وفق الوكالة.
والجمعة، قال وزير الطوارئ وإدارة الكوارث السوري رائد الصالح “مع اشتداد الرياح وارتفاع درجات الحرارة، شهدت منطقة قسطل معاف، توسعا في رقعة حرائق الغابات،” وفق “سانا”.
وأكد الوزير أن “فرق الإطفاء تواجه صعوبات كبيرة بسبب وعورة تضاريس المنطقة، وعدم وجود تأهيل للغابات والطرقات، وبُعد مناهل التزود بالمياه، إضافة إلى أن وجود مخلفات حرب وألغام مع زيادة نشاط سرعة الرياح وارتفاع درجات الحرارة يتسبب في إعادة اشتعال النيران”.
وتشهد مناطق في ريف اللاذقية حرائق بحلول فصل الصيف، جراء ارتفاع درجات الحرارة وكثافة الأشجار في تلك المنطقة وسرعة الرياح، ما يصعّب إخمادها.