منح واشنطن حماس هامشا لإدارة الأمن في غزة: اعتراف أم فخ

الضوء الأميركي اختبار لمدى قدرة الحركة لكنه قد يمهد لحرب أهلية.
الثلاثاء 2025/10/14
ترامب يراهن على حماس لفرض النظام

غزة - أشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى أن حركة حماس حصلت على ضوء أخضر للقيام بالعمليات الأمنية الداخلية التي تقوم بها في قطاع غزة، قائلا إن الحركة تريد “وقف المشاكل” و”أعطيناهم الموافقة لفترة من الوقت“.

ويثير التغيير في لهجة ترامب تجاه حماس من التهديد والوعيد إلى التفهم ومنحها هامشا للتحرك التساؤل حول نية الرئيس الأميركي من وراء ذلك، هل تفهم لدورها ومكافأة على الليونة التي أبدتها خلال استجابتها لخطته بشأن الحل في غزة وسرعة تسليم الرهائن، أم أن الأمر قد يكون فخا لدفعها إلى التورط في حرب أهلية فلسطينية – فلسطينية من الصعب السيطرة عليها، وإظهارها في صورة الطرف الذي لم يعد مقبولا داخليا وإقليميا ودوليا.

في الجانب الإيجابي، يمكن أن يفهم حديث ترامب العلني عن منح حماس فرصة، ولو مؤقتة، للسيطرة على الوضع الأمني لحين اكتمال صيغة انتقال الحكم وفق الخطة الجديدة، على أنه اعتراف بأن الحركة هي الطرف الوحيد المنظم، الذي يمكن الرهان عليه لمنع حصول انفلات أمني وعمليات انتقام وفرض أمر واقع على مناطق بعينها واحتكار المساعدات في غياب سلطة قوية على الأرض.

ويرى مراقبون أن الرئيس الأميركي تصرف ببراغماتية لضمان استقرار الأوضاع في القطاع بشكل يساعد على تنفيذ خطته دون مشاكل أمنية وفي ظل قبول فلسطيني وإسرائيلي بها، وأن موقفه من مصير حماس لم يتغير، كما توضحه الخطة، بمنع أيّ دور لها في شكل الحكم الجديد، ولاحقا البحث عن صيغ لنزع سلاحها حتى لا تهدد الاستقرار السياسي الذي جددت معالمه الخطة التي قادت إلى وقف إطلاق النار بشكل دائم.

الرئيس الأميركي تصرف ببراغماتية لضمان استقرار الأوضاع في القطاع بشكل يساعد على تنفيذ خطته دون مشاكل أمنية وفي ظل قبول فلسطيني وإسرائيلي

في الجانب السلبي، فإن تمكين حماس من إدارة الملف الأمني لفترة غير محددة زمنيا يمكن أن يتحول إلى فخ لها وللقطاع ككل، فالحركة، التي فقدت الكثير من قوتها، تسعى إلى الظهور بأنها ما تزال القوة الرئيسية في غزة، وأنها قد تقابل أيّ تحدّ بردّ فعل عنيف كما حدث يوم الأحد.

وما يثير المخاوف أن عنف حماس ضد من تسميهم العصابات قد يدفع إلى توسيع المواجهة خاصة أن المسلحين الذين واجهتهم الأحد ينتمون إلى العشائر، التي قد تنزل بثقلها في المواجهات لتقديم نفسها كبديل محتمل لحماس، وخاصة للحفاظ على مصالحها في المرحلة القادمة سواء بصيغة إدارة خارجية، كما هو مطروح الآن، أو تحت قيادة تكنوقراط فلسطينية تقف وراءها حماس أو السلطة الفلسطينية.

ويشير المراقبون إلى أن الضوء الأخضر الأميركي لاستلام الملف الأمني مؤقتا سيكون اختبارا لحماس المنهكة من الحرب وهل لديها القدرة على تأمين الوضع في غزة مع كثرة الطامحين لملء الفراغ ومنهم العشائر والمجموعات المسلحة التي برزت خلال الحرب بالتنسيق مع إسرائيل، التي لا شك أنها لن تسمح لحماس بتفكيك الشبكات التي كانت قد وضعتها.

ونشرت حماس، التي يتعين نزع سلاحها وإنهاء حكمها لغزة بموجب اقتراح ترامب لإنهاء الحرب، قوات أمن داخلية في أجزاء من قطاع غزة منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ يوم الجمعة، قائلة إنها تهدف إلى وقف الفوضى والنهب ومنع حدوث فراغ أمني.

وردا على سؤال من أحد الصحافيين على متن الطائرة الرئاسية حول التقارير التي تفيد بأن حماس تقوم بتأسيس قوات شرطة وتطلق النار على خصومها، قال ترامب “إنهم يريدون بالفعل وقف المشاكل، وقد كانوا منفتحين بشأن ذلك، ومنحناهم موافقة لفترة من الوقت“.

وأضاف “لديك ما يقرب من مليوني شخص يعودون إلى المباني التي تم هدمها، ويمكن أن تحدث الكثير من الأشياء السيئة. لذلك نريدها أن تكون آمنة. أعتقد أن الأمور ستكون على ما يرام. من يدري على وجه اليقين“.

مساحات شاسعة من قطاع غزة تحولت إلى أرض قاحلة خلال الحرب التي أشعلتها هجمات قادتها حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023

وتحولت مساحات شاسعة من قطاع غزة إلى أرض قاحلة خلال الحرب التي أشعلتها هجمات قادتها حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023.

واشتبكت قوات الأمن التابعة لحماس مع أفراد إحدى العشائر في مدينة غزة خلال اليومين الماضيين.

وأصدرت وزارة الداخلية التابعة لحماس بيانا الأحد عرضت فيه العفو عن أشخاص قالت إنهم انضموا إلى عصابات خارجة عن القانون مسؤولة عن سرقة المساعدات الإنسانية والنهب بشرط عدم التورط في إراقة الدماء.

لكن ما يلاحظ أن حماس تعمدت الرد بقوة خلال الاشتباكات لإظهار الحزم من جهة، ومن جهة ثانية، تأكيد أنها الطرف الذي لا يمكن استثناؤه أو تهميشه في المرحلة القادمة مع عرض تخليها عن الحكم والتحرك من وراء الستار.

وقال مسؤول أمني الاثنين إن قوات أمنية تابعة لحركة حماس قتلت 32 من أفراد “عصابة” في مدينة غزة في حملة بدأت بعد سريان وقف إطلاق النار يوم الجمعة.

وأضاف المسؤول أن ستة من أفراد قوات الأمن لقوا حتفهم أيضا في أعمال العنف.

وقال العملية الأمنية استهدفت “إحدى العصابات الخطيرة التابعة لإحدى العائلات في مدينة غزة، والتي أسفرت عن مقتل 32 عنصرا إجراميا وإصابة 30 آخرين وتوقيف 24 منهم، بينما استشهد 6 من رجال الأمن الأبطال أثناء أدائهم واجبهم الوطني، وإصابة 3 آخرين. كما تمت مصادرة جميع الأسلحة والمضبوطات التي كانت بحوزة تلك العصابات وتسليمها للجهات المختصة“.

1