مقتل الغماري أثمن صيد لإسرائيل في صفوف جماعة الحوثي

ضربة قاصمة للجماعة ومكسب سياسي لنتنياهو في فترة حرجة.
الجمعة 2025/10/17
رجل كألف بالنسبة إلى الحوثيين

إسرائيل التي تتخذ من الاغتيالات وسيلة أساسية ضمن تكتيكاتها الاستخباراتية والعسكرية في مقارعة أعدائها، تسجّل انتصارا جديدا على مكونات المحور الإيراني في المنطقة بنجاحها في قتل محمد عبدالكريم الغماري القيادي المرموق في المنظومة العسكرية لجماعة الحوثي.

صنعاء- مثّل مقتل محمّد عبدالكريم الغماري رئيس هيئة الأركان التابعة لجماعة الحوثي اليمنية ضربة مؤلمة للجماعة، ومثّل في المقابل إنجازا استخباراتيا وأمنيا كبيرا لإسرائيل ومغنما سياسيا لحكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المحتاج حاليا وأكثر من أي وقت مضى لانتصارات في حربه ضدّ أعداء الدولة العبرية، والتي لم تعد تحظى بإجماع كامل داخل المجتمع وبين الأوساط السياسية الإسرائيلية.

ويضيف مقتل القائد العسكري الحوثي إنجازا جديدا إلى رصيد حكومة نتنياهو التي جرى في عهدها القضاء على أبرز عناصر القيادة لحزب الله اللبناني وحركة حماس الفلسطينية، إضافة إلى عدد من القيادات الأمنية والشخصيات العلمية الإيرانية.

وتكمن أهمية الحدث الذي أعلنت عنه الجماعة بشكل رسمي الخميس في أهمية دور الغماري وموقعه في المنظومة الأمنية والعسكرية الحوثية حيث تصفه بعض المصادر المطلعة بأنّه القائد الميداني الأول للحوثيين وبأنّه شديد القرب من زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي وموضع ثقته.

وتوعدت إسرائيل مرارا وتكرارا باستهداف القيادات الحوثية ولم تنجح قبل إعلان مقتل الغماري سوى في اغتيال رئيس حكومة الجماعة أحمد الرهوي وعدد كبير من أعضاء حكومته في قصف جوي استهدف اجتماعا لهم في صنعاء أواخر أغسطس الماضي.

وجاء إعلان الحوثيين بعد أن كشفت هيئة البث العبرية في وقت سابق أن الغماري نجا من محاولة اغتيال إسرائيلية استهدفته خلال اجتماع سري في صنعاء، مشيرة إلى أنه ظل بعدها يعاني من إصابات خطرة.

وتعمّدت الجماعة في إعلانها عن مقتل القيادي في صفوفها إبقاء الغموض على زمان ومكان مقتله مكتفية بالقول إنّه قتل إثر غارات أميركية – إسرائيلية استهدفت اليمن خلال معركة إسناد قطاع غزة على مدى عامين.

وورد في بيان لقوات الحوثي أن “اللواء الركن محمد عبدالكريم الغماري استُشهد أثناء أداء واجبه مع بعض مرافقيه وولده الشهيد حسين،” البالغ من العمر ثلاثة عشر عاما.

ولم يذكر الحوثيون المزيد من التفاصيل بشأن مقتل الغماري الذي أُعلن خلال فترة هدوء في المواجهة مع إسرائيل بالتزامن مع سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين تل أبيب وحركة حماس منذ الجمعة الماضية.

وتابع البيان “ارتقى خلال هذا العدوان، ولمدة عامين من الإسناد، عدد كبير من الشهداء مدنيين وعسكريين من القوات البحرية والبرية والقوات الصاروخية ورئيس الوزراء ورفاقه الوزراء.”

وذكّر البيان بأن الحوثيين نفذوا 758 عملية ضد إسرائيل باستخدام 1835 ما بين صواريخ باليستية ومجنحة وفرط صوتية وطائرات مسيرة وزوارق حربية.

ويشغل الغماري منذ عام 2016 مهام رئاسة هيئة الأركان العامة للقوات الحوثية، ومُنِح رتبة عسكرية بدرجة لواء.

وفي يونيو الماضي كشف مصدر أمني إسرائيلي أن الغماري كان الهدف الرئيسي للهجوم الذي نُفذ في صنعاء، في أول استهداف إسرائيلي معلن لقيادي بارز في جماعة الحوثي.

واستهدف الهجوم المفاجئ اجتماعا لمجلس الجهاد التابع للحوثيين، بقيادة مهدي المشاط، الرجل الثاني في الجماعة الحوثية ورئيس المجلس السياسي الأعلى في صنعاء.

ومثلت الاغتيالات دائما جزءا أساسيا من تكتيكات إسرائيل في مقارعة أعدائها والصراع مع خصومها، وقد برعت في تنفيذها بدقة أجهزتها القوية بشكل لافت.

ويدفع اغتيال قيادات حوثية المواجهة بين الجماعة والدولة العبرية نحو مرحلة جديدة تحاول فيها تل أبيب خلخلة أسس السلطة الموازية التي تقيمها الجماعة على مناطق شاسعة من اليمن وذلك باستهداف هيكلها الحكومي وبنيتها العسكرية والإدارية بعد أن انخرط الجيش الإسرائيلي بالفعل في عمليات تدمير للمرافق الحيوية بما في ذلك المدنية، قصد تعقيد مهمّة الجماعة في بسط سلطتها على تلك المناطق والسيطرة على سكانها.

◄ أهمية الحدث من أهمية دور الغماري وموقعه المتقدم في منظومة الحوثيين الأمنية والعسكرية

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس في وقت سابق عبر تدوينة على منصة إكس إن “من يرفع يده على إسرائيل نقطعها.”

وشن الحوثيون منذ أواخر سنة 2023 هجمات على إسرائيل باستخدام صواريخ وطائرات مسيرة، إضافة إلى استهداف سفن مرتبطة بها أو متجهة نحوها، ويقولون إن هجماتهم تأتي ردا على الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة.

وتركّز القوات الإسرائيلية، في ردودها على قصف جماعة الحوثي لعدد من المواقع داخل إسرائيل، على استهداف المرافق والمنشآت الحيوية والبنى التحتية اليمنية المتهالكة أصلا، معمقة بذلك المصاعب المعيشية وسوء الخدمات الذي يعانيه سكان البلاد، لاسيما في مناطق سيطرة جماعة الحوثي.

ويعود ذلك إلى وجود قناعة لدى صانع القرار الأمني والعسكري للدولة العبرية بصعوبة القضاء على القوة العسكرية للحوثيين والحدّ من قدرتهم على استهداف إسرائيل بالصواريخ العابرة والطائرات المسيّرة.

وفي حين تبدو جماعة الحوثي الموالية لإيران قليلة الاكتراث بنتائج سلوكها على عيش السكان الواقعين ضمن سلطة الأمر الواقع التي تقيمها بالتوازي مع السلطة اليمنية المعترف بها دوليا في سبيل تحقيق أهداف إستراتيجية تتجاوز اليمن بحدّ ذاته وترتبط بمصالح طهران وسياساتها الإقليمية، تأمل تل أبيب في خلق المزيد من التعقيدات للجماعة في إدارة المناطق الخاضعة لها.

2