"ملاذ".. إبداع فنانين عمانيين في بينالي البندقية بين الأصالة والحداثة

المعرض يفتح آفاقه أمام جيل جديد من المبدعين العمانيين في فن الفيديو بما يعكس دعم الفعالية للمواهب الناشئة.
الأحد 2025/09/28
تجارب معاصرة توثق الذاكرة الجمعية

نزوى (سلطنة عمان) – في العام 2024 قدم فنانون عمانيون تصاميم وأعمالا فنية ملفتة ضمن جناح السلطنة في بينالي البندقية الذي حمل حينها عنوان “ملاذ”، وجسّد فكرة المأوى أو الحماية، بما يعكس التاريخ العُماني كأرض استقبلت عبر العصور مزيجا من الثقافات والحضارات.

تناول المعرض موضوع الهوية، والانتماء، والتعدد الثقافي من خلال رؤية فنية معاصرة تستلهم من التراث العُماني، كما تفاعل مع الموضوع العام لبينالي البندقية الذي جاء بعنوان “غرباء في كل مكان”، ساعيا إلى استكشاف العلاقة بين الفرد والمكان، والذاكرة الجماعية، وكيف يمكن للفن أن يكون مساحة للحوار مع الآخر والانفتاح عليه.

وأشرفت الفنانة العُمانية عالية الفارسي على تنسيق المعرض، إلى جانب مشاركتها كفنانة. وشارك في المعرض عدد من الفنانين العُمانيين المميزين مثل علي الجابري، سارة العلاقي، أدهم الفارسي وعيسى المفارجي، حيث قدم كل منهم رؤيته الخاصة لفكرة “الملاذ”، مستلهمين من البيئة العُمانية والثقافة المتعددة.

ويستضيف مركز نزوى الثقافي هذا المعرض الفني، وذلك خلال الفترة من الأول إلى الثامن عشر من أكتوبر المقبل، في إطار الإستراتيجية الثقافية لوزارة الثقافة والرياضة والشباب الرامية إلى دعم الفنون باعتبارها رافدا للتنمية الثقافية وبناء مجتمع مبدع ومعتز بهويته، وقادر على الانفتاح على التجارب العالمية.

دعم الفنون باعتبارها رافدا للتنمية الثقافية وبناء مجتمع مبدع ومعتز بهويته
دعم الفنون باعتبارها رافدا للتنمية الثقافية وبناء مجتمع مبدع ومعتز بهويته

تشكل الفعالية منصة للإبداع والحوار الجمالي، ومساحة لتلاقي التجارب المعاصرة التي توثّق الذاكرة الجمعية وتواكب تحولات الحاضر، كما تمنح الزوار فرصة الاطلاع على مقاربات فنية تجمع بين الأصالة والحداثة وتبرز قدرة الفنون على مدّ جسور التواصل الإنساني.

وتحتفي فعالية “ملاذ” بالفنانين الذين مثّلوا سلطنة عُمان في جناحها الوطني ببيينالي البندقية للفنون 2024، حيث تقدّم الفنانة عالية الفارسية، القيّمة على الجناح، أعمالا تنطلق من الذاكرة البصرية العُمانية في حوار مع القيم الجمالية العالمية، فيما يعرض الدكتور أدهم الفارسي أعمالا تستحضر العلاقة بين الذاكرة والإنسان، وتقدّم سارة العلاقي تجربة تستكشف الحدود بين السرد والهوية، ويشارك الدكتور علي الجابري بأعمال تركيبية بصرية، إلى جانب الفنان عيسى المفارجي الذي يقدّم مقاربة معاصرة تثري مضمون الفعالية.

كما يفتح “ملاذ” آفاقه أمام جيل جديد من المبدعين العُمانيين في فن الفيديو، عبر مشاركة صفاء الفهدية وعبدالعزيز العبري وهاجر الحراصية، بما يعكس دعم الفعالية للمواهب الناشئة ومنحها منصة للتعبير عن رؤاها البصرية وتجاربها الإبداعية، إضافة إلى مشاركة الفنان محمد العطار بعمل تركيبي مدمج بعنوان “جمال المألوف الغريب”.

وتُعرض للمرة الأولى أمام الجمهور أعمال لعدد من روّاد الفن التشكيلي العُماني مثل أنور سونيا، ويوسف النحوي، وعبدالمجيد كاروه، بما يضيء على محطات بارزة في مسيرة التشكيل العُماني ويعكس ثراء المشهد الفني في السلطنة.

وأكد إبراهيم بن سيف بني عرابة، المدير العام المساعد للفنون والمشرف العام على الفعالية، أن تنظيم “ملاذ” في مركز نزوى الثقافي يجسّد مسارا وطنيا يرسّخ مكانة الفنون في المشهد الثقافي العُماني، ويترجم التوجهات الطموحة للوزارة نحو تعزيز الصناعات الإبداعية وتوسيع التفاعل المجتمعي مع الفنون.

وقال “إن ‘ملاذ’ يشكّل فضاء رحبا للقاء بين التجارب الفنية المتنوعة والجمهور، ومنصة تحتفي بالهوية العُمانية برؤى معاصرة تعكس انفتاح سلطنة عُمان على الحوارات الإنسانية والفكرية العالمية”، مضيفا أن المعرض يؤكد أن الفن ليس مجرد إنتاج جمالي، بل هو وسيلة للحوار الحضاري وبناء الجسور بين الثقافات، كما يشكّل إضافة نوعية للحراك التشكيلي الوطني ويعزّز حضور سلطنة عُمان الإبداعي محليا ودوليا بما يتناغم مع رؤيتها المستقبلية.

يذكر أن مشاركة سلطنة عمان في بينالي البندقية 2024 كانت الأولى في تاريخها، وأسهمت في التعريف أكثر بما تحتويه سلطنة عمان من كنوز وآثار مختلفة بما فيها فنون العمارة والتي بدأت منذ زمن بعيد وما زالت باقية وشاهدة حتى الآن.

وأوضح أن هذه المشاركة تأتي لتعزيز دور سلطنة عُمان كوجهة ثقافية رائدة عالميا ومدّ جسور التواصل بين مختلف شعوب العالم.

من أبرز عناصر المعرض تسليطه الضوء على العلاقة بين الطعام والهوية، حيث قُدم جزء فني يستعرض المطبخ العُماني كأداة ثقافية للربط بين الماضي والحاضر، وبين الأفراد والمجتمع. هذه الإضافة تعزز البعد الإنساني والتواصلي للمعرض، وتجعل من “ملاذ” تجربة حسية وثقافية متكاملة.

pp

9